للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلما تكلم على مَا حَضَره من الْأَفْرَاد الَّتِي تجوز فِيهَا تكلم على شُرُوطهَا الْعَامَّة فِي كل فَرد مِنْهَا فَقَالَ: وشَرْطُها اسْتِفَاضَةٌ بَحَيْثُ لَا يُحْصَرُ مَنْ عَنْهُ السَّماعُ نُقِلَا (وَشَرطهَا) مُبْتَدأ خَبره (استفاضة بِحَيْثُ) يتَعَلَّق بِمَحْذُوف صفة (لَا يحصر) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول: (من) نَائِب (عَنهُ) يتَعَلَّق بنقلا (السماع) مُبْتَدأ (نقلا) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول خبر وَالْجُمْلَة صلَة من وَالْجُمْلَة من قَوْله لَا يحصر الخ فِي مَحل جر بِإِضَافَة حَيْثُ، وَيجوز أَن يكون بِحَيْثُ عطف بَيَان على استفاضة وَتَفْسِير لَهُ، فالاستفاضة هِيَ أَن يكون الْمَنْقُول عَنهُ غير معِين وَلَا مَحْصُور، وَهَذَا الشَّرْط لَا بُد من التَّصْرِيح بِهِ فِي الْوَثِيقَة أَو عِنْد الْأَدَاء، وَهُوَ الَّذِي يعبرون عَنهُ بكيفية شَهَادَة السماع وصفتها أَي: هَذِه الْكَيْفِيَّة وَالصّفة شَرط فِيهَا فَيَقُولُونَ سمعنَا أَو لم نزل نسْمع سَمَاعا فاشياً من أهل الْعدْل وَغَيرهم وَلَا يسمون المسموع مِنْهُ فَإِن سموهُ خرجت إِلَى شَهَادَة النَّقْل فَتعْتَبر حِينَئِذٍ شُرُوطه الْمشَار لَهَا بقول (خَ) كأشهد على شهادتي إِن غَابَ الأَصْل أَو مَاتَ أَو مرض وَلم يطْرَأ فسق أَو عَدَاوَة الخ. أما اشْتِرَاط الفشو فمتفق عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهر النّظم إِذْ هُوَ مُرَاده بالاستفاضة، وَأما كَونه عَن الْعُدُول وَغَيرهم فَفِيهِ خلاف فَالَّذِي للمتيطي وَابْن فتوح وَهُوَ ظَاهر قَول ابْن الْقَاسِم فِي الْمُوازِية؛ أَنه لَا بُد من الْجمع بَين الْكَلِمَتَيْنِ الْعُدُول وَغَيرهم فِي الْوَثِيقَة أَو عِنْد الْأَدَاء وَإِلَّا سَقَطت الشَّهَادَة قَالُوا: وَبِه الْعَمَل وَهَذَا ظَاهر قَول النّظم بِحَيْثُ لَا يحصر الخ. أَي: بِحَيْثُ لَا يحصر من نقل عَنهُ السماع فِي الْعُدُول أَو فِي غَيرهم وَظَاهر الْمُدَوَّنَة أَن السماع من أَحدهمَا كَاف وَهُوَ مَا شهره فِي ضيح وَابْن عَرَفَة فِي بَاب الْخلْع والمتيطي فِي ضَرَر الزَّوْجَيْنِ فَقَالُوا: إِن الْمَشْهُور الْمَعْمُول بِهِ صِحَة الشَّهَادَة بِالسَّمَاعِ فِي الضَّرَر، وَإِن لم يكن من عدُول بل من لفيف النِّسَاء وَالْجِيرَان فَقَط، وَجعلُوا القَوْل بِاشْتِرَاط كَونه من الْعُدُول وَغَيرهم مُقَابلا، وَالظَّاهِر من حكايتهم الْأَقْوَال الْمُقَابلَة أَنه لَا خُصُوصِيَّة للضَّرَر بذلك لِأَن تِلْكَ الْأَقْوَال جَارِيَة فِي جَمِيع الْأَفْرَاد، وعَلى هَذَا عول العبدوسي فِي قصيدته حَيْثُ قَالَ على مَا أصلحه بِهِ ابْن غَازِي: وَلَيْسَ سَمعهَا من الْعُدُول شرطا بل اللفيف فِي الْمَنْقُول وَكَذَا ابْن عرضون فِي آخر قصيدته الْآتِيَة وَرجحه (ح) فِي الشَّهَادَات فَتبين أَن كلاًّ من الْقَوْلَيْنِ عمل بِهِ، وَزَاد الْأَخير على الأول بِكَوْنِهِ مَشْهُورا ظَاهر الْمُدَوَّنَة بِخِلَاف الأول، فَإِنَّمَا هُوَ ظَاهر الْمُوازِية كَمَا صرح بِهِ المتيطي فِي نهايته فِي ضَرَر الزَّوْجَيْنِ وَمَا تقدم عَنهُ من أَنه لَا بُد من الْجمع بَين الْكَلِمَتَيْنِ. ذكره فِي بَاب الْحَبْس وَلم يُصَرح أحد بتشهيره فِيمَا علمت. فَإِن قيل: التشهير الْمَذْكُور خَاص بِالضَّرَرِ. قُلْنَا: هُوَ خلاف ظَاهر كَلَامهم، وَيلْزم عَلَيْهِ أَن الْعَمَل الْمَذْكُور خَاص بِالْحَبْسِ لأَنهم فِيهِ ذَكرُوهُ، وَأَيْضًا (فَإِن الْعلَّة) الَّتِي علل بهَا عدم الِاشْتِرَاط كَمَا لِابْنِ عبد السَّلَام وَغَيره، وَهِي أَن الْمَقْصُود حُصُول الْعلم أَو الظَّن للشَّاهِد، وَذَلِكَ يحصل من خبر غير

<<  <  ج: ص:  >  >>