وَلَا أقل من أَن ينفى من الأَرْض مُؤَاخذَة لَهُ بالأيسر ردعاً لَهُ ولأمثاله. وَمَنْ أَقَرَّ وَلشُبْهةٍ رَجَعْ دُرِىءَ عَنْهُ الحَدُّ فِي الَّذي وَقَعْ (وَمن أقرّ) بِسَرِقَة (ولشبهة رَجَعَ) عَن إِقْرَاره كَقَوْلِه: أخذت مَالِي الْمُودع أَو الْمَغْصُوب مني أَو المعار، وظننت أَن ذَلِك سَرقَة أَو قَالَ: أضافني فلَان وأنزلني فِي بَيته فَأخذت مِنْهُ كَذَا فَظَنَنْت أَنه سَرقَة (درىء عَنهُ الْحَد فِي الَّذِي وَقع) مِنْهُ لِأَنَّهُ فِي الثَّلَاثَة الأول إِنَّمَا أَخذ مَتَاعه على زَعمه وَإِن كَانَ لَا يقْضِي لَهُ بذلك بِدُونِ بَيِّنَة، وَأَنه مَاله وَفِي الرَّابِعَة هُوَ خائن على زَعمه لَا سَارِق فَلَا قطع عَلَيْهِ كَمَا مر أول الْفَصْل. وَنَقَلُوا فِي فَقْدِهَا قَوْلَينِ وَالْغُرْمُ وَاجِبٌ عَلَى الحَالَيْنِ (ونقلوا فِي) رُجُوعه عَن إِقْرَاره مَعَ (فقدها) أَي الشُّبْهَة كَأَن يَقُول: كذبت فِي إقراري أَو أنكر الْإِقْرَار من أَصله (قَوْلَيْنِ) فِي قبُول رُجُوعه وَعَدَمه وَالْمَشْهُور الأول (خَ) : وَقبل رُجُوعه بِلَا شُبْهَة وَمحل الْقَوْلَيْنِ إِذا لم يكن عين السّرقَة، وَأما إِن عينهَا ثمَّ أنكر الْإِقْرَار من أَصله فَإِنَّهُ لَا يقبل إِنْكَاره وَيقطع اتِّفَاقًا كَمَا لِابْنِ رشد، وَمثل السَّارِق فِي قبُول رُجُوعه لشُبْهَة ولغيرها الزَّانِي والشارب والمحارب وَقد جمعت فِي قَوْله: وسارق وَالزَّانِي ثمَّ الشَّارِب رجوعهم يقبل كالمحارب وَمثلهمْ من يشْهد عَلَيْهِ بمعاينة زِنَاهُ بالإحصان ثمَّ رَجَعَ عَنهُ، فَإِنَّهُ يقبل رُجُوعه ويجلد مائَة وَلَا يرْجم، وَكَذَا من أقرّ بقتل الغيلة ثمَّ رَجَعَ فَإِنَّهُ يقبل رُجُوعه، وَفَائِدَته أَنه إِذا عَفا عَنهُ الْوَلِيّ لم يقتل لِأَنَّهُ لم يبْق بعد عَفوه إِلَّا قَتله لحق الله وَهُوَ يدْرَأ بِالرُّجُوعِ لشُبْهَة وَغَيرهَا، وَمثله من أقرّ بِالْقَتْلِ عمدا لغير غيلَة فَرجع عَن إِقْرَاره مُنْكرا لَهُ، أَو قَالَ كذبت فِيهِ فَإِنَّهُ يسْقط عَنهُ ضرب مائَة وسجنه سنة، إِذا عَفا عَنهُ الْوَلِيّ وَالضَّابِط كل حد كَانَ حَقًا لله تَعَالَى فَإِنَّهُ يسْقط بِالرُّجُوعِ عَن إِقْرَاره بِمُوجبِه فَإِن لم يرجع قَاتل الْعمد وَعَفا عَنهُ الْوَلِيّ فَلَا بُد لَهُ من ذَلِك كَمَا قَالَ (خَ) وَعَلِيهِ أَي قَاتل الْعمد مُطلقًا كَانَ مُسلما أَو كَافِرًا أَو عبدا جلد مائَة ثمَّ حبس سنة وَإِن بقتل مَجُوسِيّ أَو عَبده الخ. (و) إِذا سقط الْقطع عَن السَّارِق بِرُجُوعِهِ ف (الْغرم) لِلْمَالِ (وَاجِب) عَلَيْهِ (على) كلا (الْحَالين) الشُّبْهَة وَعدمهَا على القَوْل بِأَن رُجُوعه لغير شُبْهَة مُعْتَبر، وَهَذَا إِذا كَانَ حرا. وَأما العَبْد إِذا أقرّ بِالسَّرقَةِ وَرجع وَقد فَاتَ الْمَسْرُوق بذهاب عينه فَإِنَّهُ لَا غرم عَلَيْهِ لِأَن مَا بِيَدِهِ لسَيِّده فَلَا يمْضِي إِقْرَاره عَلَيْهِ كَمَا أَفَادَهُ (خَ) فِي الْإِقْرَار بقوله: كَالْعَبْدِ فِي غير المَال الخ. لَكِن يتبع بِهِ إِذا أعتق يَوْمًا مَا فَإِن لم يرجع عَنْهَا فالقطع وَلَا غرم عَلَيْهِ إِذا أعتق كَمَا يَأْتِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute