للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

شعْبَان: إِن السَّفِيه كَالصَّبِيِّ لَا يحلف مَعَ شَاهده، بل حَتَّى يرشد. وَرَوَاهُ مطرف عَن مَالك فَهَذِهِ ثَلَاثَة أَقْوَال فِي يَمِينه مَعَ الشَّاهِد وَفِي نُكُوله عَن يَمِيني الْقَضَاء والاستحقاق يقْضى لَهُ بِحقِّهِ وتؤخر عَنهُ الْيَمين إِلَى رشده، فَإِن حلف حِينَئِذٍ اسْتمرّ قَبضه وإلاّ رد مَا أَخذ فَهُوَ يحلفها الْآن لِئَلَّا يضيع حق الْخصم باستمراره فِي السَّفه طول عمره، فَإِن نكل قضي لَهُ بِالْحَقِّ وأرجئت الْيَمين إِلَى رشده. هَذَا هُوَ الْجَارِي على مَا مرّ من أَن الرَّاجِح أَنه يحلفها الْآن وَأَن نُكُوله لَا يبطل حَقه مِنْهَا بعد رشده، وَلَا يُخَالف هَذَا قَول ابْن عتاب. وَأكْثر الأندلسيين تُؤخر عَنهُ يَمِين الْقَضَاء ابْتِدَاء وَلَا يُخَاطب بهَا فِي الْآن لِأَنَّهُ يلْزمهُم أَن يَقُولُوا بِالتَّأْخِيرِ بعد النّكُول بالأحرى، وَكَذَا لَا يُخَالف مَفْهُوم قَول النَّاظِم بعد لغير بَالغ الخ. لِأَن مَعْنَاهُ حِينَئِذٍ لَا تُؤخر عَن الْبَالِغ ابْتِدَاء بل بعد النّكُول، وَلم أَقف على من قَالَ بِبُطْلَان حَقه بِالنّكُولِ عَن يَمِين الْقَضَاء مَعَ يَمِين الْمَطْلُوب، وأشعر قَوْله يحلف مَعَ عدل الخ أَنه مُدع وَأَنه إِذا كَانَ مدعى عَلَيْهِ وتوجهت عَلَيْهِ يَمِين الْإِنْكَار أَو يَمِين التُّهْمَة فَلَا يَمِين عَلَيْهِ الْآن وَهُوَ كَذَلِك خلافًا للأصيلي إِذْ لَا تتَوَجَّه الْيَمين إِلَّا حَيْثُ لَو أقرّ الْمَطْلُوب لزمَه، وَهنا لَيْسَ كَذَلِك. هَكَذَا ذكر الْمَازرِيّ وَغَيره هَذِه الْقَاعِدَة وَهِي لَا تعكر على مَا تقدم من أَن السَّفِيه يحلف مَعَ أَن إِقْرَاره لَا يلْزم لِأَنَّهَا خَاصَّة بِمَا يدْفع كَمَا مرّ فِي شُرُوط الدَّعْوَى، وَلذَا قَالَ بَعضهم كَمَا فِي الْمجَالِس المكناسية: ضَابِط يَمِين السَّفِيه أَنه يحلف فِيمَا يقبض لَا فِيمَا يدْفع. نعم هِيَ ظَاهِرَة على قَول ابْن عتاب وموافقيه أَنه لَا يحلف فِي الْوَجْهَيْنِ إِلَى أَن يرشد، وَلَعَلَّ الْمَشْهُور إِنَّمَا قَالَ: يحلف فِيمَا يقبض لِئَلَّا يضيع حق الْخصم بِبَقَائِهِ فِي الْحجر كَمَا مرّ، وَفهم من قَوْله لزمَه أَن دعاوى غير المَال كالدعوى عَلَيْهِ بِمَا يُوجب عُقُوبَته فِي بدنه وَهُوَ مِمَّن يتهم أَو إِرَادَة السفيهة الْقطع على زَوجهَا الْغَائِب، وأثبتت الموجبات تتَوَجَّه عَلَيْهَا الْيَمين للزومها لَهُ بِالْإِقْرَارِ كحلفه لرد شَهَادَة الشَّاهِد عَلَيْهِ بِالطَّلَاق. وَالْحَاصِل أَن الدَّعْوَى على الْمَحْجُور بِالْمَالِ إِذا لم تكن بَيِّنَة لَا توجب يَمِينا الْآن فَإِذا بلغ أَو رشد نظر، فَإِن كَانَت الدَّعْوَى فِيمَا يتَعَلَّق بِذِمَّتِهِ أَو بِمَالِه وَالْمَال بَاقٍ كَانَ للْمُدَّعِي تَحْلِيفه فَإِن حلف برىء وإلاّ غرم وَإِن ذهب المَال الَّذِي تعلّقت الدَّعْوَى بِهِ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ، وَالَّذِي يتَعَلَّق بِالذِّمةِ هُوَ مَا أفْسدهُ مِمَّا لم يُؤمن عَلَيْهِ. هَكَذَا ذكر بَعضهم هَذَا التَّحْصِيل فِي الصَّغِير وَالسَّفِيه مثله، بل فِي الْبُرْزُليّ فِي نَوَازِل الْمديَان مَا نَصه. ابْن سهل: الصَّوَاب عِنْدِي مَا جرى بِهِ الْعَمَل من الْمَنْع من تعلق الْيَمين بالسفيه، وَفِي وثائق ابْن الْهِنْدِيّ ترجأ الْيَمين عَلَيْهِ إِلَى إِطْلَاقه، وَلَو ادّعى السَّفِيه على رجل بِدَعْوَى فنكل الْمَطْلُوب فَإِنَّهُ يغرم وَلَا يحلف السَّفِيه حَتَّى يرشد، وَإِنَّمَا حلف مَعَ الشَّاهِد لإحياء السّنة. ابْن سهل: وَالصَّحِيح عِنْدِي أَن يحلف الْآن إِذا نكل الْمَطْلُوب ورد عَلَيْهِ الْيَمين لِأَنَّهُ رَضِي بِيَمِينِهِ حِين نكل اه. وَكَلَام النَّاظِم ظَاهر فِيمَا لم يتوله ولي السَّفِيه من الْمُعَامَلَات أما مَا تولاه وليه فَإِنَّهُ الَّذِي يحلف فِيهِ مَعَ الشَّاهِد فَإِن رد الْيَمين على الْمَطْلُوب وَحلف برىء وَغرم الْوَلِيّ وَكَذَا يغرم إِذا ادّعى عَلَيْهِ غَرِيم الْمَيِّت الدّفع إِلَيْهِ فَرد الْيَمين على الْغَرِيم لجنايته برد الْيَمين، وَهل يغرم الْقيمَة فِيمَا إِذا بَاعَ لَهُ سلْعَة وَأنكر الْمُبْتَاع أَو الْأَكْثَر مِنْهَا وَمن الثّمن؟ انْظُر الشَّارِح. تَنْبِيه: قَالَ فِي التَّبْصِرَة: وَأما الْمَعْتُوه فَإِن الْمَطْلُوب يحلف وَيبرأ وَإِن نكل غرم، فَإِن حلف الْمَطْلُوب ثمَّ بعد ذَلِك عقل الْمَعْتُوه فَإِنَّهُ يحلف مَعَ شَاهده وَيسْتَحق حَقه اه.

<<  <  ج: ص:  >  >>