الفاسي قَائِلا: وَلَا أعرف مُسْتَندا بِهَذِهِ الْفَتْوَى ولعلها اجْتِهَاد. نعم مستندها فِي الْجُمْلَة الْمصَالح الْمُرْسلَة وارتكاب أخف الضررين. قَالَ: وَالْحَاصِل أَن تِلْكَ الْفَتْوَى مِمَّا تندرج بِالْمَعْنَى فِيمَا استثنوه من بيع الْوَقْف لتوسيع الْمَسْجِد وَنَحْوه اه. بِاخْتِصَار. قلت: وَتَأمل مَا قَالَه الْفَقِيه الصديني وَأَبُو زيد الفاسي مَعَ نقل ابْن رحال، جَوَاز البيع عَن اللَّخْمِيّ وَعبد الحميد وَنَصه: وَمن حبس عَلَيْهِ شَيْء وَخيف عَلَيْهِ الْمَوْت لمثل مجاعَة فَإِن الْحَبْس يُبَاع وَينْفق على الْمحبس عَلَيْهِ قَالَه اللَّخْمِيّ وَعبد الحميد. وَعلل اللَّخْمِيّ ذَلِك بِأَن الْمحبس لَو حضر لَكَانَ إحْيَاء النَّفس عِنْده أولى اه. بِاخْتِصَار. ثمَّ قَالَ: وَلَعَلَّ فَتْوَى البرقي حَيْثُ لَا يغلب على الظَّن الْهَلَاك إِن لم يبع اه. كَلَام ابْن رحال بِاخْتِصَار. وَفِي المعيار عَن العبدوسي أَنه يجوز أَن يفعل فِي الْحَبْس مَا فِيهِ مصلحَة مِمَّا يغلب على الظَّن حَتَّى كَاد يقطع بِهِ أَنه لَو كَانَ الْمحبس حَيا لفعله وَاسْتَحْسنهُ اه. وَذكر ابْن عَرَفَة عَن اللَّخْمِيّ فِيمَن حبست على ابْنَتهَا دَنَانِير وشرطت أَن لَا تنْفق عَلَيْهَا إِلَّا إِذا نفست قَالَ: ذَلِك نَافِذ فِيمَا شرطت وَلَو نزلت شدَّة بالابنة حَتَّى خيف عَلَيْهَا الْهَلَاك لأنفق عَلَيْهَا مِنْهَا لِأَنَّهُ قد جَاءَ أَمر يعلم مِنْهُ أَن المحبسة أَرغب فِيهِ من الأول اه. فَهَذَا كُله يُؤَيّد فَتْوَى ابْن مَحْسُود ويرجحها وَيدل على أَنَّهَا أولى بالاتباع وَالْعَمَل وَالله أعلم. الثَّانِي: مَا تقدم من أَن الْمُسْتَحق من يَده الْحَبْس لَا يرد الْغلَّة عَن الْمَذْهَب للشُّبْهَة مَحَله إِذا لم يكن الْمُسْتَحق من يَده يستغل ذَلِك من جِهَة الْوَاقِف بِإِرْث أَو وَصِيَّة، فَإِذا أوصى لشخص بِثُلثِهِ مثلا فاستغل ثمَّ ظهر بعد ذَلِك أَن الْمُوصي كَانَ أوصى لِلْمَسْجِدِ بِالثُّلثِ أَيْضا أَو بعرصة وفدان وَنَحْو ذَلِك، فَإِن الْمُوصى لَهُ يلْزمه كِرَاء مناب الْحَبْس من وَقت انتفاعه إِلَى وَقت ظُهُور الْوَصِيَّة لِلْمَسْجِدِ، وَكَذَا الْوَارِث إِذا استغل عقار الْمَيِّت زَمَانا ثمَّ قَامَ عَلَيْهِم نَاظر الأحباس بِالْوَصِيَّةِ أَو بِأَن ذَلِك الفدان حَبسه موروثهم وَنَحْو ذَلِك فَإِنَّهُ يلْزمهُم رد الْغلَّة قَالَه فِي المعيار عَن العبدوسي قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَة من اسْتحق من يَده ملك بالحباسة وَلم يعلم بهَا أَنه لَا يرجع عَلَيْهِ بالغلة على قَول ابْن الْقَاسِم وَبِه الْعَمَل اه. قَالَ الشَّيْخ الرهوني: وَوَجهه ظَاهر لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة طرُو وَارِث يَحْجُبهُ الطارىء. قَالَ فِي الْمُقدمَات: وَأما مَا لم يؤد فِيهِ ثمنا وَلَا كَانَ عَلَيْهِ فِي ضَمَان كالوارث يَرث ثمَّ يَأْتِي من هُوَ أَحَق مِنْهُ فَلَا اخْتِلَاف أَنه يرد الْغلَّة اه. وَلَا يُعَكر عَلَيْهِ مَا تقدم عَن (خَ) لِأَن المُرَاد بالوارث فِي كَلَامه وَارِث ذِي الشُّبْهَة أَو الْمَجْهُول أَو المُشْتَرِي من الْغَاصِب الَّذِي لم يعلم بغصبه كَمَا قَرَّرَهُ بِهِ شراحه، وَيدل لَهُ قَوْلهم الْخراج بِالضَّمَانِ وَلَا ضَمَان على الْمُوصى لَهُ وَلَا على الْوَارِث الْمَذْكُورين كَمَا تقدم عَن ابْن يُونُس.
وغيْرُ أصْلٍ عَادِمِ النَّفع صُرِفْ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ ثُمَّ وُقِفْ (و) حبس (غير أصل) كحيوان وَثيَاب من نَعته وَصفته (عادم النَّفْع) فِيمَا حبس عَلَيْهِ وَينْتَفع بِهِ فِي غَيره كفرس حبس على الْجِهَاد صَار بِحَيْثُ لَا ينْتَفع بِهِ فِيهِ وَلَكِن ينْتَفع بِهِ فِي الطَّحْن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute