للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مَا لم يقم بعد بكالإقرار

فَإِنَّهُ فِي النَّقْض بِالْخِيَارِ لَكَانَ أصرح فِي الِاسْتِثْنَاء، وَأفَاد أَن مَوْضُوع الْبَيْت الأول فِي الْإِنْكَار وَأَن النَّقْض غير وَاجِب بل رب الْحق بِالْخِيَارِ وَأَن مثل الْإِقْرَار قيام الْبَيِّنَة على مَا يَأْتِي وَالله أعلم. وَحَاصِله أَن مَحل عدم نقض الصُّلْح بعض الْحق فِي الْإِنْكَار إِذا لم يقم الْمُدَّعِي بِإِقْرَار الْمُنكر أَو يُقيم بَيِّنَة بِالْحَقِّ لم يعلمهَا وَنَحْو ذَلِك، وإلَاّ فَلهُ نقض الصُّلْح وَالرُّجُوع بباقي حَقه بعد يَمِينه أَنه لم يعلم بهَا أَو نَسِيَهَا، وَفِي معنى ذَلِك وجود الْوَثِيقَة بِالْحَقِّ بعده وَلم يكن علم بهَا وقته أَو علم بِالْبَيِّنَةِ وَهِي بعيدَة كخراسان من إفريقية، وَأشْهد مُعْلنا عِنْد الْحَاكِم أَنه يقوم بهَا أَو ادّعى تلف الْوَثِيقَة، وَأشْهد مُعْلنا أَيْضا أَنه يقوم بهَا إِن وجدهَا، بل ظَاهر ابْن فتوح والمقصد الْمَحْمُود وَغَيرهمَا أَن لَهُ النَّقْض فِي هَذِه وَإِن لم يشْهد، وَكَذَا إِن صَالح لبعد بَيِّنَة جدا وَأشْهد سرا أَنه يقوم بهَا وَفِي مَعْنَاهَا أَيْضا فِيمَا يظْهر مَا إِذا تقدم شُعُور بالوثيقة وَأشْهد سرا أَنه يقوم بهَا إِن ظفر بهَا، وَكَذَا إِن كَانَ الْمقر يقر سرا ويجحد عَلَانيَة خوف أَن يَطْلُبهُ بِهِ عَاجلا فَأشْهد الطَّالِب بَيِّنَة سرا أَو عَلَانيَة على إِنْكَاره، وعَلى أَنه إِنَّمَا يصالحه على التَّأْخِير سنة مثلا لِيُقِر لَهُ بِالْحَقِّ عَلَانيَة ثمَّ صَالحه على التَّأْخِير الْمَذْكُور، فَإِن ذَلِك التَّأْخِير لَا يلْزمه وَله أَن يَأْخُذهُ بِحقِّهِ عَاجلا، وَقد علمت أَن الْمُدعى عَلَيْهِ فِي هَذِه مقرّ حَال الصُّلْح، وَلذَلِك لم يُمكن الْمُدَّعِي من نقض الصُّلْح إِلَّا بِتَقْدِيم بَيِّنَة الاسترعاء لاحْتِمَال أَن يكون أقرّ لَهُ قبل عقد الصُّلْح وَالتَّأْخِير وَقع طَوْعًا وَهَذَا كُله يدْخل تَحت الْكَاف فِي قَوْله بكالإقرار الخ. وَقد ألم (خَ) بِهَذِهِ الْأُمُور حَيْثُ قَالَ: وَلَا يحل لظَالِم فَلَو أقرّ بعده أَو شهِدت بَيِّنَة لم يعلمهَا أَو أشهد وأعلن أَنه يقوم بهَا أَو وجد وَثِيقَة بعده فَلهُ نقضه كمن لم يعلن أَو يقر سرا فَقَط على الْأَحْسَن لَا أَن علم بِبَيِّنَة وَلم يشْهد، أَو ادّعى ضيَاع الصَّك فَقيل لَهُ: حَقك ثَابت فأت بِهِ فَصَالحه ثمَّ وجده الخ. وَالْمرَاد بِالْبَيِّنَةِ مَا يَشْمَل الشَّاهِد وَالْيَمِين كَمَا هُوَ ظَاهره، وَمَا قَالَه الشَّيْخ بناني فِي حَاشِيَته من أَن المُرَاد بهَا الشَّاهِدَانِ فَقَط لَا يعول عَلَيْهِ لِأَنَّهُ خلاف مَذْهَب ابْن الْقَاسِم، وَقد نقل هُوَ بِنَفسِهِ عِنْد قَول (خَ) فِي الْقَضَاء فَلَا بَيِّنَة إِلَّا لعذر كنسيان أَن المُرَاد بهَا مَا يَشْمَل الشَّاهِد وَالْيَمِين على مَذْهَب ابْن الْقَاسِم، وَلِأَن الصُّلْح مآل أَو آيل إِلَيْهِ. وَاعْلَم أَن كل بَيِّنَة أشهدتها بِغَيْر علم الْخصم أَن مَا تَفْعَلهُ مَعَه فِيمَا يسْتَقْبل من صلح أَو نِكَاح أَو خلع أَو هبة أَو بيع فَإِن مَا تَفْعَلهُ لِيُقِر لَك أَو خوفًا مِنْهُ أَو لغيبة بينتك وَنَحْو ذَلِك تسمى بَيِّنَة سر واستحفاظ واسترعاء فَقَوْلهم: أشهد سرا أَي أستحفظ وأسترعي ثمَّ إِن هَذَا الاستحفاظ

<<  <  ج: ص:  >  >>