للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشَّاهِد بِخَطِّهِ فَإِن لم يعدله أحد ألغيت شَهَادَته. وَالْحَاصِل أَن من لم يعرف عَدَالَة ذِي الْخط لَا يشْهد إِلَّا بِمَعْرِِفَة خطه خَاصَّة، ثمَّ إِن احْتَاجَ القَاضِي فِيهِ إِلَى تَعْدِيل عدل وإلَاّ فَلَا، وَلَيْسَ من تَمام التَّعْرِيف التَّعَرُّض للتعديل كَمَا هُوَ ظَاهر ابْن سَلمُون وَالْفَائِق وَغَيرهمَا لِأَن التَّعْدِيل مِمَّا يسْتَند فِيهِ القَاضِي إِلَى علمه فَإِن أَرَادَ الشَّاهِد بالخط تَعْدِيل صَاحبه لمعرفته بِحَالهِ زَاد بعد قَوْله: لَا يشك فِي ذَلِك مَا نَصه: وَإنَّهُ كَانَ حِين إِيقَاعه لَهَا ووضعها فِيهِ من أهل الْعَدَالَة وَقبُول الشَّهَادَة، وَاسْتمرّ على ذَلِك فِي علمه إِلَى أَن مَاتَ أَو إِلَى أَن غَابَ، وَكَذَا إِن عدله غير الشَّاهِد بِخَطِّهِ. وَهَذَا معنى قَول (خَ) وتحملها عدلا أَي ووضعها فِي حَال الْعَدَالَة، وَإِنَّمَا اشْترط هَذَا لِئَلَّا يكون وَضعهَا وَهُوَ فَاسق وَلَو كَانَ حَيا لم يؤدها، وَإِنَّمَا اشْترط الِاسْتِمْرَار على الْعَدَالَة لِئَلَّا يكون قد طرأت جرحته، فَفِي اخْتِصَار الْمُتَيْطِيَّة قَالَ مَالك: لَا تجوز الشَّهَادَة على خطّ الشَّاهِد وَمَعْرِفَة عَدَالَته حَتَّى يَقُول الشَّاهِد بِخَطِّهِ: إِنَّه كَانَ فِي تَارِيخ الشَّهَادَة عدلا وَلم يزل على ذَلِك حَتَّى توفّي احْتِيَاطًا من أَن تكون شَهَادَته سَقَطت لوجه مَا وَنَقله (ح) وَغَيره اه. وَقَوله: وَلم يزل على ذَلِك الخ. ظَاهر كَلَام غير وَاحِد كصاحب الشَّامِل وشراح الْمُخْتَصر والمتيطي فِي بَاب الْحَبْس وَابْن سَلمُون وَابْن عَرَفَة أَنه شَرط صِحَة. وَقَالَ ابْن رحال فِي شَرحه: لَعَلَّه شَرط كَمَال فَقَط لِأَن الْعَدَالَة إِذا ثبتَتْ فَالْأَصْل بَقَاؤُهَا، وَيدل لذَلِك قَوْله احْتِيَاطًا لِأَن الِاحْتِيَاط يدل على عدم الْوُجُوب اه. وَفِيه نظر، فَإِن الرّفْع بِمَنْزِلَة أَدَاء الشَّاهِد الْمَرْفُوع على خطه، وَهُوَ إِذا طَرَأَ عَلَيْهِ فسق قبل الْأَدَاء كَانَ جرحة فِيهِ فَلَا بُد حِينَئِذٍ من قَوْلهم وَاسْتمرّ على ذَلِك فِي علمهمْ حَتَّى مَاتَ الخ. وَلِأَن الشَّاهِد لَا يعْمل بِشَهَادَتِهِ حَتَّى يذكر اقتفاء علمه بالمبطل لَهَا كَمَا مرّ فِي خطاب الْقُضَاة. وَظَاهر قَوْله: وَلم يزل على ذَلِك الخ. أَنه يَسُوقهَا مساق الْقطع، وَلَيْسَ ذَلِك بل على الْعلم فَقَط كَمَا مرّ، وَهل لَا بُد أَن يشْهد الشَّاهِد بالخط أَو غَيره أَن الْمَشْهُود على خطه كَانَ يعرف من أشهده معرفَة عين لِئَلَّا يكون قد شهد على من لَا يعرف، وَلَا سِيمَا وَقد غلب تساهل النَّاس فِي وضع شَهَادَتهم على من لَا يعْرفُونَ. وَهَذَا قَول ابْن زرب وَصحح ودرج عَلَيْهِ (خَ) فِي قَوْله: وَإنَّهُ كَانَ يعرف مشهده أَو لَا يشْتَرط ذَلِك وَهُوَ ظَاهر النّظم وَكَلَام الْمُتَقَدِّمين. ابْن رشد: وَهُوَ الصَّوَاب وَبِه الْعَمَل لِأَن ذَا الْخط يحمل على أَنه لم يَضَعهَا إِلَّا عَن معرفَة وَإِلَّا كَانَ شَاهدا بزور وَالْغَرَض أَنه عدل، وَهَذَا إِذا كَانَت الْوَثِيقَة الْمَشْهُود على خطها خَالِيَة من الْمعرفَة والتعريف وَالْوَصْف، وإلَاّ فَلَا يشْتَرط ذَلِك اتِّفَاقًا، وَظَاهر النّظم أَنه لَا يشْتَرط إِدْرَاك صَاحب الْخط وَهُوَ كَذَلِك على مَا بِهِ الْعَمَل، وَنَقله فِي المعيار عَن اللَّخْمِيّ وَغَيره قَالُوا: وَلَو تكَرر عَلَيْهِ خطه وَعلمه بالتواتر حَتَّى لَا يشك فِيهِ صَحَّ أَن يشْهد أَنه خطه لِأَنَّهُ إِذا تكَرر وَطَالَ حصل الْعلم بِهِ كَمَا نقطع بخطوط قوم مَاتُوا، وَمَا أدركناهم الخ. وَفِي نَوَازِل الْبيُوع مَا نَصه: إِذا كَانَ الشَّاهِد مَعْرُوفا بِالشَّهَادَةِ فِي ذَلِك الْبَلَد وتكررت مِنْهُ فِي الوثائق جَازَ لمن عِنْده الْعلم بهَا أَن يُحْيِيهَا، وَإِن لم يعاصره اه. وَعَلِيهِ عول ناظم الْعَمَل حَيْثُ قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>