الهاربة من زَوجهَا إِلَى الْخُرُوج إِلَى الْقرى وَإِلَى الْجبَال الَّتِي حولهَا نَحْو جبل وسلات وجبل ضراوة وجبل السرج، وَقد وَقع شَيْء من هَذَا وهربت امْرَأَة فمكنها القَاضِي من زَوجهَا وردهَا لقريتها فَقَتلهَا فِي الطَّرِيق اه. قلت: وَمثله فِي الْجبَال الَّتِي حول فاس ونواحيها فِي وقتنا لتعذر الْأَحْكَام فِيهَا فَيجْرِي حكمهَا على مَا تقدم فِي جبل القيران وقراها كَمَا شَاهَدْنَاهُ فِي وقتنا هَذَا وَالله أعلم. الْخَامِس: قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّة: فَإِن ضربهَا وَزعم أَن ذَلِك على وَجه التَّأْدِيب لذنب أَتَتْهُ فَإِن كَانَ مثله مِمَّن يُؤَدب ويعتني بالأدب صدق، وَإِن كَانَ لَيْسَ من أهل الْأَدَب وَلَا يعتني بِهِ فَعَلَيهِ الْبَيِّنَة أَنه إِنَّمَا ضربهَا لذنب تستوجب بِهِ الضَّرْب وَالْقَوْل قَوْلهَا حِينَئِذٍ أَنه ظَالِم لَهَا قَالَ: فَإِن أنكر ضربهَا جملَة وَقَامَت لَهَا بَيِّنَة بِهِ كَانَ لَهَا الْخِيَار فَإِن قَالَ بعد ذَلِك كَانَ لذنب أَتَتْهُ لم يقبل قَوْله لإنكاره الأول قَالَ: وَفِي الْعُتْبِيَّة عَن مَالك فِيمَن حلف بِطَلَاق زَوجته ليجلدنها خمسين سَوْطًا فَإِنَّهُ يمْنَع من ضربهَا وَتطلق عَلَيْهِ، وَنَحْوه حكى ابْن حبيب فِي الْوَاضِحَة أَن من حلف بِطَلَاق امْرَأَته ليجلدنها أَكثر من عشرَة أسواط مثل الثَّلَاثِينَ أَن السُّلْطَان يطلقهَا عَلَيْهِ إِذا كَانَ ذَلِك لغير شَيْء تستوجبه فَإِن لم يعلم بذلك حَتَّى جلدهَا برّ فِي يَمِينه وعوقب بالزجر والسجن وَلم تطلق عَلَيْهِ إِلَّا أَن يكون بهَا من الضَّرْب آثَار قبيحة لَا يَلِيق بِمِثْلِهَا فَتطلق عَلَيْهِ للضَّرَر إِذا تفاحش ذَلِك وَطلبت الْفِرَاق اه. قلت: مَا لم تذنب مَا تستوجب بِهِ ذَلِك فقد نَص ابْن الْقَاسِم على مَا رَوَاهُ حُسَيْن بن عَاصِم أَن الْمَرْأَة قد تستوجب الضَّرْب الوجيع بالذنب ترتكبه إِذا كَانَ الذَّنب مَعْرُوفا. وَقد تقدم ذَلِك أول الْفَصْل قَالَ: وَلَو حلف بِطَلَاقِهَا ليجلدنها عشرَة أسواط وَنَحْوهَا خلى بَينه وَبَينهَا وَقد أَسَاءَ. وَلَا تطلق عَلَيْهِ يُرِيد وَيصدق فِي أَنَّهَا صنعت مَا تستوجب بِهِ ذَلِك لَا أَنه يكون لَهُ ذَلِك دون سَبَب، وَكَذَلِكَ من حلف بحريّة عَبده ليضربنه ضربا يَسِيرا دون شَيْء أذنبه لم يُمكن مِنْهُ. وَقَالَ ابْن أبي زيد: يُمكن من ذَلِك وَهُوَ بعيد وَلَا يَصح أَن يُقَال ذَلِك فِي الْحرَّة قَالَ: وَمن هَذَا الْمَعْنى لَو حلف بِطَلَاق امْرَأَته الْأُخْرَى أَو بحريّة عَبده ليجلدن هَذِه خمسين سَوْطًا فَإِن السُّلْطَان يحنثه إِلَّا أَن يثبت عَلَيْهَا أَنَّهَا فعلت مَا تستوجب بِهِ ذَلِك وَلَو كَانَت يَمِينه على ذَلِك بِاللَّه أَو بصيام أَو بمشي وَشبهه مِمَّا لَا يقْضِي بِهِ فَأَبت الْمَرْأَة أَن تذْهب مَعَه مَخَافَة أَن يضْربهَا ليسقط عَن نَفسه مَا حلف عَلَيْهِ، فلهَا ذَلِك من أجل أَنه لَا يُؤمن عَلَيْهَا ويطلقها الْحَاكِم طَلْقَة بَائِنَة اه. وَسُئِلَ سَحْنُون عَن الْمَرْأَة تَشْتَكِي أَن زَوجهَا يضْربهَا وَبهَا أثار ضرب وَلَا بَيِّنَة على مُعَاينَة ضربه قَالَ: يسئل عَنْهَا جِيرَانهَا فَإِن قَالُوا شَأْنه لَا ينْزع عَن ظلمها أدبه وحبسه فَإِن سمع الْجِيرَان الصياح مِنْهَا وَلم يحضروا ضربه إِيَّاهَا أدبه أَيْضا لِأَن هَذِه الْآثَار لَو كَانَت من غَيره لشكا هُوَ ذَلِك وَأنْكرهُ اه. فَعلم مِنْهُ أَن الْعشْرَة أسواط فَمَا دونهَا من الْخَفِيف الَّذِي لَا بُد فِيهِ من التّكْرَار حَيْثُ ادّعى هُوَ مَا يُوجب ذَلِك، وَهَذَا مَا لم تحصل مِنْهُ آثَار قبيحة كَمَا مرّ. السَّادِس: قَول النَّاظِم تثبت الضَّرَر أَي فِي بدنهَا كَمَا مر، وَأما إِن أضرّ بهَا فِي مَالهَا وَلم يكن لَهَا عَلَيْهِ فِيهِ شَرط نهي عَن ذَلِك وأغرم مَا أَخذه مِنْهُ فَإِن عَاد بعد النَّهْي عاقبه السُّلْطَان وَلم يُطلق عَلَيْهِ، وَإِن تكَرر إضراره اه. وَقد تحصل أَنه إِن أضرّ بهَا فِي بدنهَا فلهَا التَّطْلِيق من غير
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute