الرجل إِذا صنع وَلِيمَة يَشْتَرِي شَيْئا لزوجته على وَجه الْهِبَة لَهَا والاستئلاف لمودتها لَا بِأَن يكون محسوباً لَهَا من كالئها اه. فيفهم مِنْهُ أَنه قبل الْبناء كَذَلِك مَعَ الْعَادة الْمَذْكُورَة، وَفهم من النّظم أَيْضا أَن من دفع لمدينه شَيْئا وَادّعى دَفعه ليحسب من الدّين وَقَالَ الآخر: بل تبرع أَن القَوْل للدافع بل لَو أتفقا على التَّبَرُّع لم يَصح لِأَنَّهُ هَدِيَّة مديان، وَكَذَا لَو خدمه خدمَة وَادّعى أَنه لم يفعل ذَلِك إِلَّا ليسقط بعض الدّين فَإِن القَوْل لَهُ. وَلَا يَصح التَّبَرُّع بهَا عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا صَحَّ ذَلِك فِي النِّكَاح حَيْثُ لم يحلف الزَّوْج لما بَين الزَّوْجَيْنِ من المكارمة وَالله أعلم. وَمن ذَلِك أَيْضا مَا إِذا شور الْأَب ابْنَته وَلها دين عَلَيْهِ وَمَات فَقَالَت الْبِنْت: شورني من مَاله، وَقَالَ الْوَرَثَة: بل بِالدّينِ الَّذِي لَك عَلَيْهِ. فَالْقَوْل للْوَرَثَة قَالُوا: وَلَو أخرج تِلْكَ الْأَسْبَاب الَّتِي شورها بهَا من عِنْده وَيحمل على أَنه عوضهَا ذَلِك من الدّين الَّذِي عَلَيْهِ، ونظم ذَلِك فِي الْعَمَل الْمُطلق فَقَالَ: وَإِن بدين بنته شورها فَمَاتَ والشورة مَا ذكرهَا فَقَالَت الْبِنْت أبي تفضلا من مَاله بهَا وَقَالَ الْغَيْر لَا بل هِيَ دينك الَّذِي عَلَيْهِ لَك فَالْقَوْل قَول وَارِث الَّذِي هلك وَمُدَّعِي الإرْسَالِ للثَّوَابِ شَاهِدُهُ الْعُرْفُ بِلَا ارْتِيَابِ (ومدعي) مُبْتَدأ (الْإِرْسَال) مُضَاف إِلَيْهِ (للثَّواب) يتَعَلَّق بِهِ (شَاهده) مُبْتَدأ ثَان (الْعرف) خَبره وَيجوز الْعَكْس وَهُوَ الْأَظْهر (بِلَا ارتياب) يتَعَلَّق بِشَاهِد على الِاحْتِمَالَيْنِ أَي فَينْظر لعرف الْبَلَد فَإِن كَانَ عرفهم أَن الزَّوْج يهدي لزوجته لتكافئه على ذَلِك وَعَكسه مثل أَن تُعْطِي جاريتها الفارهة لزَوجهَا الْمُوسر وتدعي استغرار عطيته وَنَحْو ذَلِك فَالْقَوْل لمُدعِي الثَّوَاب مِنْهُمَا وَإِن لم يكن فِي الْبَلَد عرف بالمكافأة وَلَا وجد وَقت الْعَطِيَّة مَا يدل على إرادتها فَلَا شَيْء لمُدعِي الثَّوَاب (خَ) فِي بَاب الْهِبَة: وَصدق واهب فِيهِ إِن لم يشْهد عرف لضده فِي غير المسكوك وَفِي غير هبة أحد الزَّوْجَيْنِ للْآخر الخ. وَظَاهر المُصَنّف أَن مدعي الْإِرْسَال مُصدق وَلَو طَال، وَفِي الكراس الثَّامِن من أنكحة المعيار أَن من قصد بهديته الثَّوَاب لَهُ المثوبة مَا لم يطلّ الخ. وَهُوَ ظَاهر لِأَن الطول شَاهد عرفا لعدم قَصده للثَّواب. وَانْظُر مَا يَأْتِي عَن المعيار فِي الْبَيْت بعده، وَمن هَذَا الْمَعْنى مَا فِي دعاوى المعيار أَيْضا من أَن أَخَوَيْنِ لَهما دَار ورثاها فَتزَوج أَحدهمَا وسَاق جَمِيعهَا لزوجته وَحضر أَخُوهُ الْمَذْكُور فَسلم الدَّار الْمَذْكُورَة المسوقة للزَّوْجَة، واعترف أَنه لَا حق لَهُ مَعَ أَخِيه فِيهَا، ثمَّ قَامَ الْأَخ الْمُسلم يطْلب أَخَاهُ الزَّوْج الْمَذْكُور بِثمن حَظه من الدَّار الْمَذْكُورَة قَائِلا: إِنَّمَا سلمت على أَن يعطيني ثمن حظي أَو عوضا مِنْهُ فِي أصل ملك أَو غَيره. وَقَالَ الزَّوْج: إِنَّمَا سلمت فِيهِ لزوجتي من غير ثمن وَلَا عوض. فَقَالَ ابْن لب: هَذَا من بَاب الْعَطِيَّة الْمُطلقَة يَدعِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute