وَالْأَصْل حضوراً ثَلَاث مَرَّات فَحذف الْمصدر وناب عَنهُ عدده كَقَوْلِه تَعَالَى: فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جلدَة} (النُّور: ٤) أَي جلدا ثَمَانِينَ (من) زَائِدَة (انعزال) مُبْتَدأ خَبره فِي الْمَجْرُور الْمُتَقَدّم. إلَاّ لِعُذْرِ مَرَضٍ أَوْ لِسَفَرْ ومِثْلُه مُوَكَّلٌ ذَاكَ حَضَرْ (إِلَّا) اسْتثِْنَاء (لعذر) يتَعَلَّق بالاستقرار فِي الْخَبَر الْمُتَقَدّم على أَنه بدل من مُقَدّر، وَالْعَامِل فِي الْبَدَل هُوَ الْعَامِل فِي الْمُبدل مِنْهُ أَي: وَمَا انعزال ثَابت للحاضر للجدال لوجه من الْوُجُوه إِلَّا لعذر (مرض) مُضَاف إِلَيْهِ (أَو لسفر) مَعْطُوف على مرض وَاللَّام زَائِدَة، وَيحْتَمل أَن يعْطف على لعذر فَلَيْسَتْ زَائِدَة وَمَعْنَاهُ أَنه لَا انعزال للْوَكِيل الَّذِي حضر للجدال أَي قَاعد خَصمه ثَلَاث مَرَّات وَلَو فِي يَوْم وَاحِد سَوَاء عَزله الْمُوكل أَو عزل هُوَ نَفسه لتَعلق حق الْخصم بخصومته إِلَّا لعذر من مرض ظَاهر أَو سفر، وَعَلِيهِ فِي السّفر الْيَمين أَنه مَا اسْتَعْملهُ ليوكل، وَكَذَا عَلَيْهِ أَن يحلف فِي الْمَرَض الْخَفي فَإِن نكل لم يجز لَهُ الْعَزْل، وَلَعَلَّ الْوَكِيل إِنَّمَا وَجَبت عَلَيْهِ الْيَمين ليسقط حق الْخصم الَّذِي يتَعَلَّق بِعَيْنِه لَا لينْتَفع الْمُوكل إِذْ لَا يحلف الْإِنْسَان لينْتَفع غَيره، وَمثل الْمَرَض ظُهُور تفريطه من قلَّة قِيَامه بِأَمْر الْخِصَام أَو يظْهر ميله للخصم أَو مسامحته فِي الْحق فَلهُ عَزله حِينَئِذٍ ويوكل غَيره أَو يُخَاصم بِنَفسِهِ قَالَه اللَّخْمِيّ وَغَيره. وَحكى بَعضهم عَلَيْهِ الِاتِّفَاق وَلَو كَانَت الْوكَالَة بِأُجْرَة فَظهر غشه وَنَحْو ذَلِك مِمَّا مرّ كَانَ عَيْبا وَله أَن يفْسخ الْوكَالَة وَقَوْلهمْ: يحلف فِي الْمَرَض الْخَفي كَمَا فِي (ز) يَقْتَضِي أَنه يحلف فِي هَذِه الْأُمُور وَإِن ادَّعَاهَا وَلم تظهر، وَفِي اخْتِصَار الْمُتَيْطِيَّة مَا يَقْتَضِي أَنه لَا بُد من إِثْبَات ذَلِك لِأَنَّهُ قَالَ: فَإِن ظهر من الْوَكِيل تَفْرِيط أَو ميل مَعَ خَصمه أَو غش ليبطل بذلك حق مُوكله أَو مرض فللموكل عَزله إِذا ثَبت ذَلِك اه. وَكَذَا لَا سَبِيل للعزل إِذا تعلق للْوَكِيل حق بِالْوكَالَةِ كَأُجْرَة وَنَحْوهَا أَو كَانَ الْحق لأَجْنَبِيّ، وَقد ذكر فِي اللامية جملَة من ذَلِك فانظرها إِن شِئْت. (وَمثله) خبر عَن قَوْله (مُوكل) بِكَسْر الْكَاف الْمُشَدّدَة وسوغ الِابْتِدَاء بِهِ وَصفه بِالْجُمْلَةِ وَهِي قَوْله: (ذَاك) مفعول بقوله: (حضر) وَالْمعْنَى أَن الْمُوكل إِذا جادل خَصمه ثَلَاث مَرَّات فَلَيْسَ لَهُ أَن يتخلى عَن الْخِصَام إِلَّا لعذر من مرض أَو سفر، وَمن ذَلِك أَن يشتمه خَصمه فَيحلف أَن لَا يخاصمه بِنَفسِهِ كَمَا فِي التَّبْصِرَة. قَالَ ابْن الفخار: فَإِن حلف أَن لَا يخاصمه دون عذر يُوجب الْيَمين لم يكن لَهُ أَن يُوكل إِلَّا بِرِضا خَصمه أَو لعذر من سفر وَنَحْوه. وَمَفْهُوم ثَلَاث مَرَّات أَنه إِن جادله أقل مِنْهَا وَلم يتَّجه الحكم فَلهُ عَزله وَهُوَ كَذَلِك إِن شهد بِهِ وأعلنه وَلم يفرط فِي إِعْلَامه بِأَن ترك إِعْلَامه لبعده كَمَا فِي (ح) وَهَذَا على أحد قَوْلَيْنِ. تقدما عِنْد قَوْله: وَمَوْت من وكل أَو وَكيل الخ. وَقَوْلِي وَلم يتَّجه الحكم الخ احْتِرَازًا مِمَّا إِذا اتجه فَلَا عزل، وَلَو قَالَ حِينَئِذٍ: إِن وَكيله جهل مَا يُخَاصم بِهِ وَإِن حجَّته غير مَا احْتج بِهِ عَنهُ وَلم يعلم بِمَا خَاصم بِهِ عَنهُ أَو كَانَ غَائِبا لم يقبل مِنْهُ ذَلِك وَلَا يكون عذرا فِي عَزله وَلَا دفع الحكم عَنهُ إِلَّا لوجه يدل على
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute