عَن الْبَيِّنَة، فَادّعى عَلَيْهِ الْمَطْلُوب أَنه كَانَ حلفه على تِلْكَ الدَّعْوَى، فَإِن الطَّالِب لَا يتَوَصَّل ليمين الْمَطْلُوب حَتَّى يحلف أَنه مَا حلفه (خَ) وَله يَمِينه أَنه لم يحلفهُ أَولا اه. وَقَالَ فِي اللامية: لمن يزْعم الأحلاف إحلاف خَصمه على نفي أحلاف لَهُ قد تقبلا وَقَول ناظم الْعَمَل: وَلَا يَمِين حَيْثُ قَالَ احْلِف لي إِنَّك مَا حلفتني من قبلي لَا يعول عَلَيْهِ وَإِن اخْتَارَهُ ابْن رحال وَمَا عللوه بِهِ من أَن تَمْكِينه من تَحْلِيفه فِيهِ ضَرَر عَظِيم وَيلْزم عَلَيْهِ مُقَابلَة يَمِين بِيَمِين كُله لَا ينْهض حجَّة لأَنهم حَافظُوا على حق الطَّالِب، وأخلوا بِحَق الْمَطْلُوب. وَقد تكون دَعْوَاهُ صَحِيحَة فَفِيهِ تَرْجِيح دَعْوَى أحد الْخَصْمَيْنِ بِلَا مُرَجّح، ومقابلة الْيَمين بِالْيَمِينِ تَنْتفِي بقلب الْيَمين على الْمَطْلُوب وَالله أعلم. وَهَذَا كُله إِذا قَالَ: إِنَّك حلفتني، وَأما إِن قَالَ لَهُ: إِنَّك أسقطت عني الْيَمين وأبرأتني مِنْهَا فاحلف لي مَا أسقطتها عني، فَإِن الطَّالِب لَا تجب عَلَيْهِ يَمِين لرد هَذِه الدَّعْوَى كَمَا فِي الدّرّ النثير ونوازل الدَّعَاوَى من المعيار، وأشعر قَول النَّاظِم مطَالب بِالْيَمِينِ الخ، أَنه لَو حلف قبل أَن يطْلبهَا الْخصم مِنْهُ لم تجزه وَلَو بِأَمْر القَاضِي وَهُوَ كَذَلِك كَمَا فِي التَّبْصِرَة وَقَالَ فِي اللامية: وَذُو حلف من غير إحلاف خَصمه وَغير رضَا لم يستفد شَيْئا أملا وَأَحْرَى فِي عدم الْإِجْزَاء إِن حلف بِغَيْر حُضُور خَصمه، وَظَاهر النّظم أَن الْيَمين تجب عَلَيْهِ فِي عجز الْمُدَّعِي عَن الْبَيِّنَة، وَلَو لم تكن خلْطَة، وَهُوَ قَول ابْن نَافِع وَابْن عبد الحكم من الْمَالِكِيَّة، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة وَغَيرهمَا وَبِه الْعَمَل الْآن قَالَ ناظمه: وَدون خلْطَة توجه الْيَمين على الَّذِي عَلَيْهِ إِلَّا دَعَا يبين وَظَاهر هَذَا الْعَمَل عدم التَّفْرِيق بَين ذَوي الْعلَا والمروءة وَغَيرهم، وَفرق بَعضهم بَين الدَّعْوَى على الرجل المنقبض عَن مداخلة النَّاس ومخالطتهم، وَالْمَرْأَة المستورة المحتجبة فَلَا تجب عَلَيْهِمَا الْيَمين بِالدَّعْوَى إِلَّا بعد ثُبُوت الْخلطَة ابْن عبد الْبر: وَهُوَ الْمَعْمُول بِهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ الزّرْقَانِيّ فِي لاميته بقوله: لَكِن ببلدة يُوسُف يخص بهَا ذَات الْحجاب وَذُو الْعلَا الخ وَنَحْوه لِابْنِ هِلَال عَن ابْن رشد، وَاخْتَارَهُ ابْن رحال وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَاده، إِذْ كثير من النَّاس يتجرأ على ذَوي الْفضل وَالدّين وَيُرِيد إهانتهم بالأيمان فِي الدَّعَاوَى الْبَاطِلَة، وَقد شاهدنا من ذَلِك فِي هَذَا الزَّمَان مَا الله أعلم بِهِ. ثمَّ الْعَمَل بترك الْخلطَة إِنَّمَا هُوَ فِي الدَّعَاوَى بِالْمَالِ من مُعَاملَة وَنَحْوهَا لَا فِي الدَّعَاوَى الَّتِي يشْتَرط فِي توجه الْيَمين بهَا الظنة والتهمة كالغصب والتعدي وَالسَّرِقَة وَنَحْوهَا فَلم يجر عمل بتوجهها بِدُونِ ثُبُوت التُّهْمَة كَمَا مرّ عَن ابْن فَرِحُونَ وَنَحْوه فِي (ح) والرعيني بل تقدم أَنه إِذا ادّعى بذلك على صَالح لم تسمع دَعْوَاهُ ويؤدب وَيَأْتِي للناظم: وتهمة إِن قويت الخ. فَانْظُر هُنَاكَ، وَالْمرَاد بثوبتها أَن يكون مِمَّن قد أُشير إِلَيْهِ بِالْغَصْبِ وَنَحْوه سَوَاء ثَبت أَو لم يثبت، وَلَكِن علم أَنه قد ادّعى بهَا عَلَيْهِ كَمَا فِي ابْن سهل، وَفهم من قَول النَّاظِم فِي عجز مُدع الخ أَن الْمُدَّعِي إِذْ لم يعجز وَأقَام الْبَيِّنَة على دَعْوَاهُ يقْضِي لَهُ بِحقِّهِ من غير يَمِين تلْزمهُ مَعَ كَمَال بَينته وَهُوَ كَذَلِك مَا لم يدع عَلَيْهِ الْمَطْلُوب الْقَضَاء، أَو أَنه عَالم بفسق
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute