وَالْعِتْق مُطلقًا على السوَاء مَعَ هبة وَالْوَطْء للإماء وَالماءُ لِلأَعْلَيْنَ فِيمَا قَدُما والأَسْفَلُ الأقْدَمُ فِيهِ قُدِّما (و) إِذا غرس قوم غروساً أَو زرعوا زروعاً على مَاء مُبَاح غير مَمْلُوك كَمَاء الأمطار أَو مَاء الْأَنْهَار ف (المَاء للأعلين) الَّذين يجْرِي عَلَيْهِم أَولا (فِيمَا قدما) بِضَم الدَّال أَي تقدم غرساً أَو زرعا وَكَذَا لَو تساووا بِأَن غرسوا أَو زرعوا دفْعَة وَاحِدَة أَو شكّ من الْمُتَقَدّم والمتأخر فَإِن الأعلين يقدمُونَ فِي السَّقْي فِي ذَلِك كُله، فَإِن غرس الأسفلون أَولا أَو زرعوا كَذَلِك تَحْقِيقا فَهُوَ قَوْله: (والأسفل الأقدم) غرساً أَو زرعا (فِيهِ) أَي المَاء (قُدِّما) بِضَم الْقَاف وَتَشْديد الدَّال الْمَكْسُورَة مَبْنِيا للْمَفْعُول وكل من قضى بتقديمة فَإِنَّمَا يمسك المَاء للكعب ثمَّ يُرْسل جَمِيعه للْآخر على الْمَذْهَب خلافًا لِابْنِ رشد حَيْثُ استظهر مَذْهَب الْأَخَوَيْنِ أَنه يُرْسل مَا زَاد على الْكَعْبَيْنِ لَا جَمِيع المَاء. وَالْحَاصِل أَن المَاء الَّذِي تحقق عدم ملكه فَإِن الْأَعْلَى يقدم فِيهِ سَوَاء تقدم فِي الْغَرْس وَالزَّرْع أَو سَاوَى، وَسَوَاء تحقق تقدمه أَو مساواته أَو شكّ فِي ذَلِك، وَأَن الْأَسْفَل الْمُتَقَدّم فِي الْغَرْس والزراعة يقدم على الْأَعْلَى مُطلقًا خيف على زرعه الْهَلَاك أم لَا. وَالْأَصْل فِي هَذَا مَا قضى بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مهزور بِتَقْدِيم الزَّاي على الرَّاء ومذينب وهما واديان من أَوديَة الْمَدِينَة يسيلان بالمطر، وَمحل تَقْدِيم الأقدم إِذا لم يكن الأقدم رحى أَو حَماما والأقدم سقِِي الْجنان وَنَحْوهَا عَلَيْهِمَا، وَلَو تقدّمت فِي الْأَحْيَاء وَكَانَت أقرب للْمَاء كَمَا لِابْنِ رشد لِأَن مَاء الْجنان يصرف إِذا بلغ إِلَى الكعب للرحى وَلَا يصرف مَاء الرَّحَى وَنَحْوهَا لَهُ، وَلِأَن تَأْخِير سقِِي الْجنان قد يُؤَدِّي لتلف مَا فِي الْحَائِط وَتَأْخِير المَاء عَن الرَّحَى لَا يُؤَدِّي لتلفها بل لتعطيلها فَقَط قَالَه الأَجْهُورِيّ. وَاعْلَم أَن مَاء الْأَنْهَار وَالْخَارِج من العناصر والعيون من جبل ثمَّ يجْرِي لأراضٍ تَحْتَهُ إِمَّا أَن يكون أَصله مَمْلُوكا بِبَيِّنَة عدلة أم لَا، فَإِن كَانَ مَمْلُوكا فربه أَحَق بِهِ وَله مَنعه وَبيعه وَله صرفه حَيْثُ شَاءَ، وَلَو غرس عَلَيْهِ غَيره بعارية وَانْقَضَت أَو بِغَيْر إِذن وربه سَاكِت عَالم الخ. فَإِن ذَلِك لَا يضر لِأَن المَاء الْمَعْلُوم ملكيته بِالْبَيِّنَةِ لَا يحاز بِالِانْتِفَاعِ بِهِ دون اسْتِحْقَاق أَصله لاحْتِمَال أَن سكُوت الْمَالِك طول الزَّمَان إِنَّمَا هُوَ لعدم الِاحْتِيَاج إِلَيْهِ، وَإِن لم تقم بَيِّنَة بملكيته لأحد بل جهل أمره وَلم يدر السَّابِق من اللَّاحِق وَلَا الْمَالِك من غَيره لتقادم الْأَعْصَار وهلاك الْبَينَات الْقَدِيمَة فَإِنَّهُ يبْقى كل وَاحِد على انتفاعه كَمَا كَانَ وَلَو كَانَ الْآن يَنْبع فِي أَرض مَمْلُوكَة إِذْ لَا يدْرِي أَصله كَيفَ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute