(وَالشّرط فِي الْمَقْتُول) الَّذِي يقْتَصّ لَهُ من قَاتله (عصمَة الدَّم) من حِين السَّبَب الَّذِي هُوَ الرَّمْي إِلَى حِين الْمَوْت فَلَو قتل مُسلم زَانيا مُحصنا أَو قَاتل غيلَة فَلَا يقْتَصّ مِنْهُ لعدم عصمَة دمهما وَإِن كَانَا متساويين لَهُ فِي الْحُرِّيَّة وَالْإِسْلَام، بل لَو قَتلهمَا ذمِّي لم يقتل بهما لعدم عصمَة دمهما وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْأَدَب للافتيات على الإِمَام، وَكَذَا لَو رمى مُسلم مثله فَارْتَد المرمى قبل وُصُول الرَّمية إِلَيْهِ فوصلت إِلَيْهِ وَمَات فَإِنَّهُ لَا يقتل بِهِ وَكَذَا لَو جرحه فَارْتَد الْمَجْرُوح أَو زنى فِي حَال إحْصَانه ثمَّ نزى وَمَات لِأَنَّهُ صَار إِلَى مَا أحل دَمه فِي الصُّورَتَيْنِ وَلم تستمر عصمته للْمَوْت، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ دِيَة الْمُرْتَد وَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِي الْمُحصن غير الْأَدَب لافتياته على الإِمَام. وَكَذَا لَو رمى كتابي مُرْتَدا فجرحه ثمَّ أسلم الْمُرْتَد ونزى وَمَات فَإِنَّهُ لَا يقتل بِهِ لِأَنَّهُ حِين السَّبَب كَانَ غير مَعْصُوم (زِيَادَة) مَنْصُوب على الْحَال أَي حَال كَون الْعِصْمَة زِيَادَة (لشرطه) أَي على الشَّرْط فِي الْقصاص (المستقدم) لِأَنَّهُ تقدم لَهُ أَنه يشْتَرط فِي الْقصاص ثُبُوت الْقَتْل عمدا، وَكَون الْقَاتِل مُكَلّفا مكافئاً للمقتول أَي غير زَائِد عَلَيْهِ بحريّة أَو إِسْلَام وَغير حَرْبِيّ، وَيُزَاد على ذَلِك كَون الْمَقْتُول مَعْصُوم الدَّم لِأَنَّهُ قد يكون مكافئاً فِي الْحُرِّيَّة وَالْإِسْلَام، وَلَكِن دَمه غير مَعْصُوم كَمَا مر. وَلَو أبدل النَّاظِم هَذَا الشّطْر بقوله: من حَالَة الرَّمْي لوقت الْعَدَم، لوفى بالمراد. وَقد اشْتَمَل كَلَامه من أول الْفَصْل إِلَى هُنَا على أَرْكَان الْقصاص الثَّلَاثَة كَمَا تقدم التَّنْبِيه عَلَيْهَا، وَالْفُقَهَاء يطلقون على الرُّكْن شرطا وَبِالْعَكْسِ، وَأَشَارَ (خَ) لهَذَا الرُّكْن بقوله: مَعْصُوما للتلف والإصابة الخ. أَي مَعْصُوما للْمَوْت لَا حِين الْجرْح فَقَط وللإصابة لَا حِين الرَّمْي فَقَط. وإنْ وَلِيُّ الدَّمِ للمَالِ قَبِلْ والقوْدَ استحقَّهُ فِيمَن قُتِلْ (وَإِن ولي الدَّم) فَاعل بِفعل مَحْذُوف يفسره مَا بعده (لِلْمَالِ) اللَّام زَائِدَة لِأَنَّهُ مفعول لقَوْله (قبل) الْمُفَسّر للمحذوف الْمَذْكُور (و) الْحَال أَن (الْقود اسْتَحَقَّه) الْوَلِيّ الْمَذْكُور (فِيمَن) أَي فِي قَرِيبه الَّذِي (قتل) وَمَعْنَاهُ أَن الْوَلِيّ إِذا قبل المَال كَانَ أقل من الدِّيَة أَو أَكثر، وَقد كَانَ اسْتحق الْقود فِي قَرِيبه الْمَقْتُول بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدّمَة فَفِي ذَلِك قَولَانِ لأَشْهَب وَابْن الْقَاسِم. فأشهبُ قَالَ لِلاستِحْيَاءِ يُجْبَرُ قاتلٌ على الإعْطَاءِ (فأشهب قَالَ للاستحياء يجْبر قَاتل على الْإِعْطَاء) لِلْمَالِ الَّذِي قبله الْوَلِيّ إِذا كَانَ مَلِيًّا بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute