الْفَاسِق كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَام (م) لِأَن مَا كَانَ لَهَا وللولي تَركه لَا يتحتم عَلَيْهَا فَسخه، وَعبارَة الشَّامِل: وللمرأة وَالْوَلِيّ على الْأَصَح ترك كفاءة غير إِسْلَام فلهَا فسخ نِكَاح الْفَاسِق الخ. وَفِي الْبُرْزُليّ عَن الْمُدَوَّنَة: لَيست الْكَفَاءَة بِشَرْط فِي النِّكَاح خلافًا لِسُفْيَان فَوَجَبَ حِينَئِذٍ أَن يكون الضَّمِير فِي قَول (ح) تَركهَا عَائِدًا على الْكَفَاءَة كَمَا هُوَ الْمُتَبَادر مِنْهُ وَأَن معنى قَول ابْن بشير لَا يَصح أَي لَا يلْزم كَمَا مر، وَقد يُقَال وَهُوَ الظَّاهِر أَن مَا ل (خَ) من تحتم الْفَسْخ وَهُوَ ظَاهر كَلَام اللَّخْمِيّ الْمُتَقَدّم إِنَّمَا هُوَ إِذا كَانَت الْبِنْت غير رَشِيدَة لِأَن رِضَاهَا حِينَئِذٍ لَا يعْتَبر، وَعَلِيهِ يحمل قَول من قَالَ إِن الْكَفَاءَة شَرط صِحَة، ثمَّ إِن الْمُعْتَبر فِيهَا أَيْضا الْحَال أَي السَّلامَة من الْعُيُوب وَالْمَال بِأَن لَا يكون فَقِيرا لِأَن فقره مَظَنَّة عَجزه عَن الصَدَاق وَالنَّفقَة وَغَيرهمَا من حُقُوق الزَّوْجَة، وَالْمُعْتَبر فِيهَا أَيْضا الْحُرِّيَّة، فَهَذِهِ الْأَرْبَع لَا بدّ مِنْهَا على الرَّاجِح وَإِن كَانَ الْخلاف فِي جَمِيعهَا مَا عدا الْإِسْلَام فَلَو قَالَ النَّاظِم: وَالْأَب إِن زوج من كَعبد. لشمل الْأَرْبَعَة. وَزيد عَلَيْهَا النّسَب، وَقد تقدم اعْتِبَاره فِي قَول (خَ) وَالْمولى وَغير الشريف كُفْء الخ. وَزيد أَيْضا الصَّنْعَة فذو الصَّنْعَة الدنيئة كالحياكة والحجامة والفران والحمامي لَيْسَ كفأ لمن صَنعته لأهل الْمُرُوءَة كالنجارة والحرارة والبناية وَنَحْوهَا كَمَا فِي ابْن عَرَفَة، وَقد نظم الإِمَام الْقصار هَذِه السِّت مَعَ قطع النّظر عَن الرَّاجِح فِيهَا فَقَالَ: شَرط الْكَفَاءَة سِتَّة قد حررت ينبيك عَنْهَا بَيت شعر مُفْرد نسب وَدين صَنْعَة حريَّة فقد الْعُيُوب وَفِي الْيَسَار تردد هَذَا وَفِي شرح ابْن رحال مَا نَصه: قَول المُصَنّف وَالْمولى وَغير الشريف كُفْء الخ. وَهُوَ الَّذِي صَرَّحُوا بتشهيره، وَلَكِن تقدم فِي كَلَامهم مَا يدل على أَن الْمُعْتَبر هُوَ المعرة بِحَسب الْعَادة فِي الْبَلَد والأشخاص والأزمان، وَإِذا ثَبت ذَلِك فالمولى وَهُوَ الْمُسَمّى فِي عرفنَا بالحرطاني فِي تَزْوِيجه معرة عَظِيمَة فَلَا يكون كفأ قطعا وَأَحْرَى العَبْد، فليتنبه الْفَقِيه لهَذِهِ الْقَاعِدَة فَهِيَ الْمُعْتَمد الْمَشْهُور، وَكَذَا من قرب إِسْلَامه أَو إِسْلَام أَبِيه فَإِن فِيهِ عِنْد الأكابر معرة، وَكَذَا الْفَقِير بِاعْتِبَار الْأَغْنِيَاء والتجار وَكَذَا أهل الْحَرْف الدنيئة كالمداحين فِي الْأَسْوَاق وَالَّذين يَتَكَلَّمُونَ بالملحون فِي الولائم المسمون بالشعراء وَنَحْو ذَلِك. وَهَذَا كُله يدل عَلَيْهِ كَلَام النَّاس، وَلَا سِيمَا كَلَام اللَّخْمِيّ فَإِنَّهُ مُشْتَمل على مَا ذَكرْنَاهُ قطعا انْتهى بِاخْتِصَار. وَنقل قبل ذَلِك عَن اللَّخْمِيّ كلَاما يدل على أَن الْمدَار على المعرة وعَلى هَذَا فالأمور السِّتَّة كلهَا مُعْتَبرَة وَالله أعلم. وَأما الْفسق بالاعتقاد فعلى ثَلَاثَة أوجه مَا هُوَ كفر بِإِجْمَاع فَيجب فِيهِ الْفِرَاق وَالْفَسْخ بِغَيْر طَلَاق وَيثبت ذَلِك بِبَيِّنَة علمت بذلك حِين العقد أَو بِإِقْرَار الزَّوْج أَو إِقْرَارهَا مَعَ تَصْدِيق زَوجهَا وَإِن لم يصدقها لم يقبل قَوْلهَا، لَكِن يسْتَحبّ أَن يفارقها وَمَا لَيْسَ بِكفْر بِإِجْمَاع فَلَا يجب عَلَيْهِ فراقها وَيجب عَلَيْهِ إرشادها وَتَعْلِيمهَا وَمَا هُوَ مُخْتَلف فِيهِ، فَينْظر إِلَى الزَّوْجَيْنِ فَإِن اتفقَا على القَوْل بِعَدَمِ التَّكْفِير جَازَ لَهما الْبَقَاء، وَإِن أخذا بالْقَوْل بالتكفير وَجب عَلَيْهِمَا الْفِرَاق، وَكَذَا إِن أقرّ الزَّوْج خَاصَّة وَجب الْفِرَاق قَالَه العبدوسي، وَالْمرَاد بالمختلف فِيهِ كل من دخل تَحت قَول (خَ) فِي الْإِمَامَة وَأعَاد بِالْوَقْتِ فِي كحروري إِذْ قد دخل فِي ذَلِك القدري والشيعي والمعتزلي وَغَيرهم مِمَّن اخْتلف فِي تكفيره، وَلذَا كَانَ لَا يقْضى على الزَّوْج بفراقها إِن أخذت بتكفيره، وَالْمرَاد بِمن وَقع الْإِجْمَاع على كفره مُنكر علم الله أَي أَن الله لَا يعلم الْأَشْيَاء تَفْصِيلًا تَعَالَى الله عَن ذَلِك علوا كَبِيرا، وَكَذَا مُنكر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute