لَا رجوعهم وغرما مَالا ودية وَلَو تعمدا الزُّور فَإِن المَال يسْتَوْفى وَلَا يقْتَصّ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا عَلَيْهِمَا الدِّيَة فَقَط فِي أموالهما، وَأما إِن رجعا بعد الحكم والاستيفاء فَلَيْسَ إِلَّا غرم المَال وَالدية وَإِن لم يثبت عمدهما فَإِن ثَبت فَالدِّيَة عِنْد ابْن الْقَاسِم أَيْضا وَالْقصاص عِنْد أَشهب، فَقَوْل النَّاظِم: وَإِن مضى الحكم الخ، صَادِق بالصورتين وَشَمل أَيْضا مَا إِذا تَبرأ الشُّهُود من الشَّهَادَة بعد الحكم بهَا وادّعوا عدم أَدَائِهَا، وَإِن الْإِشْكَال مستعملة عَلَيْهِم وجوروا القَاضِي فَإِنَّهُ لَا يلْتَفت إِلَيْهِم كَمَا مرّ فِي المعيار وَغَيره، وَتقدم عَن التَّبْصِرَة أَن فِيهِ قَوْلَيْنِ وبعدم النَّقْض قَالَ ابْن الْقَاسِم لِأَن ذَلِك رُجُوع. وَانْظُر هَل يجْرِي فيهم الْخلاف بالغرامة وَعدمهَا أَو لَا لأَنهم لم يقرُّوا بِالشَّهَادَةِ الْمُوجبَة للغرامة، وَشَمل أَيْضا مَا إِذا ثَبت الرَّسْم عِنْد القَاضِي وَأشْهد أَنه ثَبت عِنْده وَأَنه حكم بإمضائه وإعماله ثمَّ طرأت جرحة من عزل أَو رُجُوع أَو نَحْوهمَا. فَالظَّاهِر أَنه حكم نفذ فَلَا تسْقط الشَّهَادَة لِأَنَّهُ حكم بإنفاذه قَاصِدا لهَذَا الْوَجْه قَالَه الْبُرْزُليّ. وَقد تحصل أَن الرُّجُوع بعد الحكم وَقبل الِاسْتِيفَاء فِيهِ قَولَانِ فِي الدَّم، وَأما المَال فيستوفى اتِّفَاقًا من ابْن الْقَاسِم وَأَشْهَب، وَأما بعد الحكم والاستيفاء فَقَوْلَانِ فِي الدَّم بِالْقصاصِ وَعَدَمه مَعَ الْعمد، وَكَذَا فِي المَال بالغرامة وَعدمهَا كَعَدم التعمد فِي الدَّم وَمحل الْخلاف فِي اسْتِيفَاء الدَّم مَا لم يثبت كذبهمْ كحياة من قتل أوجبه قبل الزِّنَا وَمحله أَيْضا إِذا ادّعى الْوَهم والتشبيه فَإِن اعْترف بالزور فَهُوَ قَوْله: وشاهِدُ الزُّورِ اتِّفاقاً يَغْرِمُهْ فِي كلّ حالٍ والعِقابُ يَلْزَمُهْ (وَشَاهد الزُّور) مُبْتَدأ وَهُوَ كَمَا لِابْنِ عَرَفَة الشَّاهِد بِغَيْر مَا يعلم عمدا وَلَو طابق الْوَاقِع رُوِيَ أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ: (عدلت شَهَادَة الزُّور الْإِشْرَاك بِاللَّه) ثَلَاث مَرَّات. وَيدل للْحَدِيث الْكَرِيم قَوْله تَعَالَى: فَاجْتَنبُوا الرجس من الْأَوْثَان وَاجْتَنبُوا قَول الزُّور} (الْحَج: ٣٠) الْآيَة وَهُوَ مَأْخُوذ من الزُّور وَهُوَ الانحراف كَمَا أَن الْإِفْك مَأْخُوذ من الْإِفْك وَهُوَ الصّرْف، فَإِن الْكَذِب محرف مَصْرُوف عَن الْوَاقِع قَالَه الْبَيْضَاوِيّ. (اتِّفَاقًا) أَي من ابْن الْمَاجشون وَغَيره وَهُوَ حَال من الْغرم الْمَدْلُول عَلَيْهِ بالْخبر الَّذِي هُوَ (يغرمه) فَالضَّمِير الْمُسْتَتر يعود على الشَّاهِد والبارز يعود على مَا الْوَاقِعَة على الشَّيْء الْمُتْلف بِفَتْح اللَّام فِي الْبَيْت قبله أَي يغرم مَا أتْلفه حَال كَون غرمه مُتَّفقا عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَب (فِي كل حَال) أَي كَانَ الْمَشْهُود بِهِ مَالا أَو دَمًا عِنْد ابْن الْقَاسِم كَمَا مر عَن (خَ) فِي قَوْله: وَلَو تعمد الخ. وَقَالَ أَشهب: يقْتَصّ مِنْهُ فِي الْعمد وَهُوَ أقرب لأَنهم قتلوا نفسا بِغَيْر شُبْهَة، وَالْجَار يتَعَلَّق بقوله يغرمه فَإِن علم الْحَاكِم بزورهم أَو بقادح فيهم أَو علم مُقيم الْبَيِّنَة بكذبهما فالقصاص عَلَيْهِمَا أَو على من علم مِنْهُمَا. وَفهم من قَوْله: لما بهَا الخ أَنه إِذا رَجَعَ أَحدهمَا أَو أقرّ بالزور غرم نصف الْحق فَقَط لِأَنَّهُ لم يتْلف بهَا إلَاّ ذَاك، فَإِن حكم بِشَهَادَتِهِ مَعَ يَمِين الطَّالِب فَقَالَ ابْن الْقَاسِم وَابْن وهب: يغرم المَال كُله وَهُوَ الْمُعْتَمد، وَإِن كَانَ مَبْنِيا على ضَعِيف من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute