أَنَّهُمَا قَولَانِ درج النَّاظِم هُنَاكَ على أَحدهمَا وَهنا على الآخر، والمحاباة هِيَ البيع بِأَقَلّ من الْقيمَة بِكَثِير لقصد نفع المُشْتَرِي أَو بِأَكْثَرَ لقصد نفع البَائِع، فَإِن لم يقْصد نفع من ذكر بل وَقع للْجَهْل بِقدر الثّمن فَهُوَ غبن، وَتقدم الْكَلَام عَلَيْهِ فِي فَصله. وَأما قَوْله: (إنْ ثَبت التوليج بالشهود) فَهُوَ بِأَو العاطفة على حابى أَي: وَبيع من حابى أَو ثَبت توليجه بالشهود فَهُوَ من الْمَرْدُود، وَهَذِه النُّسْخَة هِيَ الصَّوَاب لِأَن التوليج والمحاباة متباينان، لِأَن التوليج هُوَ الْعَطِيَّة فِي صُورَة البيع، والمحاباة هِيَ البيع بِأَقَلّ من الْقيمَة أَو بِأَكْثَرَ كَمَا مر، وَأما نُسْخَة إِن ثَبت الخ. بِأَن الشّرطِيَّة فَلَا تصح إِلَّا على تَأْوِيل حابى بولج، فَيكون الْمَعْنى وَبيع توليج من الْمَرْدُود وَإِن ثَبت التوليج بالشهود الخ. وَهِي حِينَئِذٍ على هَذِه النُّسْخَة مَسْأَلَة وَاحِدَة بِخِلَافِهِ على النُّسْخَة الْأُخْرَى فهما مَسْأَلَتَانِ. أما مَسْأَلَة الْمُحَابَاة على مَا درج عَلَيْهِ النَّاظِم هَهُنَا فَلَا فرق فِيهَا بَين الْوَارِث وَغَيره، فَإِذا بَاعَ من أَجْنَبِي أَو ابْنه أَو زَوجته أَو أم ولد لَهُ مَا يُسَاوِي مائَة بِعشْرَة وَيشْهد بذلك أَرْبَاب الْبَصَر وَلم يُخرجهُ من يَده وَلَا حيّز عَنهُ حَتَّى حصل الْمَانِع فبيعه مَرْدُود، وَلَيْسَ للْمُشْتَرِي إِلَّا ثمنه على أحد قَوْلَيْنِ وَهُوَ مَا للناظم هَهُنَا كَمَا مرّ والاتفاق الَّذِي فِي ابْن سَلمُون لَا يتم بِدَلِيل مَا تقدم فِي فصل أَحْكَام البيع، وَأما مَسْأَلَة التوليج فَلَا يرد البيع فِيهَا إِلَّا بِأحد أَمريْن. إِمَّا بِالإقْرَارِ أَوْ الإشْهَادِ لَهُم بهِ فِي وَقْتٍ الانْعِقَادِ (إِمَّا) بِأَن يشْهد الشُّهُود (بِالْإِقْرَارِ) من المُشْتَرِي بعد البيع وَحُصُول الْمَانِع للْبَائِع من موت أَو فلس أَو مرض أَن البيع إِنَّمَا كَانَ صُورَة وَإِنَّمَا هِيَ عَطِيَّة (أَو الْإِشْهَاد لَهُم) أَي للشُّهُود أَي أشهدهم المُشْتَرِي وَالْبَائِع (بِهِ) أَي بالتوليج (بِوَقْت الِانْعِقَاد) للْبيع فَيَقُولَانِ لَهُم وَقت العقد: اشْهَدُوا علينا بِأَن هَذَا البيع لَا حَقِيقَة لَهُ، وبمنزلة الْإِشْهَاد مَا إِذا حَضَرُوا مَعَهُمَا على وَجه الِاتِّفَاق وسمعوا مِنْهُمَا ذَلِك من غير إشهادهما إيَّاهُم. قَالَ ابْن سَلمُون: وَكَيْفِيَّة ثُبُوت التوليج أَن يَقُول الشُّهُود: توسطنا العقد بَينهمَا واتفقا مَعًا على أَن مَا عقداه من البيع والتصيير سمعة لَا حَقِيقَة لَهُ، أَو يَقُولُوا أقرّ لنا بذلك المُشْتَرِي بعد البيع اه. زَاد الشَّارِح: أَو يَقُولُوا أشهدنا فلَانا وَفُلَانًا على شَهَادَتهمَا بِأحد هذَيْن الْوَجْهَيْنِ اه. وَمَا زَاده إِنَّمَا هُوَ من بَاب النَّقْل للشَّهَادَة فَلَيْسَ خَارِجا عَمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute