عَلَيْهِ مَالك وقدماء أَصْحَابه أَنه لَا يجوز للْقَاضِي أَن يَأْذَن للْوَرَثَة فِي الْقِسْمَة حَتَّى يثبتوا أصل الْملك لموروثهم واستمراره وحيازته وَالْمَوْت والوراثة، وَبِه جرى عمل الْقُضَاة بقرطبة وطليطلة اه. وَنَقله فِي المعيار فِي نَوَازِل الصُّلْح فَقَوله للْوَرَثَة شَامِل للمحاجير وَغَيرهم، وَفِي الْمُفِيد عَن الْبَاجِيّ أَيْضا أَنه طلب بعض الشُّرَكَاء قسْمَة الْملك الَّذِي بَينهم من القَاضِي فَلَا يحكم لَهُم بذلك حَتَّى يثبت عِنْده أَن الْملك لَهُم اه. وَنَحْوه فِي المقرب كَمَا نَقله (م) وعللوا وجوب الْحِيَازَة بِأَنَّهُم رُبمَا أدخلُوا فِي قسمتهم مَا لَيْسَ لَهُم. قلت: وَقد علمت أَن الْقِسْمَة بيع وَالْقَاضِي لَا يجوز لَهُ البيع وَلَا الْإِذْن فِيهِ حَتَّى يثبت عِنْده ملك البيع عَلَيْهِ وحيازته لَهُ كَمَا تقدم فِي فصل مسَائِل من أَحْكَام البيع، وَفِي فصل البيع على الْغَائِب فَإِن وَقع وَنزل وَقسم أَو بَاعَ بِدُونِ ثُبُوت الْملك والحيازة فَالظَّاهِر عدم نقض ذَلِك حَتَّى يثبت أَنه قسم، أَو بَاعَ ملك الْغَيْر إِذْ الأَصْل أَنه بَاعَ أَو قسم مَا يملكونه حَتَّى يثبت خِلَافه كَمَا مر فِي البيع على الْغَائِب، وَلَا يعجل بِالنَّقْضِ بِمُجَرَّد الِاحْتِمَال فَقَوْل النَّاظِم: وواجب أَعمالهَا يَعْنِي ابْتِدَاء، وَالله أعلم. وَجَاز أنْ يُثْبِتَ مِلكاً شُهدا وَبالْحِيَازَةِ سِوَاهم شَهِدا (وَجَاز أَن يثبت) بِضَم الْيَاء وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة مضارع أثبت الرباعي (ملكا شَهدا) بِضَم الشين وَفتح الْهَاء جمع شَهِيد ككريم وكرما فَهُوَ مدود وقصره ضَرُورَة فَاعل يثبت وملكا مَفْعُوله أَي وَجَاز لمن ادّعى ملكا بيد غَيره أَن يُثبتهُ أَي يشْهد لَهُ بِهِ شُهَدَاء لَا يعْرفُونَ حُدُوده وَلَا يقدرُونَ على حيازته (وبالحيازة) فَقَط (سواهُم شَهدا) بِفَتْح الشين وَكسر الْهَاء أَي: وسواهم شهد بالحيازة لَا غير لأَنهم لَا يعْرفُونَ الْملك لمن هُوَ فَإِن الشَّهَادَتَيْنِ تلفقان، وَيثبت الْملك للْمُدَّعِي الْمَذْكُور كَمَا تقدم قبل قَوْله: وناب عَن حِيَازَة الشُّهُود الخ ... وَإِنَّمَا تلفق الشهادتان. إنْ كانَ ذَا تَسْمِيَةٍ مَعْروفهْ وَنِسْبَةٍ مشهورةٍ مَأْلُوفهْ (إِن كَانَ) الْملك الْمَشْهُود بِهِ للْمُدَّعِي (ذَا تَسْمِيَة مَعْرُوفَة) كحجاجة والزيات بفاس (و) ذَا (نِسْبَة مَشْهُورَة مألوفة) كجنان الْخَادِم وعرصة الجيار بفاس أَيْضا فَتشهد بَيِّنَة بِأَن الْموضع الْمُسَمّى بعرصة الجيار مثلا هُوَ ملك لفُلَان وَمَال من أَمْوَاله وَتَحْت يَده يتَصَرَّف فِيهِ تصرف الْمَالِك فِي ملكه وينسبه لنَفسِهِ إِلَى آخر الْوَثِيقَة الْمُتَقَدّمَة فِي الْبَيْت الأول من هَذَا الْفَصْل وَلَا يتعرضون لذكر حُدُوده لأَنهم لَا يعرفونها أَو لغيبتهم أَو مَوْتهمْ، وَتشهد بَيِّنَة أُخْرَى بِأَن الْموضع الْمُسَمّى بِمَا ذكر حَده من نَاحيَة الْقبْلَة كَذَا، وَمن الغرب كَذَا، وَمن الْجنُوب كَذَا، وَأَن التَّسْمِيَة الْمَذْكُورَة إِنَّمَا تطلق على مَا دخل الْحُدُود لَا على مَا خرج مِنْهَا وَلَا يعْرفُونَ الْموضع لمن هُوَ إِلَّا أَنهم كَانُوا يخدمونه مثلا أَو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute