مرّ. الْقَرَافِيّ: إِذا كَانَ الإِمَام مُجْتَهدا فَلَا يجوز لَهُ أَن يحكم أَو يُفْتِي إِلَّا بالراجح عِنْده، وَإِن كَانَ مُقَلدًا جَازَ لَهُ أَن يُفْتِي بالمشهور فِي مذْهبه وَأَن يحكم بِهِ وَإِن لم يكن راجحاً عِنْده مُقَلدًا فِي رُجْحَان القَوْل الْمَحْكُوم بِهِ إِمَامه الَّذِي قَلّدهُ، وَأما اتِّبَاع الْهوى فِي الحكم وَالْفَتْوَى فَحَرَام إِجْمَاعًا اه. فَجعل حكم الْمُجْتَهد بِغَيْر الرَّاجِح عِنْده، والمقلد بِغَيْر الْمَشْهُور وَإِن ترجح عِنْده بِقِيَام دَلِيل من صِحَة حَدِيث وَنَحْوه من اتِّبَاع الْهوى وَأَنه حرَام، وَذَلِكَ يدل على وجوب نقضه. وَلذَا قَالَ ناظم الْعَمَل: حكم قُضَاة الْوَقْت بالشذوذ ينْقض لَا يتم بالنفوذ وَمن عوام لَا تجز مَا وافقا قولا فَلَا اخْتِيَار مِنْهُم مُطلقًا وَمرَاده بالشاذ مَا قَابل الْمَشْهُور أَو الرَّاجِح كَمَا مرّ وَمرَاده بالعوام المقلدون أَي لَا تجز أحكامهم بِغَيْر الْمَشْهُور، وَإِن وَافَقت بعض الْأَقْوَال لِأَن أحكامهم لَا ترفع الْخلاف واختياراتهم لمقابل الْمَشْهُور لَا تعْتَبر، وَنَصّ فِي إقرارات المعيار على أَن الْفَتْوَى بِغَيْر الْمَشْهُور توجب عُقُوبَة الْمُفْتِي وَكَذَا الْجَاهِل بعد التَّقَدُّم إِلَيْهِ اه. وَهَذَا مَا لم يجر الْعَمَل بالشاذ، وَإِلَّا فَيقدم على الْمَشْهُور بعد أَن يثبت بِشَهَادَة الْعُدُول المثبتين فِي الْمسَائِل أَن الْعَمَل جرى بِهِ غير مَا مرّة من الْعلمَاء المقتدى بهم قَالَه ميارة فِي شرح اللامية قَالَ: وَلَا يثبت الْعَمَل الْمَذْكُور بقول عوام الْعُدُول مِمَّن لَا خبْرَة لَهُ بِمَعْنى لفظ الْمَشْهُور أَو الشاذ فضلا عَن غَيره جرى الْعَمَل بِكَذَا، فَإِذا سَأَلته عَمَّن أفتى بِهِ أَو حكم بِهِ من الْعلمَاء توقف وتزلزل، فَإِن مثل هَذَا لَا يثبت بِهِ مُطلق الْخَبَر فضلا عَن حكم شَرْعِي اه. ثمَّ إِن الْعَمَل الْجَارِي بِبَلَد لأجل عرفهَا الْخَاص لَا يعم سَائِر الْبلدَانِ بل يقصر على ذَلِك الْعرف فِي أَي بلد وجد لِأَن مبناه عَلَيْهِ. فَإِن قيل: جرى الْعَمَل بِأَن النّحاس مثلا يحكم بِهِ للنِّسَاء عِنْد اختلافهن مَعَ الْأزْوَاج لِأَن عرف الْبَلَد أَنه من متاعهن لم يعم الْبَلَد الَّذِي لَا عرف لَهُم بذلك، وَإِذا تغير الْعرف فِي ذَلِك الْبَلَد فِي بعض الْأَزْمَان سقط الْعَمَل الْمَذْكُور وَوَجَب الرُّجُوع للمشهور، وَهَذَا فِي الْعرف الَّذِي تنبني عَلَيْهِ الْأَحْكَام وَهُوَ مَا لم يخرج عَن أصُول الشَّرِيعَة وإلَاّ فَلَا عِبْرَة بِهِ، وَأما الْعَمَل الْجَارِي لمصْلحَة عَامَّة أَو سَبَب كَذَلِك الْمشَار لَهُ فِي اللامية بقوله: لما قد فَشَا من قبح حَال وحيلة. الخ. فَظَاهر عُمُومه مَا دَامَت تِلْكَ الْمصلحَة وَذَلِكَ السَّبَب وإلَاّ وَجب الرُّجُوع للمشهور، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر قَالَه المسناوي أَي وَذَلِكَ كَمَا قَالُوا فِي الرَّاعِي الْمُشْتَرك، وَقد يعبرون بِالْعَمَلِ عَمَّا حكمت بِهِ الْأَئِمَّة لرجحانه عِنْدهم لَا لعرف وَلَا لمصْلحَة، وَمِنْه قَول (خَ) وَهل يُرَاعى حَيْثُ الْمُدعى عَلَيْهِ وَبِه عمل وفيهَا الْإِطْلَاق وَعمل بِهِ، وَهُوَ كثير فِي هَذَا النّظم وَغَيره. انْظُر مصطفى آخر بَاب الْقَضَاء، وَانْظُر أَوَائِل شرح نظم الْعَمَل الْمُطلق، ثمَّ هَذَا الْعَمَل الَّذِي يعبرون بِهِ عَن الرَّاجِح يجب أَن يسْتَمر على حَاله، وَلَا تجوز مُخَالفَته حَتَّى يثبت عَن قُضَاة الْعدْل وَأهل الْفَتْوَى من ذَوي الْعلم المقتدى بهم أَنهم رجعُوا عَنهُ وَعمِلُوا بِخِلَافِهِ لمصْلحَة أَو ظُهُور دَلِيل قوي وَنَحْو ذَلِك كَمَا قَالُوا: إِن الْعَمَل كَانَ قَدِيما بقول ابْن الْقَاسِم بِاعْتِبَار الْحَال فِي الْمَحْجُور دون الْولَايَة حَكَاهُ ابْن أبي زمنين، ثمَّ جرى الْعَمَل بقول مَالك بِاعْتِبَار الْولَايَة، ثمَّ جرى فِي الْمِائَة التَّاسِعَة بقول ابْن الْقَاسِم، وَلَا زَالَ الْعَمَل بِهِ إِلَى الْآن كَمَا يَأْتِي فِي الْحجر، وَهَذَا كثير أَيْضا يجْرِي الْعَمَل قَدِيما بِشَيْء ثمَّ يجْرِي الْعَمَل بِخِلَافِهِ. وَبِالْجُمْلَةِ؛ فَالْعَمَل الَّذِي بِمَعْنى الرَّاجِح هُوَ الْكثير فِي هَذَا النّظم وَغَيره، وَلَا تجوز مُخَالفَته حَتَّى يثبت الْعُدُول عَنهُ مِمَّن يعْتد بِهِ من قُضَاة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute