بعث حكمين من أهلهما إِن أمكن وَبَطل حكم غير الْعدْل إِلَى أَن قَالَ: وَعَلَيْهِمَا الْإِصْلَاح فَإِن تعذر فَإِن أَسَاءَ الزَّوْج طلقا بِلَا خلع، وَبِالْعَكْسِ ائتمناه عَلَيْهَا أَو خالعا لَهُ بنظرهما وَإِن أَسَاءَ فَهَل يتَعَيَّن الطَّلَاق بِلَا خلع أَو لَهما أَن يخالعا بِالنّظرِ وَعَلِيهِ الْأَكْثَر تَأْوِيلَانِ الخ. وَانْظُر لَو دَامَ الْإِشْكَال بعد بعث الْحكمَيْنِ وَطَالَ الْأَمر وَلَا زَالَت الشكوى مترددة هَل يخالعان بِالنّظرِ حَيْثُ لم تطلب عشرتهما أَو يأتمناه عَلَيْهَا أَو يُرْسل حكمين آخَرين أَو أمينة، إِذْ رُبمَا لم يتَبَيَّن لِلْحكمَيْنِ الْأَوَّلين حَالهمَا لتقصيرهما أَو لعدم معرفتهما بالقرائن، إِذْ الضَّرَر مِمَّا يعْتَمد فِيهِ على الْفراش وَلَا يعرفهَا إِلَّا الفطن النَّاقِد. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر. وَقَوله: وَبِالْعَكْسِ ائتمناه عَلَيْهَا أَي مَا لم يرد فراقها وَإِلَّا فرقا وَلَا شَيْء لَهَا من الْمهْر، بل لَو حكما عَلَيْهَا بِأَكْثَرَ من الْمهْر جَازَ إِن كَانَ سداداً نَقله ابْن عَرَفَة. وَمَا بِهِ قَدْ حَكِمَا يُمْضى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
١٦٤٨ - ; وَلا إعْذَارَ لِلزَّوْجَيْنِ فِيمَا فَعَلَا (وَمَا) مُبْتَدأ مَوْصُول (بِهِ) يتَعَلَّق بالصلة الَّتِي هِيَ (قد حكما) وَقَوله: (يمضى) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول خبر وَيحْتَمل أَن يكون بِفَتْح الْيَاء وَكسر الضَّاد مَبْنِيا للْفَاعِل بِمَعْنى ينفذ (وَلَا) نَافِيَة للْجِنْس (إعذار) اسْمهَا (للزوجين) خَبَرهَا (فِيمَا) يتَعَلَّق بالاستقرار فِي الْخَبَر (فعلا) صلَة مَا والعائد مَحْذُوف أَي فعلاه. ابْن عَرَفَة عَن الْبَاجِيّ: وحكمهما على وَجه الحكم لَا الْوكَالَة فَينفذ وَإِن خَالف مَذْهَب من بعثهما جمعا أَو فرقا. ابْن شَاس وَقيل: بل هما وكيلان. ابْن عَرَفَة: وَدلَالَة ابْن الْحَاجِب على عدم نُفُوذه على القَوْل بِالْوكَالَةِ لَا أعلمهُ فِي الْمَذْهَب بِحَال، بل الْجَارِي عَلَيْهِ غير ذَلِك حَسْبَمَا يَأْتِي إِن شَاءَ الله اه. وَفِي الْمُقدمَات لَا إعذار لأحد الزَّوْجَيْنِ فِيمَا حكم بِهِ الحكمان لِأَنَّهُمَا لَا يحكمان بِالشَّهَادَةِ القاطعة، وَإِنَّمَا يحكمان بِمَا خلص إِلَيْهِمَا من علم أحوالهما بعد النّظر والكشف نَقله (م) وَنَقله ابْن عَرَفَة بِلَفْظ: لِأَنَّهُمَا لَا يحكمان فِي ذَلِك بِالْبَيِّنَةِ القاطعة، وَمَعْنَاهُ وَالله أعلم أَن الشَّارِع جعل لَهما أَن يستندا لعلمهما فِيمَا حكما بِهِ فليسا بِشَاهِدين عِنْد الْغَيْر بِمَا علما حَتَّى يعْذر فيهمَا وإلَاّ فَكل شَاهد إِنَّمَا يشْهد بِمَا خلص إِلَيْهِ من أَمر الْمَشْهُود بِهِ، وَفِيه الْإِعْذَار على كل حَال، وَهَذَا على القَوْل الأول، وَأما على الثَّانِي فَإِنَّهُمَا نائبان عَن القَاضِي كالموجهين للتحليف والحيازة وَنَحْوهمَا فَلَا إعذار أَيْضا كَمَا مر، وَفهم من قَوْله: حكما الخ. أَنه لَو انْفَرد أَحدهمَا بالحكم بِالطَّلَاق أَو بِغَيْرِهِ لم ينفذ وَلَو اجْتمعَا عَلَيْهِ بعد وَهُوَ كَذَلِك كَمَا فِي ابْن عَرَفَة عَن اللَّخْمِيّ وَإِن اجْتمعَا على الطَّلَاق وَاخْتلفَا فِي كَونه على مَال مَعْلُوم أَو بِلَا شَيْء فَإِن لم تلتزم الزَّوْجَة لِلْمَالِ فَلَا طَلَاق وَإِن أوقعا أَكثر من طَلْقَة وَاحِدَة فَلَا تلْزم إِلَّا الْوَاحِدَة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute