الرُّجُوع) للْوَارِث على الابْن (بِالَّذِي قد أنفقا) عَلَيْهِ أَبوهُ إِلَّا أَن يَقُول: لَا تحاسبوه وَيتْرك الْكتب كَمَا مر فِي الْعرض. ثمَّ أَشَارَ للْوَجْه الثَّالِث، وَهُوَ مَا إِذا كَانَ الْأَب قد اسْتهْلك مَال الابْن الْعين فَقَالَ: وَإنْ يَكُنْ عَيْناً وَرَسْماً أصْدَرَا بأنَّهُ ذمَّتَهُ قدْ عَمَّرَا (وَإِن يكن عينا) سَوَاء كَانَ عينا بِالْأَصَالَةِ أَو كَانَ عرضا واستهلكه الْأَب وترتبت قِيمَته فِي ذمَّته أَو بَاعه واستهلك ثمنه (ورسماً أصْدرَا) أَي أشهد الْأَب عَدْلَيْنِ فِي رسم (بِأَنَّهُ) أَي المَال الْعين أدخلهُ فِي (ذمَّته) وَأَنه (قد عمرا) ذمَّته بِهِ. فَمَا تَحَاسُبٌ لِمُسْتَحِقِّ وَهُو كالحَاضِرِ دونَ فَرْقِ (فَمَا تحاسب لمستحق وَهُوَ) أَي المَال الْمَشْهُود بِهِ فِي الذِّمَّة (كالحاضر) عينا (دون فرق) بَين هَذَا الْوَجْه وَالْوَجْه الأول فَكَمَا لَا يُحَاسب فِي الْوَجْه الأول إِلَّا إِذا أوصى وَقيد بِالْكتاب فَكَذَلِك الحكم هَهُنَا. وَقد سُئِلَ ابْن رشد عَن وَصِيّ أشهد عِنْد مَوته أَن ليتيمة عِنْده عشْرين دِينَارا، فَلَمَّا طالبت بهَا قَالَ لَهَا الْوَرَثَة: إِنَّه كَانَ ينْفق عَلَيْك وأثبتوا ذَلِك فَقَالَ إِشْهَاد الْوَصِيّ لَهَا عِنْد مَوته بالعشرين دِينَارا يُوجِبهَا لَهَا وَتبطل حِينَئِذٍ دَعْوَى الْوَرَثَة عَلَيْهَا وَلَا يحاسبونها بِشَيْء اه. وَأَشَارَ لمَفْهُوم قَوْله: ورسماً أصْدرَا والموضوع بِحَالهِ فَقَالَ: وَإنْ يَكُنْ فِي مالِهِ قَدْ أَدْخَلَهْ مِنْ غَيْرِ إشْهَادِ بِذَاكَ أَعْمَلَهْ (وَإِن يكن) المَال الْعين (فِي مَاله قد أدخلهُ) بِأَن لم يُوجد بِعَيْنِه فِي تَرِكَة الْأَب وَلَا أشهد بِأَنَّهُ أدخلهُ فِي ذمَّته كَمَا قَالَ: (من غير إِشْهَاد بِذَاكَ أعمله. مَعْ عِلْمِ أَصْلهِ فَهَاهُنَا يَجِبْ رَجُوعُ وَارِثٍ بِإنْفَاقٍ طُلِبْ مَعَ علم أَصله) أَي علم أصل مَال الابْن بِبَيِّنَة شهِدت أَنه كَانَ ورث من أمه مائَة مثلا أَو تصدق عَلَيْهِ بهَا وَلم تُوجد بِعَينهَا فِي تَرِكَة الْأَب، وَلَا أشهد أَنه أدخلها فِي ذمَّته فَالْفرق بَين هَذَا الْوَجْه وَالَّذِي قبله يَلِيهِ هُوَ الْإِشْهَاد وَعَدَمه وَالْمَال عين على كل حَال (فههنا) أَي فِي عدم الْإِشْهَاد (يجب رُجُوع وَارِث بإنفاق طلب) صفة لإنفاق أَي طلب من الابْن، وَلَو قدم النَّاظِم قَوْله: وَإِن يكن عينا ورسماً أصْدرَا إِلَى قَوْله: طلب. إِثْر قَوْله: وَقيد الْإِنْفَاق بِالْكتاب، لَكَانَ أحسن لِأَن المَال الْعين فِيهِ ثَلَاثَة أَقسَام: إِمَّا أَن يُوجد فِي التَّرِكَة بِعَيْنِه فَلَا حِسَاب إِلَّا إِذا أوصى وَقيد فِي الْكتاب، وَإِمَّا أَن لَا يُوجد فِي التَّرِكَة فَإِن أشهد أَنه فِي ذمَّته فَلَا حِسَاب أَيْضا كَالْأولِ، وَإِن لم يشْهد حُوسِبَ. تَنْبِيه: لم يذكر النَّاظِم حكم مَا إِذا لم يُوجد الْعرض فِي تَرِكَة الْأَب وَلم يشْهد بعمارة ذمَّته
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute