وَإِنَّمَا أطلنا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وتعرضنا لشرح نظمها لتشعبه وتشعبها على كثير من الطّلبَة. تَنْبِيه: إِذا لم يكن للمقتول مُسْتَحقّ لدمه لَا من الرِّجَال وَلَا من النِّسَاء فَإِن الإِمَام يقْتَصّ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ الْعَفو إِلَّا أَن يكون الْقَاتِل والمقتول كَافِرين ثمَّ يسلم الْقَاتِل. وشُبْهَةٌ تدرَؤهُ وَمِلْكُ بعضِ دمِ الَّذِي اعتَرَاه الهلْكُ (وشبهة تدرؤه) أَي الْقصاص وتوجب الدِّيَة على الْعَاقِلَة كضرب الزَّوْج لزوجته وَالْأَب لوَلَده والمعلم للمتعلم بِآلَة يُؤَدب بِمِثْلِهَا، وَيحمل فعله على الْخَطَأ لَا بِمَا لَا يُؤَدب بِمثلِهِ كلوح فَهُوَ على الْعمد كَمَا مر أول الْبَاب قَالَ فِي الشَّامِل: وَمن جَازَ لَهُ فعل بِضَرْب وَشبهه حمل على الْخَطَأ حَتَّى يثبت الْعمد كأب وَزوج ومعلم وطبيب وخاتن الخ (و) كَذَا يدرؤه (ملك بعض دم الَّذِي اعتراه الهلك) وَهُوَ الْمَقْتُول كأربعة أَوْلَاد قتل أحدهم أَبَاهُ فالدم للثَّلَاثَة، فَإِذا مَاتَ أحدهم سقط الْقصاص عَن الْقَاتِل لإرثه من أَخِيه الْمَيِّت بعض دم الْأَب فَصَارَ كعفو الْبَعْض، وَأَحْرَى لَو ملك جَمِيع دَمه كابنين قتل أَحدهمَا أَبَاهُ ثمَّ مَاتَ غير الْقَاتِل فورثه الْقَاتِل (خَ) : تَشْبِيها فِي سُقُوط الْقصاص كإرثه وَلَو قسطاً من نَفسه وإرثه كَالْمَالِ الخ. وَمَا بعد الْمُبَالغَة هُوَ نَص النَّاظِم. وَهَذَا الحكم إِنَّمَا هُوَ إِذا كَانَ الْبَاقِي يسْتَقلّ بِالْعَفو، وَأما إِن كَانَ لَا يسْتَقلّ كَمَا لَو كَانُوا رجَالًا وَنسَاء والتكلم للْجَمِيع كمن قتل أَخَاهُ وَترك الْمَقْتُول بنتين وَثَلَاثَة أخوة أشقاء غير الْقَاتِل فَمَاتَ أحدهم فقد ورث الْقَاتِل قسطاً من دم نَفسه فَلَا يسْقط الْقَتْل حَتَّى تَعْفُو البنتان أَو إِحْدَاهمَا. وحيثُ تَقْوَى تُهمةٌ فِي المدَّعَى عَلَيْهِ فالسِّجْنُ لَهُ قد شُرِعَا (وَحَيْثُ تقوى تُهْمَة فِي الْمُدعى عَلَيْهِ) وَلم تصل إِلَى حد اللوث الْمُوجب للقسامة وَأَحْرَى لَو وصل إِلَى حد الْقسَامَة وَلم يُوجد من يطْلبهَا أَو تورع الْأَوْلِيَاء عَنْهَا (فالسجن) الطَّوِيل (لَهُ قد شرعا) حَتَّى يكْشف أمره، وَظَاهره وَلَو كَانَ مَجْهُول الْحَال وَلَو بِمُجَرَّد الدَّعْوَى وَهُوَ كَذَلِك كَمَا مر فِي بَابي السّرقَة وَالْغَصْب، وَقد تقدم هُنَا مَا فِيهِ كِفَايَة. وَفِي ابْن سَلمُون: وَإِن قويت عَلَيْهِ تُهْمَة وَلم تتَحَقَّق تَحْقِيقا يُوجب الْقسَامَة حبس الْحَبْس الطَّوِيل. قَالَ ابْن حبيب: حَتَّى تتَحَقَّق بَرَاءَته أَو تَأتي عَلَيْهِ السنون الْكَثِيرَة. قَالَ مَالك: وَلَقَد كَانَ الرجل يسجن فِي الدَّم باللطخ والشبهة حَتَّى إِن أَهله يتمنون لَهُ الْمَوْت من طول سجنه اه. وَتقدم أَنه رُبمَا يسجن أبدا وَأَنه يضْرب وَذَلِكَ يخْتَلف باخْتلَاف شهرته بذلك وَعدم شهرته، وَفِي أَحْكَام ابْن سهل الْكُبْرَى: وَمن جَاءَك وَعَلِيهِ جراح مخوفة فاحبس الْمُدعى عَلَيْهِ بِالدَّمِ حَتَّى يَصح الْمَجْرُوح أَو تتبين حَالَة توجب إِطْلَاقه، وَمن جَاءَك معافى فِي بدنه من الْجراح يَدعِي على رجل ضربا مؤلماً فَإِن ثَبت تعدِي الْمُدعى عَلَيْهِ فعزره وَإِن رَأَيْت حَبسه فَذَلِك إِلَيْك على مَا يظْهر لَك من شنعة مَا يثبت عَلَيْهِ، وَمن جَاءَ بِجرح خَفِيف وَهُوَ مِمَّن يظنّ بِهِ أَنه يرتكب مثل هَذَا من نَفسه فاسلك بِهِ سَبِيل الْمعَافى من الْجراح، فَإِذا فعلت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute