وَكَذَا فِي الْكَبِير على الْمَذْهَب، وَلذَا لم يذكر فِي (خَ) الْفقر من مَوَاضِع الاعتصار، وَهَذَا كُله مَا لم يُصَرح فِي هِبته بِقصد الثَّوَاب وَالْأَجْر وإلَاّ فَلَا اعتصار كَمَا مرَّ. وَمَا اعْتِصَارٌ بيعُ شيءٍ قَدْ وُهِبْ منْ غَيْرِ إشْهَادٍ بهِ كَمَا يَجِبْ (وَمَا) نَافِيَة (اعتصار) خبر عَن قَوْله (بيع شَيْء قد وهب) وَالتَّقْدِير: وَمَا بيع شَيْء قد وهب اعتصار (من غير إِشْهَاد بِهِ) أَي بِأَن بَيْعه لذَلِك اعتصار (كَمَا يجب) فِيهِ، وَبيعه مَحْمُول على أَنه لغبطة أَو مصلحَة فَهُوَ كَقَوْل ابْن سَلمُون: ولبعض فُقَهَاء الشورى فِيمَن وهب لِابْنِهِ الصَّغِير هبة سلط عَلَيْهَا حكم الاعتصار ثمَّ بعد ذَلِك بَاعهَا باسم نَفسه وَمَات إِن الثّمن للِابْن فِي تَرِكَة أَبِيه وَلَيْسَ بَيْعه باسم نَفسه عصرة مِنْهُ إِلَّا أَن يشْهد عِنْد البيع أَو قبله أَن بَيْعه عصره مِنْهُ لَا هبة وإلَاّ فَلَا اه. زَاد فِي الطرر: وَلَا يَصح الاعتصار بعد البيع لِأَنَّهَا قد تَغَيَّرت عَن حَالهَا، وَلَا مَفْهُوم لشرطه الاعتصار لِأَنَّهُ شَرط مُؤَكد فقد لِأَن سنتها الاعتصار وَلَو لم يشْتَرط. وَفِي ابْن عَرَفَة قَالَ بعض فُقَهَاء الشورى من شَرط فِي هبة ابْنه الاعتصار ثمَّ بَاعهَا إِلَى آخر مَا مر فأسقط التَّقْيِيد بالصغير، فَظَاهره كالناظم أَنه لَا يكون عصرة مُطلقًا، وَمَا ذَاك إِلَّا لكَون البيع لَيْسَ صَرِيحًا فِي الاعتصار فِيهَا مَعًا حَتَّى يَقع الْإِشْهَاد بِهِ كَمَا ترى. قَالَ فِي الكراس الثَّالِث عشر من معاوضات المعيار راداً على من قَالَ: إِن البيع عصرة مَا نَصه: فَأَما إيحاب العصرة بِلَفْظ مُحْتَمل يتسلط عَلَيْهِ التَّأْوِيل فَلَا يَصح لِأَن الْهِبَة قد صَارَت ملكا للْمَوْهُوب لَهُ فَلَا يَصح نقلهَا عَن ملكه إِلَى ملك الْأَب بِأَمْر مُحْتَمل لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَا يحل مَال امرىء مُسلم إِلَّا عَن طيب نفس) اه. الْغَرَض مِنْهُ وَهُوَ صَرِيح فِي أَنه لَا فرق بَين الْكَبِير وَالصَّغِير لِأَن الْأَب يكون قد أَرَادَ أَخذ ذَلِك الثّمن مَعَ كَونه لم يقْصد بِالْبيعِ الاعتصار من غير طيب نفس الْوَلَد بِهِ، لَكِن إِذا لم يكن اعتصار فِي الْكَبِير أَيْضا فيفصل فِيهِ بَين أَن يكون الْأَب بَاعهَا قبل أَن يحوزها الْكَبِير بعد علمه وتفريطه فَيجْرِي على مَا تقدم عِنْد قَوْله: وَمن يَصح قَبضه وَمَا قبض الخ ... أَو يكون بَاعهَا بعد حوزه إِيَّاهَا فَيجْرِي على بيع الْفُضُولِيّ، وَقد مر الْكَلَام عَلَيْهِ فِي فَصله. وَظَاهر قَوْلهم: إِلَّا أَن يشْهد عِنْد البيع أَو قبله أَن قَول الْأَب بعده إِنَّمَا قصد بِهِ الاعتصار غير مَقْبُول، وَهَذَا كُله فِي البيع. وَيفهم مِنْهُ أَنه فِي الْهِبَة لَا يكون اعتصار إِلَّا بِالْإِشْهَادِ أَيْضا فِي الصَّغِير وَالْكَبِير لِأَن الصَّغِير هُوَ الَّذِي يحوز لَهُ فِيهِ هبة ثَابِتَة بعد الْحَوْز لَا تصح للثَّانِي وَلَو حازها. وَكَذَا فِي الْكَبِير بعد حوزه إِيَّاهَا لَا قبل حوزه فَتكون للثَّانِي إِن حَاز كَمَا مر. (تَنْبِيه) : ذكر فِي الكراس الرَّابِع من معاوضات المعيار عَن سَيِّدي مِصْبَاح: أَن من حبس على ابْنه ملكا ثمَّ بَاعه فَإِن ذَلِك يعد مِنْهُ اعتصاراً وَهُوَ مُخَالف لما مر من أَنه لَا يكون اعتصاراً حَتَّى يشْهد بِأَن بَيْعه اعتصار. وَلما ذكر أَن تصرف الْأَب فِي الْهِبَة وَالْبيع لَا يعد اعتصاراً استدرك مَا إِذا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute