وإنْ تَدَاعَيَاه فالقَضَاءُ لمن لهُ العُقُودُ والبِنَاءُ (وَإِن تداعياه) أَي الْجِدَار فَادَّعَاهُ كل لنَفسِهِ وَلَا بَيِّنَة لوَاحِد مِنْهُمَا (فالقضاء) يكون (لمن) شهد (لَهُ) بِهِ الْعرف وَهُوَ سِتَّة (الْعُقُود وَالْبناء) عَلَيْهِ وَالْبَاب والغرز والكوة وَوجه الْبناء فالعقود والقمط مُتَرَادِفَانِ وهما عبارَة عَن معاقد الْأَركان وَهِي إِدْخَال الْحَائِط فِي الآخر كاشتباك الْأَصَابِع، وَمِنْه تقميط الصَّبِي وَهُوَ إِدْخَاله وستره فِي الْخرق، وَإِنَّمَا قضى بِهِ لذِي القمط والعقود لِأَن الْحِيطَان الْمَعْقُود بَعْضهَا بِبَعْض كحائط وَاحِد بني فِي وَقت وَاحِد لمَالِك وَاحِد، وَقيل: الْعُقُود عبارَة عَن تدَاخل الْأَركان، والقمط عبارَة عَمَّا يشد بِهِ وَجه الْحَائِط ويمنعه من الانتثار من جير وجص وَنَحْوهمَا، وَقيل: القمط الْفرج غير النافذة، وَقيل: تَوْجِيه الْآجر، وَقيل: السَّوَارِي تبنى فِي الْحَائِط، فهما على هَذِه التفاسير متباينان وكل من هَذِه الْوُجُوه يشْهد لمن هِيَ إِلَى جِهَته بِلَا إِشْكَال، وَأما الْبناء فَمَعْنَاه أَن الْحَائِط إِذا كَانَ عَلَيْهِ بِنَاء لأَحَدهمَا دون الآخر فَهُوَ لمن لَهُ عَلَيْهِ الْبناء كسترة وَنَحْوهَا، وَكَذَا إِذا كَانَت بَابه لجِهَة أَحدهمَا دون الآخر، أَو كَانَت جُذُوع أَحدهمَا مَحْمُولَة عَلَيْهِ دون الآخر، أَو كَانَت الكوة الْغَيْر النافذة لجِهَة أَحدهمَا وَهِي الَّتِي تتَّخذ لرفع الْحَوَائِج، وَلَا بُد أَن تكون مَبْنِيَّة مَعَ بِنَاء الْحَائِط، وَأما المنقوبة فَلَا دَلِيل فِيهَا كَمَا أَن النافذة كَذَلِك، أَو كَانَ وَجه الْبناء إِلَى جِهَة أَحدهمَا دون صَاحبه، فَمن وجدت هَذِه الْأَشْيَاء أَو بَعْضهَا إِلَى ناحيته قضى لَهُ بِهِ إِذا لم تقم بَيِّنَة للْآخر، وإلَاّ فالاعتماد على الْبَيِّنَة. وَلَو وجدت هَذِه الْأَشْيَاء جَمِيعهَا فَلَو اشْتَركَا فِي هَذِه العلامات حلفا واشتركا فِيهِ كَمَا لَو كَانَت جُذُوع كل مِنْهُمَا مَحْمُولَة عَلَيْهِ أَو وَجه آجر الْبناء
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute