الرُّجُوع بِالصّفةِ اتِّفَاقًا قَالَه الرجراجي، وَعَلِيهِ فَالْفرق بَين هَذَا وَبَين مَا مر من أَنه لَا يُوقف لَهُ مَعَ بعد الْبَيِّنَة أَن الذّهاب مَعَ وضع الْقيمَة أخف من الإيقاف من غير ذهَاب لِأَنَّهُ إِذا هلك فِي الذّهاب أَخذ الْمَطْلُوب الْقيمَة، وَفِي الإيقاف لَا يَأْخُذ شَيْئا قَالَ أَبُو الْحسن والعبدوسي: وَقَوله ليذْهب الخ. هَذَا فِي الطَّالِب، وَكَذَا فِي الْمَطْلُوب إِن أَرَادَ الذّهاب بهما ليثبت ملكيتها بعد أَن أثبتها الطَّالِب، وَالْخلاف الَّذِي فِي الذّهاب بالدابة الْمُسْتَحقَّة هَل يتسلسل أَو هُوَ للْأولِ الْمُسْتَحق من يَده فَقَط مَخْصُوص بِمن يُرِيد الرُّجُوع بِثمنِهِ، وَأما من أَرَادَ إِثْبَات ملكيتها فَلهُ الذّهاب أيّاً كَانَ وَلَا يدْخلهُ الْخلاف، قَالَ مَعْنَاهُ ابْن رحال، وَهَذِه الْمَسْأَلَة لَهَا فروع تتَعَلَّق بهَا أضربنا عَنْهَا لكَونهَا أَجْنَبِيَّة من النّظم وَالله أعلم. وَقَوله: إِلَّا أَن يَدعِي الخ هَذِه هِيَ الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة الَّتِي تقدم أَن النَّاظِم لم يتَكَلَّم عَلَيْهَا لِأَن الإيقاف بِغَيْر ذهَاب إِمَّا بالنشدان أَو السماع مَعَ دَعْوَى حُضُور الْبَيِّنَة فيهمَا أَو دَعْوَى حُضُور الْبَيِّنَة من غير نشدان وَلَا سَماع إِلَّا أَنه فِي الأولى وَالثَّانيَِة يُوقف من الْخَمْسَة إِلَى الْجُمُعَة، وَفِي الثَّالِثَة الْيَوْم وَنَحْوه كَمَا مر، وَقَوله أَو سَمَاعا يثبت بِهِ الخ أَي يثبت بِهِ اللطخ لَا السماع الْمُفِيد للْعلم فَهُوَ دَاخل تَحت قَوْله: حَاضِرَة، وَقَوله وضع قِيمَته أَي عينا وَلَا يَكْتَفِي مِنْهُ بكفيل إِلَّا بِرِضا الآخر إِلَّا أَن يكون العَبْد قد اسْتحق نَفسه بحريّة فيكتفي مِنْهُ بِهِ، وَمَفْهُوم حَاضِرَة أَنه إِذا لم يدع ذَلِك لَا إيقاف أصلا لَا للذهاب وَلَا للإتيان بِبَيِّنَة وَهُوَ ظَاهر قَول النَّاظِم ومدع كَالْعَبْدِ الخ. وَحكى ابْن نَاجِي الِاتِّفَاق على عدم الإيقاف حِينَئِذٍ. ٩ قَالَ ابْن أبي زمنين: وَلَو جَازَ هَذَا أَي الإيقاف بِغَيْر لطخ لاعترض النَّاس أَمْوَال النَّاس اه. وَهَذَا هُوَ الْقسم السَّادِس الْمُتَقَدّم فِي التَّحْصِيل. قلت: وَجرى الْعَمَل بالإيقاف بِمُجَرَّد الدَّعْوَى وتمكينه من وضع الْقيمَة وَلَو لبلد بعيد قَالَ ناظمه: وكل مُدع للاستحقاق مكن من الْإِثْبَات بِالْإِطْلَاقِ وَبحث فِي هَذَا الْعَمَل غير وَاحِد بِأَن الْعَمَل لَا بُد أَن يسْتَند إِلَى قَول وَلَا قَائِل بإيقاف بِمُجَرَّد الدَّعْوَى. قلت: رَأَيْت فِي اخْتِصَار الوانشريسي للبرزلي ناسباً لأوائله مَا نَصه: لَا يُفْتى بِغَيْر قَول ابْن الْقَاسِم إِلَّا فِي خمس مسَائِل فَذكرهَا إِلَى أَن قَالَ: الرَّابِعَة تَوْقِيف المخصوم فِيهِ قبل إِثْبَات الطَّالِب وَهُوَ رِوَايَة ابْن عبد الحكم وَابْن كنَانَة اه. وَقد علمت أَن مَا مرّ فِي النّظم و (خَ) كُله فِي الْمُدَوَّنَة فَلم يبْق حمله إِلَّا على مُجَرّد الدَّعْوَى فَانْظُر ذَلِك فِي أَوَائِل الْبُرْزُليّ، وانظره مَعَ مَا مرّ عَن ابْن نَاجِي من الِاتِّفَاق على أَن هَذَا الْعَمَل إِن صَحَّ مُسْتَنده فَفِيهِ مَا لَا يخفى من الْإِخْلَال بِحَق الْمَطْلُوب والمحافظة على حق الطَّالِب، فَإِن كَانَ وَلَا بدّ فَيَنْبَغِي أَن يضع قيمَة كرائها فِي أَيَّام الذّهاب والإيقاف زِيَادَة على قيمتهَا، فَإِن لم يثبت شَيْئا أَخذه الْمَطْلُوب لِأَن هَذَا قد اعْترض مَال غَيره وعطله عَن مَنَافِعه من غير أَن يسْتَند إِلَى لطخ بِخِلَاف مَا إِذا اسْتندَ لَهُ فَلَا يضمن الْكِرَاء للشُّبْهَة وَلم أر ذَلِك مَنْصُوصا لأحد مِمَّن قَالَ بِهَذَا الْعَمَل، وَقد حكى كثير من النَّاس أَنهم كَانُوا إِذا تعذر عَلَيْهِم المعاش يذهبون للفنادق فيعترضون دَوَاب الواردين حَتَّى يصالحوهم بِقَلِيل أَو كثير، وَلَا سِيمَا إِن كَانَ رب الدَّابَّة مزعوجاً يُرِيد الْخُرُوج فِي الْحِين، وَقد شاهدنا من ذَلِك الْعجب العجاب وَقد قَالَ فِي الذَّخِيرَة: إِذا الْتزم الْمُدعى عَلَيْهِ إِحْضَار الْمُدعى فِيهِ لتشهد الْبَيِّنَة على عينه فَإِن ثَبت الْحق فالمؤنة على الْمُدعى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُبْطل وإلَاّ فعلى الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ مُبْطل فِي ظَاهر الشَّرْع وَلَا تجب أُجْرَة تَعْطِيل الْمُدَّعِي بِهِ فِي مُدَّة الْإِحْضَار اه. فَتَأمل قَوْله لِأَنَّهُ مُبْطل فِي ظَاهر الشَّرْع الخ. مَعَ أَن مَا قَالَه من وجوب الْإِحْضَار إِنَّمَا هُوَ مَعَ قيام اللطخ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute