للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْكَافِر وَالْحَائِض وَالْجنب والضعيف والسلامة من امتهانه بِكَثْرَة اللجاج وَدخُول بعض الْعَوام وبرجله بَلل وَغير ذَلِك، وَمَا قَرَّرْنَاهُ بِهِ هُوَ الَّذِي فِي الْوَاضِحَة وَاخْتَارَهُ الْمُتَأَخّرُونَ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَة: الْقَضَاء فِي الْمَسْجِد من الْأَمر الْقَدِيم وَهُوَ ظَاهر النّظم إِلَّا أَنه لَا يحمل عَلَيْهِ لما تقدم على أَن مَا فِي الْمُدَوَّنَة يُمكن تَأْوِيله بِمَا ذكر أَي الْقَضَاء فِي رحاب الْمَسْجِد الْخَارِجَة عَنهُ من الْأَمر الْقَدِيم فَيكون وفَاقا لما فِي الْوَاضِحَة وَالله أعلم. وَيسْتَحب أَن يجلس مُسْتَقْبل الْقبْلَة وَأَن يكون متربعاً أَو مُحْتَبِيًا، فَإِن لم يجلس وَحكم فِي حَال مَشْيه أَو جلس مُتكئا فَهُوَ قَول خَلِيل، وَفِي كَرَاهَة حكمه فِي مَشْيه أَو مُتكئا أَو إِلْزَام يَهُودِيّ حكما بسبته وتحدثه بمجلسه لضجر قَولَانِ: وَيَنْبَغِي أَن يجلس للْحكم فِي أَوْقَات مَعْلُومَة وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يسْتَغْرق النَّهَار كُله، وَلَا يَنْبَغِي أَن يحكم مَعَ مَا يدهشه عَن تَمام فكر من جوع وعطش مفرطين وَغَضب وَأكل فَوق الْكِفَايَة (خَ) : وَلَا يحكم مَعَ مَا يدهش عَن الْفِكر وَمضى أَن وَقع وَلَا بَأْس أَن يرفع صَوته فِيمَن يستأهل ذَلِك من الْخَصْمَيْنِ وَأَن يحد بَصَره ويحتج لمن ضعف عَن حجَّته، وَلَا يجلس فِي كَثْرَة الْمَطَر والوحل وَلَا بعد الصُّبْح وَلَا بَين صَلَاتي الظّهْر وَالْعصر وَلَا بَين العشاءين وَلَا فِي عيد وَلَا يَوْم قدوم حَاج أَو خُرُوجه (خَ) وَجلسَ بِهِ أَي برحاب الْمَسْجِد أَي بِغَيْر عيد وقدوم حَاج وَخُرُوجه ومطر أَو نَحوه، وَلم يشتر بِمَجْلِس قَضَائِهِ كسلف وقراض وأبضاع وَحُضُور وَلِيمَة إِلَّا لنكاح وَقبُول هَدِيَّة وَلَو كافأ عَلَيْهَا إِلَّا من قريب وَندب اتِّخَاذ من يُخبرهُ بِمَا يُقَال فِي سيرته وشهوده الخ. فَقَوله: وَقبُول هَدِيَّة أَي والمفتي كَالْقَاضِي فِي ذَلِك فَلَا يحل لَهُ أَخذهَا مِمَّن يَرْجُو أَن يُعينهُ فِي حجَّة أَو فِي خُصُومَة عِنْد حَاكم يسمع مِنْهُ وَيقف عِنْد قَوْله لِأَن قَول الْحق وَاجِب عَلَيْهِ، وَقد قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: (من شفع لِأَخِيهِ شَفَاعَة وَأهْدى إِلَيْهِ هَدِيَّة فقبلها فقد أَتَى بَابا عَظِيما من أَبْوَاب الرِّبَا) . وَمن هَذَا انْقِطَاع الرّعية إِلَى الْعلمَاء المتعلقين بالسلاطين ليرْفَع الظُّلم عَنْهُم فيهدون لَهُم ويكرمونهم فَذَلِك بَاب من أَبْوَاب الرِّشْوَة، لِأَن رفع الظُّلم وَاجِب على كل من قدر عَلَيْهِ عَن أَخِيه الْمُسلم. وَقَوله: وَلم يشتر الخ. قَالَ فِي مُخْتَصر الْوَاضِحَة: إِذا اشْترى الإِمَام الْعدْل من رجل أَو بَاعَ ثمَّ عزل أَو مَاتَ خير البَائِع مِنْهُ أَو المُشْتَرِي فِي الْأَخْذ أَو التّرْك، نَقله ابْن فَرِحُونَ فِي تبصرته فِي الْفَصْل الثَّانِي، فقف على هَذَا الْفَصْل فِيهِ ترى الْعجب فِي الْآدَاب اللَّازِمَة لَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>