وَجُمْلَةُ الكُفَّارِ يَحْلِفُونَا أَيْمَانَهُمْ حَيْثُ يُعَظِّمُونَا (وَجُمْلَة الْكفَّار) من الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس وَغَيرهم (يحلفونا أَيْمَانهم) الْوَاجِبَة عَلَيْهِم لمُسلم أَو كَافِر (حَيْثُ يعظمونا) من الْأَمْكِنَة كالكنيسة لِلْيَهُودِيِّ والبيعة لِلنَّصْرَانِيِّ وَبَيت النَّار للمجوسي، وَمن ذَلِك يَوْم السبت كَمَا فِي الدَّعَاوَى والأيمان من المعيار وَنَحْوه لِابْنِ هِلَال فِي نوازله، وَهُوَ ظَاهر النّظم، وَظَاهره أَنهم يجبرون على الْقيام والاستقبال لقبلتهم وَمن كَانَ مِنْهُم بالبادية لَا يجد موضعا يعظمه يجلب لأَقْرَب مَوضِع يعظمه وإلَاّ حلف حَيْثُ هُوَ وَأَنَّهَا لَا تغلظ عَلَيْهِ بذلك إِلَّا فِي ربع دِينَار فَأكْثر وَجُمْلَة يحلفُونَ خبر عَن قَوْله جملَة والظرف يتَعَلَّق بِهِ وَجُمْلَة يعظمون فِي مَحل جر بِحَيْثُ. وَلما أفهم كَلَامه فِيمَا مر أَن التَّغْلِيظ بِالزَّمَانِ غير مُعْتَبر أَفَادَ أَنه قد يغلظ بِهِ فِي بعض الْحُقُوق فَقَالَ: وَمَا كَمِثْلِ الدَّمِ وَاللِّعَانِ فِيهِ تَحَرِّي الْوَقْتِ والْمَكَانِ (وَمَا) كَانَ من الْأَيْمَان فِي الْحُقُوق الْعِظَام (كَمثل الدَّم) أَي الْقسَامَة أَو تَحْلِيف الْقَاتِل الْوَلِيّ على الْعَفو (وَاللّعان فِيهِ) خبر عَن قَوْله (تحري الْوَقْت) وَالْجُمْلَة خبر مَا، وَظَاهره أَن التَّغْلِيظ بِالْوَقْتِ فِي هذَيْن وَاجِب بِالْقضَاءِ لمن طلبه، وَحكي عَلَيْهِ فِي الشَّامِل الِاتِّفَاق فَقَالَ: وغلظت على مُسلم فِي دم ولعان بِجَامِع وَوقت صَلَاة اتِّفَاقًا وَنَحْوه فِي ضيح، وَنقل ابْن عَرَفَة ذَلِك عَن ابْن حبيب، وَابْن الْقَاسِم وَأصبغ وَابْن كنَانَة إِلَّا أَنه ألحق فِي رِوَايَة ابْن كنَانَة المَال الْعَظِيم بهما وَنَحْوه فِي الْجَوَاهِر، وَظَاهر الْمُدَوَّنَة عدم التَّغْلِيظ بِالزَّمَانِ فيهمَا كَمَا لِابْنِ نَاجِي، وَالَّذِي فِي المعونة أَن التَّغْلِيظ بِالزَّمَانِ فيهمَا مُسْتَحبّ وَنَحْوه لِابْنِ فَرِحُونَ فِي تبصرته عَن مَالك فِي غير الْمُدَوَّنَة وَهُوَ الْمُوَافق لقَوْل (خَ) فِي اللّعان، وَندب أثر صَلَاة، وَذكر ابْن نَاجِي فِي شرح الْمُدَوَّنَة عَن ابْن رشد، أَن كَون الْقسَامَة بعد صَلَاة الْعَصْر يَوْم الْجُمُعَة كَمَا قيل: هُوَ الَّذِي بِهِ الْعَمَل قَالَ ابْن رحال: وَاللّعان مثلهَا كَمَا لَا يخفى وَظَاهر مَا بِهِ الْعَمَل أَنه على وَجه الْوُجُوب كَمَا هُوَ ظَاهر النَّقْل يَعْنِي الْمُتَقَدّم عَن ابْن كنَانَة وَغَيره فيتحصل ثَلَاثَة أَقْوَال: وجوب التَّغْلِيظ كَمَا هُوَ ظَاهر المُصَنّف وَبِه الْعَمَل وَعَدَمه لظَاهِر الْمُدَوَّنَة وَهُوَ ظَاهر (خَ) فِي مُخْتَصره فِي الشَّهَادَات واستحبابه كَمَا فِي المعونة وَعَلِيهِ عول (خَ) فِي اللّعان، وَإِنَّمَا خصوا الْعَصْر بِمَا ذكر لما رُوِيَ أَن الْأَيْمَان بعد الْعَصْر لَيست لَهَا تَوْبَة. وَرُوِيَ الْأَيْمَان تكون بعد الظّهْر وَالْعصر فِي الْقسَامَة وَاللّعان وَالْعصر أشدهما قَالَه فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute