التُّهْمَة الْمَوْجُودَة وَقت الْأَدَاء، أما الْحَادِثَة بعده فَلَا عِبْرَة بهَا كَالرّجلِ يتَزَوَّج الْمَرْأَة بعد أَن شهد لَهَا أَو يخاصمه بعد أَن يشْهد عَلَيْهِ. وَسَاغَ أنْ يَشْهَدَ الابْنُ فِي مَحَلْ مَعَ أبِيهِ وبِه جَرَى العَمَلْ (وساغ) أَي جَازَ (أَن يشْهد) فِي مَوضِع رفع فَاعل سَاغَ (الابْن) وَإِن سفل فَاعل يشْهد (فِي مَحل) يتَعَلَّق بِهِ وَكَذَا (مَعَ أَبِيه) وَإِن علا فَيثبت الْحق بِشَهَادَتِهِمَا بِغَيْر يَمِين وَلَا يتهم أَحدهمَا فِي إِرَادَته إتْمَام شَهَادَة الآخر (وَبِه) يتَعَلَّق بقوله: (جرى الْعَمَل) وَهُوَ قَول مطرف وَابْن الْمَاجشون، وَظَاهره اشْتِرَاط عدم التبريز وَهُوَ كَذَلِك خلافًا لسَحْنُون فِي اشْتِرَاطه، وَمَا ذكره من الْعَمَل الْمَذْكُور نَحوه فِي الْمُفِيد وَابْن سَلمُون والتبصرة والقشتالي وَغَيرهم، وَعَلِيهِ درج فِي العمليات حَيْثُ قَالَ: وَالِابْن مَعَ أَبِيه فِي مَحل قد يَشْهَدَانِ مَعَ قَول الْكل وَبِه وَقع الحكم من الإِمَام المذهبي حِين اخْتلف فَقِيها عصره السراج والْحميدِي فَأفْتى الأول بِمَا قَالَ (خَ) وَالثَّانِي بِمَا للناظم، وَأفهم قَوْله: وَبِه جرى الْعَمَل أَن هُنَاكَ قولا آخر بِعَدَمِ جَوَاز ذَلِك، وَأَن الْحق لَا يسْتَقلّ بِشَهَادَتِهِمَا بل لَا بُد من شَاهد آخر أَو يَمِين الطَّالِب فِي الْأَمْوَال، وَهُوَ قَول أصبغ. وَفِي الوثائق الْمَجْمُوعَة والمتيطية والجزيري أَنه الَّذِي بِهِ الْعَمَل وَعَلِيهِ اقْتصر (خَ) فَقَالَ: وَشَهَادَة ابْن مَعَ أَب وَاحِدَة وَعلة ذَلِك أَن الْأَب لَو شهد لِابْنِهِ لم تجز، وَكَذَلِكَ عَكسه فهما إِذا شَهدا مَعًا فَكَأَن أَحدهمَا زكى الآخر، وَكَأَنَّهُ قد شهد بعضهما لبَعض فَلذَلِك صَارَت شَهَادَتهمَا وَاحِدَة قَالَه فِي الْمُفِيد، وَهَذَا التَّعْلِيل يُفِيد أَن مِثَال الْأَب مَعَ الابْن عِنْد أصبغ صَار فِي بَاقِي الْقَرَابَة الَّذين لَا تجوز شَهَادَة بَعضهم لبَعض مِمَّا مرّ إِذا شهدُوا لغَيرهم وَعَلِيهِ فَهَل المقبول من الشَّاهِدين وَاحِد لَا بِعَيْنِه فَإِذا جرح أَحدهمَا بقيت شَهَادَة الآخر وَهُوَ الظَّاهِر من التَّعْلِيل الْمَذْكُور، واستظهره ابْن رحال أَيْضا أَو المقبول هُوَ الَّذِي شهد أَولا، وَهُوَ صَرِيح قَول ابْن سهل سَقَطت الْأَخِيرَة أَي لِأَنَّهُ يتهم على إتْمَام شَهَادَة الأول وَعَلِيهِ فَالْأول هُوَ مَحل الْإِعْذَار، وَإِذا جرح لم تبْق شَهَادَة أصلا، وَظَاهر النّظم جَوَازهَا وَإِن لم يَكُونَا مبرزين وَهُوَ كَذَلِك خلافًا لسَحْنُون كَمَا مرّ، وَفهم من قَوْله مَعَ أَبِيه أَن شَهَادَته مَعَ أَخِيه أَو عَمه جَائِزَة وَهُوَ كَذَلِك كَمَا فِي ابْن عَرَفَة وَفهم من قَوْله مَعَ الخ. إِن شَهَادَة أَحدهمَا عِنْد الآخر إِذا كَانَ حَاكما أَو على شَهَادَته بِمَعْنى أَن ينْقل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute