وَالْبَيِّنَة إِن قَالَ: إِن أَعْطَيْتنِي ألفا فارقتك أَو أُفَارِقك إِن فهم الِالْتِزَام والوعد إِن وَطئهَا الخ. وَقَالَ فِي ضيح الْمُضَارع فِي النِّكَاح كالماضي وموه لأبي الْحسن قَائِلا يُؤْخَذ مِنْهَا أَن لفظ الْمُسْتَقْبل فِي النِّكَاح كالماضي بِخِلَاف البيع اه. وَفِي الإلتزامات أَن الْمُضَارع إِنَّمَا يدل اللُّزُوم مَعَ قرينَة دَالَّة عَلَيْهِ تفهم من سِيَاق الْكَلَام بِخِلَاف وقرائن الْأَحْوَال اه. وَيَنْبَغِي أَن يكون هَذَا هُوَ الْمُعْتَمد، وَأما الصِّيغَة من الزَّوْج فَهِيَ قبلت وَنَحْوه مِمَّا يدل على الْقبُول وَأفهم قَوْله النُّطْق أَن غَيره من إِشَارَة أَو كِتَابَة لَا يَكْفِي، وَمِنْه يعلم حكم الْمَسْأَلَة الأمليسية وَهِي مَا جرت بِهِ عَادَة الْبِلَاد من أَن الرجل يُوَجه من يخْطب لَهُ فيجاب بِالْقبُولِ ويتواعدون للْعقد لَيْلَة الْبناء، ثمَّ يبْعَث الرجل بحناء وحوائج تتزين بهَا ويولول النِّسَاء وَيسمع النَّاس وَالْجِيرَان فلَان تزوج فُلَانَة سُئِلَ عَن ذَلِك أَبُو سَالم بن إِبْرَاهِيم الجلالي فَقَالَ: أما إِن كَانَت الْعَادة الْمَذْكُورَة جَارِيَة عِنْدهم مجْرى العقد المصطلح عَلَيْهِ بِحَيْثُ يرتبون على تِلْكَ الْأُمُور من إرْسَال الْحِنَّاء وَغَيرهَا آثَار النِّكَاح، وَأَن المواعدة للْعقد لَيْلَة الْبناء لَيست هِيَ عِنْدهم لإنشاء العقد بل للإشهاد بِقدر الْمهْر وأجله، وَتَحْقِيق مَا قبض مِنْهُ وَمَا بَقِي خوف التَّنَازُع فِي ذَلِك فَلَا إِشْكَال فِي لُزُوم النِّكَاح وترتب آثاره عَلَيْهِ، وَأما إِن كَانَت الْعَادة الْمَذْكُورَة إِنَّمَا هِيَ عِنْدهم تَوْطِئَة للْعقد وأمارة على ميل كل لصَاحبه فَلَا إِشْكَال فِي عدم اللُّزُوم وَإِن جهل الْحَال بِحَيْثُ لَو سُئِلَ أهل الْبَلَد هَل يقصدون العقد المنبرم أَو الْوَعْد، وَأَن الانبرام إِنَّمَا يَقع لَيْلَة الْبناء لم يجروا شَيْئا فَهَذَا مَحل الْإِشْكَال على مَاذَا يحمل هَل الانبرام أَو الْوَعْد. وَلَعَلَّ هَذَا الْقسم هُوَ مَحل الْخلاف، فَمن قَالَ إِنَّهَا تنزل منزلَة العقد المنبرم وَيَقُول: إِن أَرْكَان النِّكَاح كلهَا حَاصِلَة لِأَن الدّلَالَة الفعلية أقوى من القولية، وَمن قَالَ بِعَدَمِ اللُّزُوم يَقُول: إِن تِلْكَ الْأَوْصَاف غير العقد فَلَا تنزل مَنْزِلَته وَلَا يَتَرَتَّب عَلَيْهَا حكم فمما يدل على اللُّزُوم جَوَاب الشريف المزدغي فِي يتيمة عقد عَلَيْهَا أَخُوهَا بِغَيْر وكَالَة غير أَن النَّاس حَضَرُوا وأكلوا وَكَانَ يبْعَث لَهَا بِالْحِنَّاءِ والفاكهة والصابون فِي المواسم والأعياد قَالَ فِيهِ: إِن صبغت بِالْحِنَّاءِ وأكلت من تِلْكَ الْفَاكِهَة مَعَ علمهَا لَزِمَهَا النِّكَاح اه. وَنَحْوه كَمَا يَأْتِي للعبدوسي وَابْن لب والبرزلي، وَمَا ذكره المزدغي وَابْن لب والعبدوسي يُؤْخَذ من قَول الْمَتْن وَإِن طَال كثيرا لزم بِالْأُخْرَى وَمَا ذكره الْبُرْزُليّ يُقيد بالطول الَّذِي فِي الْمَتْن وَالله أعلم. وَمِمَّا يدل على عَدمه جَوَاب أبي الْعَبَّاس البقيني فِي رجل خطب يتيمة من أَخِيهَا، وَاتَّفَقُوا على الزواج بِعَدَد مَعْلُوم وحوائج وحضروا بِمَجْلِس وَاحِد وأكلوا دون أَن تقع بَينهم شَهَادَة وَأَعْطَاهَا العفصة وألقتها فِي رَأسهَا، ثمَّ إِن الرجل فقد أَو أسر هَل يَصح لغيره العقد عَلَيْهَا أم لَا؟ فَقَالَ: لَا نِكَاح بَينهمَا وَلَا توارث وَلَا عدَّة، وَبِهَذَا جرت عَادَة الْمُفْتِينَ، وَأَنه إِذا لم يَقع إِشْهَاد فَلَا نِكَاح، وَكَانَ شَيخنَا سَيِّدي إِبْرَاهِيم بن فتوح يسْتَشْكل هَذَا، وَلَا سِيمَا إِذا عظم التراكن فِيمَا مثل هَذِه الْمَسْأَلَة اه. هَذَا ملخص مَا نقلوه من جَوَاب الجلالي الْمَذْكُور، وَلم أَقف على جَوَابه بِعَيْنِه، وَيُؤَيّد مَا للمزدغي مَا أفتى بِهِ ابْن لب والعبدوسي فِيمَن عقد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute