مُرَاده بَيَان مَا يُسمى بِهِ الضَّامِن كَمَا هُوَ ظَاهره، وَإِنَّمَا مُرَاده بَيَان صِيغ الضَّمَان الَّتِي ينْعَقد بهَا وتدل عَلَيْهِ فَإِذا قَالَ: أَنا زعيم أَو حميل أَو ضَامِن أَو قبيل أَو غَرِيم بغين مُعْجمَة فمهملتين بَينهمَا مثناة تحتية أَو صبير أَو مَدين أَو أذين فَذَاك كُله ضَمَان. عِيَاض: هَذِه الْأَلْفَاظ كلهَا بِمَعْنى وَاحِد واشتقاق ذَلِك كُله من الْحِفْظ والحياطة فَكَانَ الكافل حَافظ وحائط لما ولي من الْأُمُور وَلما الْتَزمهُ من مَال وَنَحْوه. زَاد فِي الْمُدَوَّنَة لَو قَالَ: هُوَ لَك عِنْدِي أَو عَليّ أَو إِلَيّ أَو قبلي فَذَلِك كُله حمالَة إِن أَرَادَ الْوَجْه لزمَه، وَإِن أَرَادَ المَال لزمَه اه. وَمَا ذكره من أَنه يرجع لقصده فِي جَمِيع تِلْكَ الْأَلْفَاظ هُوَ مَذْهَب الْأَكْثَر كَمَا فِي مُعْتَمد الناجب بِنَاء على أَن الأَصْل عدم الضَّمَان فَلَا يُوجد إِلَّا بتفسيره وعَلى هَذَا اقْتصر اللَّخْمِيّ والمتيطي، وَصدر بِهِ فِي الْجَوَاهِر. ابْن رحال: وَهُوَ التَّحْقِيق وَصوب عبد الْحق وَتَبعهُ ابْن رشد وَابْن يُونُس أَنه لَا يصدق فِي إِرَادَة الْوَجْه إِلَّا بِدَلِيل من لفظ أَو قرينَة وإلَاّ فَهُوَ مَحْمُول على المَال لِأَنَّهُ الْمُتَبَادر عِنْد سَماع هَذِه الْأَلْفَاظ، وَلقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: (الزعيم غَارِم) وَعَلِيهِ عوّل (خَ) حَيْثُ قَالَ: وَحمل فِي مُطلق: أَنا حميل أَو زعيم أَو قبيل وَشبهه على المَال على الْأَرْجَح اه. فمراده بالمطلق مَا عري عَن التَّقْيِيد بِالْمَالِ وَالْوَجْه بِلَفْظ وَلَا قرينَة كَمَا فِي ابْن عَرَفَة، وَأما إِن قُلْنَا مُرَاده بالمطلق مَا عري عَن التَّقْيِيد وَالنِّيَّة لَكَانَ كَلَامه مُوَافقا لما مر عَن الْمُدَوَّنَة، وَأَنه إِنَّمَا يحمل على المَال إِذا لم ينوِ شَيْئا وَفهم من النّظم وَمِمَّا مرّ أَن قَوْله هُوَ ثِقَة لَيْسَ بِضَمَان وَأفْتى أَبُو شَاكر حَسْبَمَا فِي الْبُرْزُليّ عَن ابْن الْحَاج فِي الرجل يقف بسوق الدَّوَابّ وَالْبَقر يَقُول فِي رجل عاملوه هُوَ ثِقَة أَن ذَلِك كالضمان يلْزم الْغرم، وَأفْتى غَيره بِأَنَّهُ يحلف مَا أَرَادَ بذلك ضمانا وبرءاً، وَنَحْوه فِي ابْن سَلمُون. الْبُرْزُليّ: حكى ابْن رشد فِي شَرحه قَوْلَيْنِ فِي قَوْله ثِقَة هَل يضمن أَو لَا بِنَاء على أَن الْغرُور بالْقَوْل هَل يلْزم بِهِ الضَّمَان أَو لَا، وَهُوَ الْمَشْهُور، وَأما إِن قَالَ: أَنا ضَامِن لما أفسد فلَان أَو أضرّ بِهِ النَّاس أَو سَرقه أَو هرب بِهِ فِي السُّوق وَنَحْوه فَإِن الضَّمَان لَازم لَهُ فِي جَمِيع مَا أفْسدهُ إِذا ثَبت ذَلِك بِوَاجِب الثبت كَمَا فِي ابْن الْحَاج أَو نَحوه فِي الشَّامِل عَن أصبغ، وَهَذَا من الْحمالَة المترقبة كَقَوْلِه: أَنا حميل بِمَا يثبت على فلَان أَو بِمَا يُوجِبهُ الحكم عَلَيْهِ فَهِيَ حمالَة بِكُل مَا ثَبت وَبِكُل مَا أوجبه الحكم كَمَا لعياض ابْن عَرَفَة: وَجَهل قدر المتحمل بِهِ غير مَانع اتِّفَاقًا اه. وَظَاهر هَذَا وَلَو تبينت مُخَالفَته لظَنّه بِكَثِير، وانظره مَعَ قَول اللَّخْمِيّ عَن ابْن الْقَاسِم فِي الْعُتْبِيَّة أَن هبة الْمَجْهُول يفرق بَين مخالفتها للظن بِكَثِير فَلَا تجوز، وَإِلَّا جَازَت. وَمِنْه إِن قَالَ داين فلَانا وَأَنا حميل بِمَا داينته بِهِ لَكِن إِنَّمَا يلْزمه فِيمَا يشبه أَن يُعَامل بِهِ على الْمُعْتَمد، وَذهب الشَّافِعِي وَالثَّوْري وَاللَّيْث إِلَى عدم جَوَازهَا بِالْمَجْهُولِ وَهُوَ أظهر لِأَنَّهُ بصدد الْأَدَاء وَلَا يدْرِي قدر مَا يسلفه ويؤديه وَالسَّلَف أَخُو البيع. وَهُوَ مِنْ المَعْرُوفِ فَالمَنْعُ اقْتضَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
١٦٤٨ - ; مِنْ أَخْذِهِ أَجْراً بِهِ أَوْ عِوَضا (وَهُوَ) مُبْتَدأ (من الْمَعْرُوف) خبر (فالمنع) مفعول بقوله: (اقْتضى) وفاعل اقْتضى ضمير يعود
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute