وَأَحْرَى بعد طول وَقبل مُضِيّ مُدَّة الْحِيَازَة (مكن بِالْيَمِينِ من قِيَامه) أَي: فَيحلف أَن سُكُوته حَتَّى كمل الْبُنيان وَفتح الْبَاب مثلا مَا كَانَ عَن رضَا بِإِسْقَاط حَقه ويهدم الْبناء ويسد الْبَاب حِينَئِذٍ قَالَه فِي التَّبْصِرَة والوثائق الْمَجْمُوعَة وَابْن سَلمُون وَغَيرهم، وَفهم من قَوْله: وَلم يقم أَنه إِذا قَامَ حِين رَآهُ يَبْنِي وَأَرَادَ مَنعه من الْبناء فَإِنَّهُ لَا يمْنَع من بنائِهِ وإتمام عمله حَتَّى يثبت الضَّرَر ويعذر للباني فِيهِ وَلم يجد فِيهِ مطعناً فيهدم الْبناء عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَلَو كمل كَمَا فِي التَّبْصِرَة، وَالْفرق بَين هَذِه الْمَسْأَلَة وَمَسْأَلَة النَّاظِم أَنه فِي هَذِه أَرَادَ أَن يمنعهُ بِمُجَرَّد الدَّعْوَى حِين شُرُوعه فِي الْبناء أَو بعد أَن أثبت الْبَيِّنَة المحتاجة للتزكية والاعذار فَإِن الْبَانِي لَا يمْنَع من إتْمَام عمله حَتَّى يعجز عَن الدّفع كَمَا مر إِذْ لَا يحكم على أحد بِالْمَنْعِ من التَّصَرُّف فِي ملكه مَعَ قيام احْتِمَال صِحَة الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَة وَعدم صِحَّتهَا وَبِه تعلم أَن مَا للشَّيْخ الرهوني من استشكال هَذِه الْمَسْأَلَة غير سديد كَمَا أَن مَا قَالَه من عدم وجوب الْيَمين فِي مَسْأَلَة النَّاظِم إِن قَامَ بِالْقربِ غير سديد أَيْضا إِذْ هَذِه الْيَمين يَمِين تُهْمَة والمعمول بِهِ توجهها فِي الْقرب والبعد كَمَا مر فِي بَاب الْيَمين. فإنْ يَبِعْ بَعْدُ بِلَا نِزَاعِ فَلَا قيامَ فِيهِ لِلْمُبْتَاعِ (فَإِن يبع) الْمُحدث عَلَيْهِ الضَّرَر (بعد) أَي بعد حُدُوثه عَلَيْهِ وَعلمه بِهِ حَال كَونه (بِلَا نزاع) فِيهِ أَي بَاعَ بعد الإحداث وَالْعلم بِهِ وَقبل النزاع فِيهِ (فَلَا قيام) وَلَا خصام (فِيهِ للْمُبْتَاع) اتِّفَاقًا كَمَا فِي (خَ) عَن ابْن عَرَفَة لِأَنَّهُ اشْترى على تِلْكَ الْحَالة، وَظَاهره وَلَو لم يعلم بِهِ، وَقيل: إِذا لم يعلم بِهِ المُشْتَرِي فَلهُ رده على البَائِع لِأَن الضَّرَر عيب لم يطلع عَلَيْهِ، فَإِذا رده فَللْبَائِع حِينَئِذٍ الْقيام بِهِ قَالَه فِي الْمُتَيْطِيَّة عَن حبيب بن نصر، وَيَنْبَغِي حمله على التَّفْسِير لما درج عَلَيْهِ النَّاظِم: وإنْ يكُنْ حينَ الخِصَام بَاعَا فالْمُشْترِي يَخْصِمُ مَا اسْتَطَاعَا (وَإِن يكن) البَائِع لم يعلم بالإحداث أَو علم وَتكلم فِيهِ وَخَاصم و (حِين الْخِصَام) أَو عدم الْعلم (باعا فَالْمُشْتَرِي يخصم) فِي ذَلِك الضَّرَر (مَا استطاعا) لقِيَامه مقَام البَائِع حِينَئِذٍ وحلوله مَحَله إِذْ البَائِع حِينَئِذٍ بَاعَ مَا يملكهُ من الدَّار وَرفع الضَّرَر، وَالْمُشْتَرِي اشْترى ذَلِك فَقَامَ فِيهِ مقَام البَائِع، وَظَاهره أَن هَذَا البيع جَائِز وَلَيْسَ هُوَ من بيع مَا فِيهِ خُصُومَة. وَقَالَ ابْن بطال مَعْنَاهُ: إِن الْحَاكِم قضى بِإِزَالَة الضَّرَر وأعذر وَبَقِي التسجيل وَالْإِشْهَاد يَعْنِي على الحكم، وَأما لَو بَاعَ وَقد بَقِي شَيْء من المدافع والحجج لم يجز البيع لِأَنَّهُ بيع مَا فِيهِ خُصُومَة يَعْنِي: وَالْمَشْهُور مَنعه، وَقد أَطَالَ (خَ) من ذكر الْخلاف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة والمعول عَلَيْهِ مَا للناظم وَالله أعلم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute