للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمُعَامَلَة إِذا كَانَت فَاسِدَة بِمَا قارنها من علل الْفساد كبيعها وَقت نِدَاء الْجُمُعَة أَو بِقِيمَتِهَا أَو على حكمه أَو حكم غَيره أَو رِضَاهُ أَو دَنَانِير بِدَرَاهِم إِلَى أجل وَأخذ مِنْهُ كَفِيلا فَإِن الْكفَالَة سَاقِطَة كَانَت فِي العقد أَو بعده فَلَا مَفْهُوم لقَوْله فِيهِ، وَإِنَّمَا نَص على مَحل الْخلاف لِأَنَّهَا بعد العقد سَاقِطَة اتِّفَاقًا وَظَاهره فَاتَ البيع أم لَا. وَلَا يكون حميلاً بِالْقيمَةِ وَهُوَ قَول ابْن الْقَاسِم فِي الْمُدَوَّنَة والعتبية والموازية. وَرَوَاهُ عَن مَالك وَقَالَهُ ابْن عبد الحكم. ابْن يُونُس: وَوَجهه أَن الْمُعَامَلَة لما فَسدتْ كَانَ مَا سمياه من الثّمن الَّذِي وَقعت بِهِ الْحمالَة غير لَازم فَسقط عَنهُ بسقوطه فِي أصل الشِّرَاء وعَلى هَذَا درج (خَ) حَيْثُ قَالَ: وَبَطل إِن فسد متحمل بِهِ الخ. وَقيل تثبت الْكفَالَة إِذا فَاتَ البيع وعَلى الْكَفِيل الْأَقَل من الثّمن أَو الْقيمَة. اللَّخْمِيّ: وَهَذَا إِذا كَانَ المُشْتَرِي والحميل يجهلان فَسَاد ذَلِك وَإِن كَانَا يعلمَانِ أَو يُعلمهُ المُشْتَرِي لم تلْزم الْحمالَة وَإِن كَانَ الْحميل يعلم وَلَا يعلم المُشْتَرِي لزمَه ذَلِك لِأَنَّهُ غره اه بِنَقْل أبي الْحسن. وَهَذَا التَّفْصِيل هُوَ الَّذِي عول عَلَيْهِ ابْن سَلمُون وَصَاحب الطرر والجزيري والوثائق الْمَجْمُوعَة والمتيطية وَلَفظ اختصارها، وَلَا تجوز الْحمالَة إِلَّا فِي الْمُعَامَلَة الْجَائِزَة، وَأما الْفَاسِدَة فالحمالة فِيهَا سَاقِطَة إِذا علم الطَّالِب بفسادها فَإِن لم يعلم لزم الْحميل الْحمالَة بِالْقيمَةِ قَالَه ابْن الْقَاسِم وَمَالك فِي الْمُدَوَّنَة، وَعَلِيهِ فيقيد النّظم وَلَفظ (خَ) بذلك، وَقد تقدم أَن الرَّهْن فِي البيع الْفَاسِد يبْقى رهنا بِالْقيمَةِ، وَقد علمت أَن كلاًّ من الرَّهْن والحميل أَخذ للتوثق وَمن صور الْفَاسِد مَا فِي الْمُدَوَّنَة عَن ابْن الْقَاسِم أَن الْمُبْتَاع إِذا شَرط على البَائِع خلاص السّلْعَة إِن اسْتحقَّت وَأخذ مِنْهُ بذلك كَفِيلا بَطل البيع وَالْكَفَالَة كمن بَاعَ مَا لَيْسَ لَهُ وَشرط خلاصه، وَقَالَ غَيره: تلْزمهُ الْكفَالَة لِأَنَّهُ أَدخل المُشْتَرِي فِي غرم مَاله فَعَلَيهِ الْأَقَل من قيمَة السّلْعَة يَوْم مُسْتَحقّ أَو الثّمن إِلَّا أَن يكون الْغَرِيم حَاضرا مَلِيًّا فَيبرأ. وَقَوله: يَوْم تسْتَحقّ أَو يَوْم الْقَبْض كَمَا فِي أبي الْحسن اللَّخْمِيّ، وَقَول ابْن الْقَاسِم أَقيس لِأَن تَخْلِيص السّلْعَة لَيْسَ إِلَيْهِ وَقد تحمل بِمَا لَا يقدر عَلَيْهِ من الْوَفَاء بِهِ وَالثمن وَالْقيمَة لَا يَقع عَلَيْهِ حمالَة وَالِاسْتِحْسَان قَول الْغَيْر لتغليب أحد الضررين، فَيلْزمهُ الثّمن أَو الْقيمَة إِن كَانَ أقل اه. عِيَاض: وَلَو لم تسْتَحقّ وَفَاتَ رد البيع لَزِمت الْقيمَة للْمُشْتَرِي وَلَا شَيْء على الْحميل اتِّفَاقًا من ابْن الْقَاسِم والغير لِأَنَّهُ إِنَّمَا ضمن تَخْلِيصهَا من الِاسْتِحْقَاق، وَهَذِه لم تسْتَحقّ اه. وَقد علم من نَصهَا الْمُتَقَدّم أَن مَا يَفْعَله بعض الْإِشْرَاك من بيع جَمِيع الأَرْض الْمُشْتَركَة وَيشْتَرط للْمُبْتَاع أَنه إِن قَامَ عَلَيْهِ بعض الْإِشْرَاك فَهُوَ الَّذِي يرضيه بِالثّمن أَو بمعاوضة فِي أرضه الْأُخْرَى فَاسد لَا يجوز لِأَن ذَلِك من بيع مَا لَيْسَ عِنْده فَهُوَ نوع من الْخَلَاص الْمَذْكُور، وَكَذَا لَو بَاعَ لَهُ الأَرْض الْمُشْتَركَة على أَنه إِن قَامَ الشَّرِيك وَأخذ حَظه عاوضه فِي أَرض أُخْرَى كَيْلا أَو بِغَيْر كيل لم يجز كَانَت الأَرْض الَّتِي يعاوضه فِيهَا مُعينَة أَو غير مُعينَة لِأَن الْمُبْتَاع لَا يدْرِي أَي الْأَرْضين اشْترى، وَكَذَا إِن كَانَ الْملك لَهُ وَحده وَبَاعه على أَنه إِن اسْتحق من يَده عاوضه فِي أَرض أُخْرَى مُعينَة أم لَا. فَإِن الْتزم لَهُ بذلك بعد العقد، فَالْبيع جَائِز وَالشّرط بَاطِل قَالَه أَبُو الضياء مِصْبَاح حَسْبَمَا فِي المعيار، وَفِي الْمُتَيْطِيَّة: فَإِن تبَايعا على أَن الأَرْض إِن لم تف بذلك وفاه من أَرض مُعينَة لم يجز أَيْضا لِأَنَّهُ لَا يدْرِي مَا تنقصه من الْكَيْل وَلَا كم يَأْخُذهُ من تِلْكَ الأَرْض وَلَا كم يتْرك مِنْهَا وَذَلِكَ كُله غرر اه. وَكَذَا نقل فِي الدّرّ النثير عَن الْأَخَوَيْنِ أَن الْقَوْم إِذا اصْطَلحُوا فِي مَوَارِيث بَينهم وَكَانَ بَعضهم غَائِبا فَيضمن الْحَاضِرُونَ رضَا الغائبين إِن كَرهُوا الصُّلْح أَن ذَلِك لَا يجوز وَيفْسخ الصُّلْح وَذَلِكَ لِأَن الْوَرَثَة صَالحُوا بِمَا دفعُوا وَبِمَا يرضون بِهِ الْغَائِب وَهُوَ مَجْهُول.

<<  <  ج: ص:  >  >>