من ذَلِك بِمُجَرَّد الدَّعْوَى على مَا يَأْتِي وَأَحْرَى على القَوْل بِوُجُوبِهَا فِي الْجَمِيع مَعَ التجرد وَبِه الْعَمَل وَتَكون لوثاً فِي الدِّمَاء على أحد قولي مَالك الْآتِي فِي قَول النَّاظِم: وَمَالك فِيمَا رَوَاهُ أَشهب. الْبَيْت. وَإِذا كَانَ هَذَا فِي الْمَجْهُول فَمن ظهر عَلَيْهِ وسم الْخَيْر أَحْرَى، وَكَذَا من ظهر عَلَيْهِ وسم الشَّرّ إِذْ الْمدَار على كَونه مِمَّن ترجى تزكيته فيعمم فِي النّظر كَمَا قَررنَا وَالله أعلم. وَقد علم أَن كل مَا عدا الْمُعْلن بِالْفِسْقِ من هَذِه الْأَقْسَام تقبل تزكيته وَأَن شَهَادَته قبلهَا شُبْهَة لِأَن كل من يُرْجَى ثُبُوت الْحق بِهِ إِذا زكى فَهُوَ شُبْهَة كَمَا هُوَ ظَاهر كَلَامهم فِي فصل التَّوْقِيف خلافًا لما فِي الْمُتَيْطِيَّة من أَن شَهَادَة من ظهر عَلَيْهِ وسم الشَّرّ لَا تكون شُبْهَة إِذْ لَا يخفى أَنَّهَا أقوى مِمَّن شهِدت بالنشدان وَنَحْوه، وَعلم مِنْهُ أَيْضا أَن الأَصْل فِي النَّاس الجرحة وَلَو كَانَ مِمَّن تتوهم فِيهِ الْعَدَالَة كرواة الْعلم فَلَا بُد من تزكيته وَهُوَ كَذَلِك كَمَا لِابْنِ نَاجِي فِي شرح الْمُدَوَّنَة قَالَ: وَاخْتَارَ ابْن عبد الْبر وَهُوَ قَول جمَاعَة من الْعلمَاء قبُول رُوَاة الْعلم حَتَّى تظهر جرحتهم لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: (يحمل هَذَا الدّين من كل خلف عَدو لَهُ) اه. فَالْمُرَاد برواته من تضلعوا فِيهِ واطلعوا على سرائره بِدَلِيل الحَدِيث الْمَذْكُور لَا كل من يتعلمه. ومُطْلَقاً مَعْرُوفُ عَيْنٍ عدِّلا والعَكْسُ حاضِراً وإنْ غَابَ فَلا (ومطلقاً مَعْرُوف عين) مُبْتَدأ خَبره (عدلا) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول ومطلقاً حَال من نَائِبه أَي الشَّاهِد الْمَعْرُوف بِالْعينِ وَالِاسْم وَالنّسب عِنْد القَاضِي أَو عِنْد النَّاس وَإِن لم يعرفهُ القَاضِي تقبل تزكيته مُطلقًا سَوَاء حضر مجْلِس القَاضِي وَأديت التَّزْكِيَة على عينه أم لَا. لِأَن من كَانَ مَعْرُوفا عِنْد النَّاس مَشْهُورا تمكن القَاضِي بمعرفته من مُطلق النَّاس (وَالْعَكْس) مُبْتَدأ وَالْخَبَر مَحْذُوف لدلَالَة مَا تقدم عَلَيْهِ أَي وَالْعَكْس وَهُوَ مَا إِذا كَانَ الشَّاهِد غير مَعْرُوف عِنْد القَاضِي وَلَا مَشْهُورا عِنْد النَّاس يعدل حَال كَونه (حَاضرا) مجْلِس القَاضِي، وَظَاهره وَإِن لم يعرف الْمُزَكي بِالْكَسْرِ اسْمه وَلَا نسبه وَلَا كنيته لِأَنَّهُ إِنَّمَا يشْهد على عينه وتسجل وَثِيقَة التَّعْدِيل على حليته وَصفته وَهُوَ كَذَلِك كَمَا مرّ عِنْد قَوْله: وَغير ذِي التبريز الخ. وَلَا يلْزم من المخالطة فِي الْحَضَر وَالسّفر مَعَ طول الْعشْرَة الخ. اللَّتَيْنِ يعْتَمد عَلَيْهِمَا المزكى أَن يكون عَارِفًا باسمه، وَنسبه إِذْ قد يخالطه وتطول الْعشْرَة وينسى اسْمه وَلَا يعرف اسْمه بِالْكُلِّيَّةِ، وَمن اشْتهر بكنيته حَتَّى صَارَت علما عَلَيْهِ هُوَ كمعروف الِاسْم فَلَيْسَ هُوَ من مَحل الْخلاف، (وَإِن غَابَ) غير مَعْرُوف الْعين (فَلَا) يعدل وَظَاهره وَلَو بَعدت غيبته، وَالَّذِي لِابْنِ عَرَفَة عَن عبد الْحق أَن مَحل هَذَا إِن غَابَ عَن الْمجْلس وَهُوَ فِي الْبَلَد أَو قريب مِنْهُ وإلَاّ جَازَت تزكيته كَمَا يقْضى عَلَيْهِ وَنَحْوه فِي التَّبْصِرَة عَن الْمَازرِيّ، فيقيد كَلَام النَّاظِم بالقريب أَو الْحَاضِر فِي الْبَلَد:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute