وَكلُّ مَنْ قُدِّمَ مِنْ قاضٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ مِنْهُ بَدَلَا أَي: فَلَا يُوكل غَيره على أُمُور مَحْجُوره وَلَا يوصى عَلَيْهِ عِنْد حُضُور وَفَاته بِخِلَاف الْوَصِيّ، فَلهُ أَن يُوكل ويوصي، وَمَا ذكره النَّاظِم هُوَ الْمَشْهُور كَمَا مر فِي الْوكَالَة وَتقدم هُنَاكَ أَن الَّذِي بِهِ الْعَمَل جَوَاز تَوْكِيله وَلَا زَالَ الْعَمَل على ذَلِك إِلَى الْآن. تَنْبِيه: كل من الْوَصِيّ والمقدم إِذا وكلا غَيرهمَا لَيْسَ لَهما أَن يجعلا الْإِقْرَار للْوَكِيل كَمَا أَنَّهُمَا لَيْسَ لَهما الْإِقْرَار على الْمَحْجُور، وَقد وَقعت نازلة فِي هَذَا الأوان وَهِي أَن رجلا ادّعى على وَصِيّ أَو مقدم أَن أَبَا محاجيره كَانَ تولى قبض مَتْرُوك وَالِده بوكالة مِنْهُ وزمم لَهُ زمامات تَرِكَة أَبِيه أَحدهَا باسكندرية وَآخر بالجزائر وَآخر بفاس وَحَازَ الزمامات الثَّلَاث وَطلب الْآن مِنْهُ إِحْضَار الزمامات الْمُدَّعِي بهَا على أبي محاجيره وإعمال الْحساب فِيهَا، أَو الْجَواب بِمَا يظْهر لَهُ حضر وَصِيّ المحاجير أَو مقدمهم، وَأجَاب: بِأَن أَبَا محاجيره كَانَ وَكيلا للْمُدَّعِي الْمَذْكُور وَقبض مَا وَجب من مَتْرُوك وَالِده بالزمامات الثَّلَاث الْمَذْكُورَة، وَإِن أَرَادَ الْحساب يُعْطِيهِ إِيَّاه وَالنَّظَر للشَّرْع المطاع عرفا قدره الخ. وتقيد عقبه بِعدْل وَاحِد مَا نَصه بَعْدَمَا طلب الْمُدَّعِي أَعْلَاهُ من الْمُجيب إِحْضَار زِمَام تَرِكَة الجزائر، وَزعم الْمُجيب الْمَذْكُور أَن الزِّمَام الْمَذْكُور تلف لَهُ وطولب بإحضاره حضر أَحْمد بن عبد الله وَأشْهد أَنه ضمن عَنهُ مَا يجب عَلَيْهِ شرعا فِي إِحْضَار الزِّمَام الْمَذْكُور ضمانا لَازِما بِرِضا الْمَضْمُون لَهُ عرفا قدره الخ. وَقد كَانَ القَاضِي سدده الله سجن الْوَصِيّ الْمَذْكُور حَتَّى يحضر الزِّمَام الْمَذْكُور وَطَالَ سجنه، وسئلت عَن ذَلِك فأجبت بِأَن نَائِب المحاجير من وَصِيّ ومقدم ووكيل لَا يُؤمر وَاحِد مِنْهُم بِجَوَاب الْمُدَّعِي على موروثهم إِذْ من شَرط صِحَة الدَّعْوَى الَّتِي يُكَلف الْمَطْلُوب بجوابها أَن تكون بِحَيْثُ لَو أقرّ بهَا الْمَطْلُوب لزمَه إِقْرَاره احْتِرَازًا من الدَّعْوَى على الْمَحْجُور أَو موروثه، فَإِن الْمَحْجُور ونائبه لَا يُكَلف وَاحِد مِنْهُمَا بجوابها إِذْ إقرارهما بهَا لَا يُفِيد كَمَا فِي التَّبْصِرَة و (ح) وشراح اللامية، وَقد قَالَ (خَ) : يُؤَاخذ الْمُكَلف بِلَا حجر بِإِقْرَارِهِ لأهل ونائب الْمَحْجُور كالمحجور فَكَمَا لَا يُؤَاخذ الْمَحْجُور بِإِقْرَارِهِ كَذَلِك لَا يُؤَاخذ نَائِبه فتكليف نَائِب الْمَحْجُور بِالْجَوَابِ خطأ مِمَّن فعله، وَكَذَا أَخذ الضَّامِن مِنْهُ، وَلذَا قَالَ ابْن عرضون وَغَيره: ولتحذر أبدا أَن تبيح للْوَكِيل الْمَذْكُور الْإِقْرَار إِذْ ذَاك لَا يلْزم الْمَحْجُور وَإِن وكل الْأَب أَو الْوَصِيّ عَن نَفسه وَعَن مَحْجُوره. قلت: وكل فلَان فلَانا عَن نَفسه وَعَن مَحْجُوره لينوب عَنهُ فِي المحاكمة والمخاصمة وَالْإِقْرَار وَالْإِنْكَار فِي حق نَفسه وعَلى الْإِنْكَار دون الْإِقْرَار فِي حق مَحْجُوره اه. وَقَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّة: إِن قَامَ الطَّالِب بدين على ميت فَإِن القَاضِي يَأْمُرهُ أَن يثبت موت الْمَطْلُوب وعدة ورثته من أجل مَا يحْتَاج من الْإِعْذَار إِلَيْهِم إِن كَانُوا مالكين أَمر أنفسهم، وَإِن كَانُوا صغَارًا وَجعل عَلَيْهِم وَصِيّ كلفه القَاضِي إِثْبَات الْإِيصَاء وَقبُول الْوَصِيّ بِالشَّهَادَةِ على عينه والإعذار فِيهَا إِلَيْهِ بِمَا ثَبت عِنْده من ذَلِك وَإِثْبَات صغَار الْوَرَثَة، فَإِذا أثبت الطَّالِب جَمِيع ذَلِك كَانَت الْخُصُومَة بَينه وَبَين الْوَصِيّ أَو الْمَالِك أَمر نَفسه أَن الْوَصِيّ لَا يُكَلف جَوَابا لِأَن إِقْرَاره لَا يعْمل، وَإِنَّمَا يُقَال للْمُدَّعِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute