أظهر، وَالْمعْنَى أَن التارك للْوَطْء بِغَيْر يَمِين يشْتَرك مَعَ الْمولى فِي التَّأْجِيل بأَرْبعَة أشهر حَيْثُ التّرْك مَوْجُود قصدا وَيُطلق عَلَيْهِ بعْدهَا للضَّرَر من بعد أَن يزجره الْحَاكِم وَلم ينزجر وَمن بعد تلوم، والبعدية ظرف متسع فَتصدق بالزجر قبل التَّأْجِيل وَبعده وبالتلوم قبله وَبعده أَيْضا، وَيحْتَمل أَن يكون قَوْله بعد تلوم مُنْقَطِعًا عَمَّا قبله مُقَابلا لَهُ على حذف القَوْل أَي: وَقيل يُطلق عَلَيْهِ بعد تلوم بِالِاجْتِهَادِ بِلَا تَحْدِيد أجل فيستفاد من كَلَامه قَولَانِ. أَحدهمَا: أَن التارك للْوَطْء بِلَا يَمِين وَلَا عذر يلْحقهُ بالمولى فِي أَجله الْمَذْكُور. وَالثَّانِي: أَنه لَا يلْحق بِهِ بل يتلوم لَهُ الْحَاكِم بِقدر أجل الْإِيلَاء أَو أقل أَو أَكثر، وَالْقَوْل الأول هُوَ قَول مَالك ودرج عَلَيْهِ ابْن الْحَاجِب، وَالثَّانِي هُوَ مذْهبه فِي الْمُدَوَّنَة وَهُوَ الْمَشْهُور وَعَلِيهِ درج (خَ) بقوله: واجتهد وطلق فِي لأعزلن أَو لَا أبيتن أَو ترك الْوَطْء ضَرَرا وَإِن غَائِبا الخ. وَقَالَ ابْن سَلمُون: فَإِن ترك الْوَطْء مضاراً من غير حلف أَمر بِوَطْئِهَا مرّة بعد مرّة فَإِن تَمَادى على ذَلِك فرق بَينهمَا بعد التَّلَوُّم، وَقيل بعد أجل الْإِيلَاء اه. فاعتمد النَّاظِم القَوْل الأول فِي كَلَامه تبعا لِابْنِ الْحَاجِب، وَقَوله: قصدا أَي بِلَا عذر كَمَا مر، وَلَا يحْتَرز بِهِ عَمَّا إِذا لم يقْصد بِالتّرْكِ الضَّرَر كَمَا هُوَ الْمُتَبَادر مِنْهُ لِأَنَّهُ يُطلق عَلَيْهِ بِالتّرْكِ سَوَاء قصد بِهِ الضَّرَر بهَا أم لَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَة وَغَيرهَا. وَلذَا جعلنَا قَوْله للضَّرَر يتَعَلَّق بمقدر لَا بقوله قصدا، وَأَيْضًا فَإِن ترك الْوَطْء مَعَ الْقُدْرَة عَلَيْهِ تتضرر بِهِ الزَّوْجَة قصد بِهِ ضررها أم لَا. وَهِي مصدقة فِي تضررها بترك وَطئه كَانَ حَاضرا أَو غَائِبا بلغته الْكِتَابَة أم لم تبلغه على مَا يَأْتِي كَمَا تصدق أَنَّهَا خشيت الزِّنَا بترك وَطئه إِذْ كل ذَلِك لَا يعلم إِلَّا مِنْهَا، وَقد علمت أَن هَذَا الحكم جَار فِي الْحَاضِر وَالْغَائِب. وَحَاصِله؛ أَن امْرَأَة الْغَائِب الْمَعْلُوم الْموضع إِذا دَامَت نَفَقَتهَا من مَال الْغَائِب أَو من مُتَطَوّع عَلَيْهِ وَقَامَت بِحَقِّهَا فِي الْوَطْء فَقَط لَا تجاب لدعواها إِلَّا إِن طَالَتْ غيبته كَسنة على ظَاهر الْمُدَوَّنَة أَو أَكثر من ثَلَاث سِنِين على مَا للغرياني وَابْن عَرَفَة، وَحِينَئِذٍ يكْتب لَهُ الْحَاكِم إِن كَانَ مِمَّن تبلغه الْكِتَابَة إِمَّا أقدم أَو رَحل زَوجتك إِلَيْك أَو طلق كَمَا كتب عمر بن عبد الْعَزِيز بذلك إِلَى قوم غَابُوا بخراسان فَإِن لم يفعل طلق عَلَيْهِ بعد التَّلَوُّم لَهُ بِالِاجْتِهَادِ، وَلَا يُطلق على غَائِب قبل الْكتب إِلَيْهِ إِلَّا إِذا كَانَ بِحَيْثُ لَا تبلغه الْكِتَابَة لانْقِطَاع الطّرق أَو كَانَت تبلغه، وَلَكِن لَا يتَمَكَّن من معرفَة الْخط وَلَا نقل الشَّهَادَة، فَفِي الذَّخِيرَة إِذا لم تتأت معرفَة الْخط فلهَا التَّطْلِيق وَقَرِيب مِنْهُ فِي الْإِيلَاء من التَّوْضِيح أَي: وَهُوَ مَحْمُول على أَنه ترك الْقدوم لزوجته اخْتِيَارا كَمَا للقرافي عَن اللَّخْمِيّ، فجواب الْمَازرِيّ الْمَنْقُول فِي الكراس الثَّانِي من أنكحة المعيار وَقبل النَّفَقَات من الْبُرْزُليّ برد الحكم بِطَلَاق زَوْجَة الْغَائِب الَّذِي لم يبْحَث الْحَاكِم عَمَّا يكون قد عرض لَهُ من مرض أَو اعتقال وَنَحْوهمَا مُقَابل لحمله على الِاخْتِيَار الْمَذْكُور.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute