حَاشِيَته. تَنْبِيهَانِ. الأول: مثل قيام الْبَيِّنَة فِي قَابل الْغَيْبَة مَا إِذا أَتَى بِالثَّوْبِ محروقاً أَو بِهِ قرض فار أَو نَحْو ذَلِك مِمَّا يعلم أَن إِتْلَافه نَشأ عَن غير فعله. قَالَ فِي الشَّامِل: وَحلف مَا فرط فِيمَا علم أَنه بِلَا سَببه كسوس وقرض فار وَحرق نَار الخ. وَنَحْوه قَول (خَ) : وَحلف فِيمَا علم أَنه بِلَا سَببه وكسوس أَنه مَا فرط الخ. إِذْ من جملَة مَا يدْخل تَحت الْكَاف قرض الفار وَالنَّار وَهُوَ الَّذِي عزاهُ اللَّخْمِيّ لِابْنِ الْقَاسِم فِي الْمُدَوَّنَة، وَاخْتَارَهُ ابْن رشد. ابْن رحال: وَهُوَ الرَّاجِح لِأَنَّهُ مَحْمُول على أَن النَّار لَيست من سَبَب كَمَا لأبي الْحسن وَابْن نَاجِي اه. وَذكر مصطفى أَن حرق النَّار لَيْسَ كالسوس وقرض الفار لِأَن النَّار يحْتَمل أَن يكون هُوَ الَّذِي تسبب فِي إيقادها فَيجب ضَمَانه حَتَّى يثبت أَنَّهَا بِغَيْر سَببه كَمَا قَالَه فِي تضمين الصناع من الْمُدَوَّنَة. وانتصر لَهُ الشَّيْخ الرهوني فِي حَاشِيَته. وَبِالْجُمْلَةِ: فهما قَولَانِ فِي الْمُدَوَّنَة، وَلَكِن الْمُعْتَمد أَن حرق النَّار كقرض الفار إِذْ الأَصْل عدم العداء وَأَن النَّار لَيست من سَببه، وَلذَا سوى بَينهمَا فِي الشَّامِل. وَقَالَ (خَ) فِي الرَّهْن: وَلم تشهد بَيِّنَة بحرقه فَلم يشترطا فِي عدم الضَّمَان قيام الْبَيِّنَة على كَون النَّار لَيست من سَببه، وَلَا سِيمَا وَقد اخْتَارَهُ ابْن رشد وَهُوَ مقدم على غَيره كَمَا مر. (الثَّانِي) : إِذا اسْتعَار نَحْو الفأس والمنشار وَالسيف لِلْقِتَالِ وَنَحْو ذَلِك فَأتى بِشَيْء من ذَلِك مكسوراً فَقَالَ (ح) : وبرىء فِي كسر كسيف إِن شهد لَهُ أَنه مَعَه فِي اللِّقَاء أَو ضرب بِهِ ضرب مثله الخ. وَهَذَا قَول ابْن الْقَاسِم فِي الْمُدَوَّنَة. وَقَالَ عِيسَى بن دِينَار ومطرف وَأصبغ: لَا ضَمَان عَلَيْهِ فِي ذَلِك إِذْ أَتَى بِمَا يشبه وَيرى أَنه ينكسر فِي ذَلِك الْفِعْل بل يصدق بِيَمِينِهِ. ابْن حبيب: وَبِه أَقُول. ابْن يُونُس: وَهُوَ عِنْدِي أبين. ابْن رشد: وَهُوَ أصوب الْأَقْوَال. ابْن عبد السَّلَام: وَهُوَ أقرب لِأَن الْمُسْتَعِير قد فعل مَا أذن لَهُ فِي فعله وَلم يقم دَلِيل على كذبه بل قَامَ مَا يصدقهُ اه. فَيجب أَن يكون هَذَا القَوْل هُوَ الْمُعْتَمد لما ترى من اخْتِيَار الشُّيُوخ لَهُ، وَلِأَن الأَصْل عدم العداء، وَسبب الْخلاف هَل يُقَاس تعييب الشَّيْء المعار على ذهَاب عينه أم لَا؟ فَمن جعل تعييبه كذهاب عينه قَالَ: الْمُسْتَعِير ضَامِن، وَمن جعل تعييبه مُخَالفا لذهاب عينه قَالَ: يصدق بِيَمِينِهِ. ثمَّ مَا تقدم من أَنه يحلف مَا فرط الخ. هُوَ عَام فِيمَا يُغَاب عَلَيْهِ وَمَا لَا يُغَاب عَلَيْهِ، فَإِن نكل فَيضمن الْقيمَة بِمُجَرَّد نُكُوله لِأَنَّهَا يَمِين تُهْمَة. وَتعْتَبر الْقيمَة يَوْم انْقِضَاء أجل الْعَارِية على مَا ينقصها الِاسْتِعْمَال الْمَأْذُون فِيهِ قَالَ ابْن رشد: وَالقولُ قولُ مُسْتعِير حَلَفا فِي رَدِّ مَا اسْتَعَارَ حَيْثُ اخْتَلَفَا (وَالْقَوْل قَول مستعير) من نَعته وَصفته (حلفا فِي رد مَا اسْتعَار) يتَعَلَّق بقوله (حَيْثُ اخْتلفَا) وَهَذَا إِذا كَانَ لَا يُغَاب عَلَيْهِ (خَ) كدعواه رد مَا لم يضمن الخ. وَإِلَّا فَالْقَوْل للْمُعِير فِي عدم رده كَمَا قَالَ: مَا لم يكن مِمَّا يُغَابُ عَادَه عليْهِ أَوْ أُوخِذَ بالشِّهَادَه (مَا لم يكن) الشَّيْء المعار (مِمَّا يُغَاب عَاده عَلَيْهِ) كالعروض والحلى وَنَحْوهمَا (أَو) مِمَّا لَا يُغَاب عَلَيْهِ وَلَكِن (أَخذ) من يَد الْمُعير (بِالشَّهَادَةِ) الْمَقْصُودَة للتوثق وَتَقَدَّمت حَقِيقَتهَا فِي الْقَرَاض.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute