عَن إِثْبَات مَا ادَّعَاهُ حكم القَاضِي بِالِاسْتِحْقَاقِ لمدعيه. وَما لهُ فِي عجْزهِ رجُوعُ عَلَى الذِي كانَ لهُ المبيعُ (وَمَا لَهُ) للْمُسْتَحقّ مِنْهُ (فِي) حَال (عَجزه) الْمَذْكُور (رُجُوع) بِالثّمن (على الَّذِي كَانَ لَهُ) الشَّيْء (الْمَبِيع) لِأَنَّهُ يَقُول رُجُوعه: أَنْت بعتني مَا لَيْسَ لَك بِدَلِيل هَذِه الْبَيِّنَة الشاهدة للْمُسْتَحقّ وَهُوَ قد كذبهَا بِدَعْوَاهُ تجر وَنَحْوه، وَحَيْثُ كطبها فَهُوَ مقرّ بِصِحَّة ملك البَائِع فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوع عَلَيْهِ بِمَا تَقْتَضِيه شَهَادَتهمَا على الْمَعْمُول بِهِ كَمَا معاوضات المعيار عَن أبي الْحسن، وفيهَا أَيْضا عَن العبدوسي فِي رجل بَاعَ أملاكاً فاستغلها المُشْتَرِي أَرْبَعَة أَعْوَام فَاسْتحقَّ حَظّ مِنْهَا بِالْحَبْسِ وَأخذ المُشْتَرِي يُخَاصم إِلَى أَن حكم عَلَيْهِ قَالَ: لَا رُجُوع لَهُ على بَائِعه لِأَن مخاصمته تَتَضَمَّن أَنه إِنَّمَا بَاعه مَا ملك، وَأَن دَعْوَى الْمُسْتَحق فِيهِ بَاطِلَة فَكيف يرجع عَلَيْهِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُور وَبِه الْعَمَل اه. وَقَوله: لِأَن مخاصمته تَتَضَمَّن الخ. صَرِيح فِي أَنه كَانَ لَا يرجع لعلمه صِحَة مَالك البَائِع لِأَنَّهُ بالتكذيب وَدَعوى التجريح مقرّ بذلك، وَهُوَ إِذا أقرّ بِصِحَّة ملكه ثمَّ يرجع لِأَنَّهُ معترف بِأَن الْمُسْتَحق قد ظلمه والمظلوم لَا يظلم غَيره كَمَا قَالَ (خَ) : فِي الِاسْتِحْقَاق تَشْبِيها فِي عدم الرُّجُوع مَا نَصه: كعلمه صِحَة ملك بَائِعه الخ. فجواب العبدوسي الْمَذْكُور صَرِيح فِي أَن مَسْأَلَة النَّاظِم رَاجِعَة لعلم صِحَة ملك البَائِع وَهُوَ ظَاهر (خَ) أَيْضا لِأَنَّهُ اقْتصر على علم صِحَة ملك البَائِع وَلم يتَعَرَّض لمسألة النَّاظِم كَمَا أَن النَّاظِم لم يتَعَرَّض لعلم صِحَة ملك البَائِع، وَمَا ذَاك إِلَّا لكَون الْمَسْأَلَتَيْنِ بِمَعْنى وَاحِد كَمَا ترى، وَاقْتصر غير وَاحِد فِي مَسْأَلَة النَّاظِم على عدم الرُّجُوع وَصرح العبدوسي وَأَبُو الْحسن بِأَن الْعَمَل بِهِ كَمَا ترى، وَبِالْجُمْلَةِ فَعلم صِحَة ملك البَائِع إِمَّا أَن يكون بِإِقْرَار الْمُبْتَاع كَمَا لَو كتب الموثق فِي رسم الشِّرَاء وَعلم الْمُبْتَاع وَأقر بِصِحَّة ملك البَائِع عِنْد العقد، وَإِمَّا أَن يكون بِدَعْوَى التجريح والتكذيب لبينة الِاسْتِحْقَاق إِذْ ذَلِك كُله رَاجع لصِحَّة ملك البَائِع كَمَا مرَّ عَن العبدوسي، وَالْأَحْكَام إِنَّمَا تَدور على الْمعَانِي لَا الْأَلْفَاظ، وَقد ذكرُوا فِي علم صِحَة ملك البَائِع رِوَايَتَيْنِ. قَالَ ابْن رشد: لكل مِنْهُمَا وَجه من النّظر فَوجه الرِّوَايَة بِعَدَمِ الرُّجُوع هُوَ أَنه لَا يَصح لَهُ أَن يرجع على البَائِع بِمَا يعلم أَنه لَا يجب عَلَيْهِ وَوجه الرُّجُوع أَن البَائِع أَدخل المُشْتَرِي فِي ذَلِك فَعَلَيهِ أَن يبطل شَهَادَة من شهد عَلَيْهِ بباطل حَتَّى لَا تُؤْخَذ السّلْعَة من يَد المُشْتَرِي ويتهم إِذا لم يفعل ذَلِك أَنه قصر فِي الدّفع إِذا علم أَن المُشْتَرِي لَا يتبعهُ بِالثّمن فَأَرَادَ أَن يكلفه من الدّفع مَا هُوَ ألزم لَهُ مِنْهُ اه. وَقد ذكر أَبُو الْحسن حَسْبَمَا فِي الدّرّ النثير أَن بالرواية الأولى الْعَمَل، وَقَالَ ابْن الْمُدَوَّنَة وَنَحْوه فِي الْفَائِق والمعين والفشتالي وَغَيرهم، وَصرح المكناسي فِي مجالسه بِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute