بَين الْهِبَة وَالشِّرَاء خلاف الْمُعْتَمد كَمَا مرَّ عَن ابْن رشد وَنَحْوه لِابْنِ يُونُس قَائِلا: الصَّوَاب لَا فرق بَين البيع وَالْهِبَة وَنَحْوه فِي التَّوْضِيح، وَمَا ذَاك إِلَّا لكَون الْحِيَازَة عشر سِنِين كقيام الْبَيِّنَة على انْتِقَال الْملك إِلَى الْحَائِز بشرَاء وَنَحْوه سَوَاء كَانَ الْحَائِز هُوَ البَائِع أَو غَيره كَمَا هُوَ ظَاهر النّظم وَغَيره، وَلِهَذَا كَانَ لَا يُكَلف الْحَائِز بِبَيَان وَجه ملكه للشَّيْء المحوز على الرَّاجِح الْمَعْمُول بِهِ كَمَا مرَّ، لَكِن إِن وَقع وَنزل وَبَين وَجهه فَإِن بَينه بِمَا لَا ينْقل الْملك أَو قَامَت بَيِّنَة بِهِ فَهُوَ قَوْله: إِلَّا إِذا أثبت حوزاً بالكراء وَإِن بَينه بِمَا يَنْقُلهُ من صَدَقَة أَو شِرَاء وَنَحْوهمَا فَقَوله مَقْبُول بِيَمِينِهِ كَمَا لِابْنِ رشد وَغَيره، وَسَوَاء قَالَ: اشْتَرَيْته مِنْك أَو من وكيلك وَلَا يُكَلف بِإِثْبَات الْوكَالَة خلافًا لما فِي ابْن سَلمُون وأقضية المعيار، لِأَن الْحِيَازَة دَلِيل على نقل الْملك إِلَيْهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيّ كَمَا مر، وَعَلِيهِ فَكَانَ حق النَّاظِم أَن يحذف قَوْله: أَو يَدعِي حُصُوله تَبَرعا. الْبَيْتَيْنِ. لِأَنَّهُ إِنَّمَا يتمشى على قَول من يَقُول إِنَّه يُكَلف بِبَيَان وَجه ملكه، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال إِنَّه تبرع بِالْبَيَانِ من غير تكلّف كَمَا قَررنَا. تَنْبِيه: مَا تقدم من أَنه لَا يُكَلف بِبَيَان وَجه ملكه هُوَ الَّذِي اقْتصر عَلَيْهِ ابْن سَلمُون وَغَيره فِي وَثِيقَة الاعتمار وَنَحْوه فِي نَوَازِل العلمي قَائِلا: لَا يسْأَل الْحَائِز عَن شَيْء وَارِثا كَانَ أَو غَيره. قَالَ ابْن رحال فِي شَرحه: وَهُوَ الَّذِي بِهِ الْعَمَل. قلت: وَلَا زَالَ الْعَمَل عَلَيْهِ إِلَى الْآن، وَعَلِيهِ فَلَا يلْتَفت إِلَى مَا قَالَه الشَّيْخ الرهوني من أَن الرَّاجِح هُوَ تَكْلِيفه بِبَيَان وَجه ملكه إِذْ هُوَ مُخَالف للمعمول بِهِ، وَقَول ابْن رشد مُجَرّد الْحِيَازَة لَا ينْقل الْملك الخ. يَعْنِي فِي نفس الْأَمر وَفِيمَا بَينه وَبَين الله بِدَلِيل قَوْله مُتَّصِلا بِهِ، وَلَكِن يدل على الْملك كإرخاء السّتْر وَمَعْرِفَة العفاص والوكاء فِي اللّقطَة، وَقَول ابْن رحال فِي شَرحه وحاشيته هَهُنَا: بل ينْقل الْملك للحائز عِنْد وجود الشُّرُوط الخ. يَعْنِي يقْضى لَهُ بذلك فِي الظَّاهِر، وَهُوَ معنى قَول ابْن رشد وَلَكِن يدل على الْملك الخ. وَإِذا كَانَت تدل على نقل الْملك وتوجب الْقَضَاء بِهِ فِي الظَّاهِر فَلَا وَجه لتكليفه بِبَيَان وَجه ملكه، وَإِنَّمَا يحسن تَكْلِيفه بِالْبَيَانِ على القَوْل الَّذِي يفصل بَين الْهِبَة وَالشِّرَاء لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ إِذا ادّعى الْهِبَة يُكَلف بإثباتها، وَقد علمت أَنه خلاف الْمُعْتَمد، وَبعد كتبي هَذَا وقفت على أَن أَبَا الْحسن قَالَ بعد ذكره الْخلاف فِي تَكْلِيفه بِالْبَيَانِ مَا نَصه: وَلَعَلَّ الْقَائِل بالتفصيل بَين البيع وَالْهِبَة هُوَ الَّذِي يَقُول يكْشف عَن وَجه ملكه، وَأما الْقَائِل بِأَن البيع وَالْهِبَة سَوَاء فَلَا فَائِدَة فِي كشفه اه. وَقَالَ ابْن رحال أَيْضا: ظَاهر قَول (خَ) : لم تسمع وَلَا بَيِّنَة الخ. ادّعى الْحَائِز أَن الْحَوْز حصل لَهُ من الْقَائِم بِبيع أَو هبة أَو لم يدع ذَلِك وَهُوَ كَذَلِك كَمَا رَأَيْته من تصويب ابْن يُونُس اه. وَهَذَا كُله إِذا ادّعى الْحَائِز أَنه ملكه، وَأما إِن ادّعى أَنه حوزه فَقَط فَلَا إِشْكَال أَنه لَا يَنْفَعهُ ذَلِك. وَيثبِتُ الدَّفْعَ وَإلاّ الطالِبُ لَهُ اليَمينُ وَالتقضِّي لَازِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute