وَحَيْثُ دَرْءُ الحَدِّ يَلْحَقُ الوَلَدْ فِي كُلِّ مَا مِنَ النِّكاحِ قَدْ فَسَدْ (وَحَيْثُ) ظرف مضمن معنى الشَّرْط مَنْصُوب بجوابه (دَرْء الْحَد) مُبْتَدأ ومضاف إِلَيْهِ وَالْخَبَر مَحْذُوف، وَالْجُمْلَة فِي مَحل جر بِإِضَافَة حَيْثُ (يلْحق الْوَلَد) فعل وفاعل، وَالْجُمْلَة مَعَ متعلقها الْآتِي جَوَاب الشَّرْط (فِي كل) يتَعَلَّق بيلحق (مَا) مُضَاف إِلَيْهِ (من النِّكَاح) يتَعَلَّق بصلَة مَا الَّتِي هِيَ (قد فسد) أَي يلْحق الْوَلَد فِي كل نِكَاح فَاسد حَيْثُ دَرْء الْحَد مَوْجُود، وَالْمعْنَى أَن النِّكَاح الْفَاسِد كَانَ مُتَّفقا على فَسَاده كَنِكَاح ذَات محرم أَو خَامِسَة أَو مُخْتَلفا فِي فَسَاده كالمحرم، والشغار إِن درىء فِيهِ الْحَد عَن الزَّوْج بعد علمه فِي الْأَوليين ومطلقاً فِي الْأَخِيرَتَيْنِ لِأَن الْخلاف وَلَو خَارج الْمَذْهَب يدْرَأ الْحَد، فَإِنَّهُ يلْحق فِيهِ الْوَلَد، وَمَفْهُومه أَنه إِن لم يدْرَأ فِيهِ الْحَد لَا يلْحق الْوَلَد بِهِ لِأَنَّهُ مَحْض زنا. قَالُوا إِلَّا فِي سِتّ مسَائِل. أَشَارَ صَاحب الْمنْهَج إِلَى خمس مِنْهَا بقوله: وَنسب وَالْحَد لن يجتمعا إِلَّا بزوجات ثَلَاث فاسمعا مبتوتة خَامِسَة ومحرم وأمتين حرتين فَاعْلَم فصورة المبتوتة أَن يتَزَوَّج الرجل الْمَرْأَة فتلد مِنْهُ فَيقر أَنه كَانَ طَلقهَا ثَلَاثًا، وراجعها قبل زوج وَهُوَ عَالم بِحرْمَة ذَلِك، وَصُورَة الْخَامِسَة، أَن يتَزَوَّج الرجل الْمَرْأَة فيولدها ثمَّ يقر أَن لَهُ أَربع نسْوَة سواهَا وَأَنه تزَوجهَا وَهُوَ يعلم حُرْمَة الْخَامِسَة وَصُورَة الْمحرم أَن يتَزَوَّج امْرَأَة فيولدها ثمَّ يقر إِنَّه كَانَ يعلم حرمتهَا عَلَيْهِ قبل الْوَطْء بِالنّسَبِ أَو الرَّضَاع أَو الصهر أَو المؤبد، وَصُورَة إِحْدَى الأمتين أَن يَشْتَرِي الرجل الْأمة فيولدها ثمَّ يقر إِنَّهَا مِمَّن تعْتق عَلَيْهِ بِالْملكِ، وَصُورَة الْأُخْرَى أَن يَشْتَرِي أمة فيولدها ثمَّ يقر بِأَنَّهُ كَانَ عَالما بحريتها حِين الْوَطْء وَإِلَى هَذِه الْخمس أَشَارَ (خَ) بقوله فِي بَاب الزِّنَا: أَو مَمْلُوكَة تعْتق أَو يعلم حريتها أَو مُحرمَة بصهر أَو خَامِسَة أَو مبتوتة الخ. قَالُوا: وَلَا يقْتَصر على هَذِه الْخَمْسَة بل ضابطه كل حد يثبت بِالْإِقْرَارِ وَيسْقط بِرُجُوعِهِ عَنهُ فالنسب ثَابت كالأمثلة الْمَذْكُورَة، وَقد زيد على الْمسَائِل الْمَذْكُورَة من كَانَت عِنْده أمة فأولدها ثمَّ أقرّ إِنَّه غصبهَا من الْغَيْر، وَمن اشْترى جاريتين بِالْخِيَارِ فِي إِحْدَاهمَا ثمَّ أقرّ إِنَّه وطىء إِحْدَاهمَا بعد أَن اخْتَار الْأُخْرَى، وَمن اشْترى جَارِيَة فَوَطِئَهَا فَقَالَ لَهُ رَبهَا: ادْفَعْ لي ثمنهَا فَأنْكر الشِّرَاء وَقَالَ: إِنَّهَا عِنْدِي وَدِيعَة فَهَذِهِ ثَلَاث مَضْمُومَة للخمس الْمُتَقَدّمَة. تَنْبِيه: مَحل اللحوق فِيمَا ذكر إِذا لم يثبت علمه بِالتَّحْرِيمِ قبل نِكَاحه لَهَا أَو وَطئه إِيَّاهَا وَإِلَّا بِأَن ثَبت بِبَيِّنَة على إِقْرَاره أَنه عَالم بِهِ قبل ذَلِك فَهُوَ مَحْض زنا لَا يلْحق بِهِ الْوَلَد لِأَن الْوَلَد إِنَّمَا ألحق بِهِ فِيمَا ذكر لكَون إِقْرَاره بِالْعلمِ بِالتَّحْرِيمِ لَا يعْمل بِالنِّسْبَةِ لنفي الْوَلَد لاتهامه على قطع نسبه، وَإِنَّمَا يعْمل بِالنِّسْبَةِ لحده إِن لم يرجع عَن إِقْرَاره بِخِلَافِهِ إِذا ثَبت علمه قبل الْوَطْء أَو النِّكَاح. وَللَّتي كَانَ بِهَا اسْتَمتَاعُ صَدَاقُهَا لَيْسَ لَهُ امْتِنَاعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute