للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِثُبُوت ملك بعده فِي ذَلِك كُله وَقَوله: أَو حريَّة عطف على ملك من قَوْله بِثُبُوت ملك بعده يَعْنِي أَو رفع ملك بِثُبُوت حريَّة كَذَلِك أَي قبله، وَأَشَارَ بِهِ إِلَى الِاسْتِحْقَاق بِالْحُرِّيَّةِ وَبِقَوْلِهِ بِغَيْر عوض وَأخرج بِهِ مَا وجد فِي الْمَغَانِم بعد بَيْعه أَو قسمه فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذ إِلَّا بِالثّمن كَمَا يَأْتِي وَيدخل فِي الْحَد مدعي الْحُرِّيَّة إِذا اسْتحق برق لِأَن مدعي الْحُرِّيَّة يملك مَنَافِع نَفسه واستحقاقه برقية بِرَفْع ذَلِك الْملك، كَذَا يدْخل الِاسْتِحْقَاق بِالْحَبْسِ إِن قُلْنَا هُوَ على ملك الْوَاقِف، وَكَذَا إِن قُلْنَا هُوَ ملك للْمَوْقُوف عَلَيْهِ. قَالَ (ح) : وَلَا يتَصَوَّر الِاسْتِحْقَاق إِلَّا بِمَعْرِِفَة حَقِيقَته وَحكمه وَسَببه وشروطه وموانعه، أما حَقِيقَته فَهُوَ مَا ذكر، وَأما حكمه فَقَالَ ابْن عَرَفَة: حكمه الْوُجُوب عِنْد تيَسّر أَسبَابه فِي الرّبع وَالْعَقار بِنَاء على عدم يَمِين مُسْتَحقّه وعَلى يَمِينه هُوَ مُبَاح كَغَيْر الْعقار وَالرّبع لِأَن الْحلف مشقة اه. وَتعقبه ابْن رحال وَغَيره بِأَنَّهُ لَا مُقْتَضى للْوُجُوب هُنَا لِأَن هَذَا حق مَخْلُوق فَكيف يَأْثَم بِعَدَمِ الْقيام بِهِ اه.؟ قلت: وَقد يُجَاب بِأَن مُرَاد ابْن عَرَفَة إِذا لم تسمح نَفسه بذلك لما فِيهِ حِينَئِذٍ من إطْعَام الْحَرَام لغيره مَعَ الْقُدْرَة على مَنعه مِنْهُ، وَقد قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: (لَا يحل مَال امرىء مُسلم إِلَّا عَن طيب نفس مِنْهُ) . وَقَالَ (انصر أَخَاك وَإِن ظَالِما) وَنَصره أَن تَمنعهُ عَن ظلمه فالمستحق حِينَئِذٍ آثم بِعَدَمِ قِيَامه بِالِاسْتِحْقَاقِ لِأَنَّهُ ترك وَاجِبا عَلَيْهِ فَهُوَ رَاجع إِلَى تَغْيِير الْمُنكر وَهُوَ وَاجِب على كل من قدر عَلَيْهِ، والمستحق من ذَلِك الْقَبِيل وَهَذَا عَام سَوَاء كَانَ الِاسْتِحْقَاق من ذِي الشُّبْهَة أَو من غَاصِب لِأَن الْمُسْتَحق يجب عَلَيْهِ أَن يعلم ذَا الشُّبْهَة بِأَنَّهُ لَا ملك لَهُ فِيهِ، وَأَنه يسْتَحقّهُ مِنْهُ، وَأَنه لم تسمح نَفسه بِهِ ويطلعه على بَيَان ملكه للشَّيْء الْمُسْتَحق وَإِذا لم يُعلمهُ كَانَ قد ترك وَاجِبا عَلَيْهِ آثِما بذلك وَهُوَ معنى وجوب قِيَامه بِالِاسْتِحْقَاقِ خلافًا لما للشَّيْخ الرهوني من أَنه لَا يظْهر وُجُوبه بِالنِّسْبَةِ لذِي الشُّبْهَة اه. قَالَ (ح) : وَأما سَببه فَهُوَ قيام الْبَيِّنَة على عين الشَّيْء الْمُسْتَحق أَنه ملك للْمُدَّعِي لَا يعلمونه خرج عَن ملكه إِلَى أَن وجده بيد فلَان الخ. وَيَأْتِي هَذَا للناظم فِي قَوْله: وَمَا لَهُ عين عَلَيْهِ يشْهد إِلَى آخر الأبيات الثَّلَاثَة. ثمَّ إِن الشَّهَادَة بِأَنَّهَا لم تخرج عَن ملكه إِنَّمَا تكون على نفي الْعلم فِي قَول ابْن الْقَاسِم الْمَعْمُول بِهِ قَالَ: وَأما شُرُوطه فَثَلَاثَة. الأول: الشَّهَادَة على عينه إِن أمكن وإلَاّ فبحيازته الخ. قلت: هَذَا هُوَ عين قَوْله وَأما سَببه كَمَا لَا يخفى وَقَالَهُ ابْن رحال وَجَوَاب الشَّيْخ الرهوني عَنهُ لَا يظْهر. الثَّانِي: الْإِعْذَار فِي ذَلِك إِلَى الْحَائِز وَسَيَأْتِي هَذَا فِي قَول النَّاظِم: وَإِن يكن لَهُ مقَال أَََجَلًا الخ. الثَّالِث: يَمِين الِاسْتِحْقَاق وَفِي لُزُومهَا ثَلَاثَة أَقْوَال. الْمَعْمُول بِهِ عِنْد الأندلسيين أَنه لَا يحلف فِي الْعقار وَيحلف فِي غَيره، وَسَيَأْتِي هَذَا للناظم أَيْضا: وَلَا يَمِين فِي أصُول مَا اسْتحق الخ. ثمَّ قَالَ (ح) : وَأما موانعه فَفعل أَو سكُوت. أما السُّكُوت فَمثل أَن يتْرك الْقيام من غير مَانع حَتَّى يمْضِي أمد الْحِيَازَة أَي الْمُتَقَدّمَة فِي الْفَصْل قبل هَذَا، وَأما الْفِعْل فَمثل أَن يَشْتَرِي مَا ادَّعَاهُ من عِنْد حائزه فَلَو قَالَ: إِنَّمَا اشْتَرَيْته خوف أَن يفوتهُ عَليّ فَإِذا أثْبته رجعت عَلَيْهِ بِالثّمن لم يكن لَهُ مقَال. وَقَالَ أصبغ: إِلَّا أَن تكون بَينته بعيدَة جدا أَو يشْهد

<<  <  ج: ص:  >  >>