وَأمْسك عَنْهَا فَأَتَت بِولد بعد هَذَا الْوَطْء لأَقل من سِتَّة أشهر من يَوْم الْوَطْء الْمَذْكُور أَو لأكْثر من أقْصَى أمد الْحمل كخمس سِنِين فَإِنَّهُ يعْتَمد على لِعَانه فِي تِلْكَ الْمدَّة القليلة أَو الْكَثِيرَة لِأَن الْوَلَد فِي القليلة لَيْسَ هُوَ للْوَطْء الْمَذْكُور على زَعمه لنقصه عَن السِّتَّة، وَلَا أَنه توأم للْأولِ لفصل السِّتَّة أشهر بَينهمَا وَلِأَنَّهُ فِي الْكَثِيرَة على زَعمه زَاد على أقْصَى أمد الْحمل من يَوْم وَطئه فيعتمد على الْمدَّة الْمَذْكُورَة وَإِن لم يكن هُنَاكَ حيض وَلَا وضع، وَأما إِن استبرأها بِحَيْضَة وَلم يَطَأهَا بعْدهَا حَتَّى أَتَت بِولد لسِتَّة أشهر فَأكْثر من يَوْم الِاسْتِبْرَاء فيعتمد على ذَلِك وَلَا إِشْكَال فَقَوله: وحيضة الخ. أَي لَكِن إِن كَانَ الِاسْتِبْرَاء بِالْحيضِ لَا بِالْوَضْعِ وَلَا بالمدة فحيضة وَاحِدَة كَافِيَة فِي الِاعْتِمَاد عَلَيْهَا، فقد اشْتَمَل كَلَامه رَحمَه الله تَعَالَى على صور الِاعْتِمَاد الثَّلَاثَة الَّتِي هِيَ فِي كَلَام غَيره، وَسَوَاء رَآهَا تَزني مَعَ وَاحِدَة من تِلْكَ الصُّور أم لَا. وَمَا ذكره من الِاعْتِمَاد على الْحَيْضَة الْوَاحِدَة هُوَ الْمَشْهُور، وَقيل لَا يعْتَمد عَلَيْهَا لِأَن الْحَامِل عندنَا تحيض واستظهره فِي ضيح، وَمَفْهُوم قَوْله مَعَ ادعائه الخ. أَنه لَا يعْتَمد فِي نفي الْحمل على عزل وَلَا على مشابهة لغيره وَإِن بسواد وَلَا وَطْء بَين الفخذين إِن أنزل وَلَا وَطْء بِغَيْر إِنْزَال إِن أنزل قبله وَلم يبل كَمَا فِي (خَ) وَأَنه أَيْضا لَا يعْتَمد فِي نَفْيه على الرُّؤْيَة وَحدهَا من غير استبرائها بِشَيْء مِمَّا مرّ وَهُوَ كَذَلِك على الْمَشْهُور، لَكِن هَذَا يُلَاعن للرؤية قطعا حَيْثُ قَامَت الْمَرْأَة بِحَقِّهَا فِي الْقَذْف، وَإِذا لَاعن للرؤية وَادّعى الْوَطْء قبلهَا وَعدم الِاسْتِبْرَاء وَأَتَتْ بِولد لسِتَّة أشهر فَأكْثر من يَوْم الرُّؤْيَة فَهَل يَنْتَفِي الْوَلَد بِلعان الرُّؤْيَة الْمَذْكُورَة وَهُوَ الَّذِي فِي (خَ) حَيْثُ قَالَ: وَإِن انْتَفَى بِهِ أَي بِلعان الرُّؤْيَة مَا ولد لسِتَّة أشهر الخ. أَو لَا يَنْتَفِي بِهِ بل هُوَ لَازم لَهُ وَهُوَ مَا صدر بِهِ ثَانِيًا حَيْثُ قَالَ: وَإِن لَاعن لرُؤْيَته وَادّعى الْوَطْء قبلهَا فلمالك فِي إِلْزَامه بِهِ الخ. وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الَّذِي يجب اعْتِمَاده لِأَنَّهَا أَتَت بِهِ لمُدَّة يُمكن أَن يكون فِيهَا للْفراش أَو للزِّنَا وَقد قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: (الْوَلَد للْفراش وللعاهر الْحجر) . قَالَ الْبُرْزُليّ: أجمع أهل الْعلم على القَوْل بِهِ إِذا أمكن أَن يكون للْفراش من مَجِيئه لسِتَّة أشهر فَأكْثر من يَوْم العقد، وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَكيف بِهِ من مَجِيئه لسِتَّة أشهر فَأكْثر من يَوْم الْوَطْء كَمَا فِي الْفَرْض الْمَذْكُور، وَلَا سِيمَا والشارع متشوف للحوق الْأَنْسَاب فَلَا يَنْتَفِي حِينَئِذٍ عَنهُ أصلا، وَلَا يُمكن من اللّعان فِيهِ لعدم تقدم مَا يعْتَمد عَلَيْهِ من الْأُمُور الثَّلَاثَة. وَهَذَا هُوَ ظَاهر النّظم لِأَنَّهُ كَغَيْرِهِ جعل نفي الْحمل بِاللّعانِ إِنَّمَا هُوَ مَعَ ادِّعَاء الِاسْتِبْرَاء بِشَيْء مِمَّا مر، والاعتماد على الرُّؤْيَة وَحدهَا لَا يَكْفِي على الْمَشْهُور، وَتَأمل كَيفَ يرجح القَوْل بِنَفْي الْوَلَد بِلعان الرُّؤْيَة مَعَ احْتِمَال كَونه للْفراش، وَقَول الْأَب إِنَّه من الزِّنَا مُجَرّد دَعْوَى لَا دَلِيل عَلَيْهَا بِشَيْء مِمَّا يعْتَمد عَلَيْهِ من الْأُمُور الثَّلَاثَة، بل لَو صدقته الْمَرْأَة عَلَيْهَا لم يفده ذَلِك لحق الْوَلَد فَذَلِك القَوْل مُقَابل للمشهور وَلقَوْل الْأَكْثَر الْقَائِلين إِنَّه لَا يَنْتَفِي إِلَّا بِلعان وَلَو تَصَادقا على نَفْيه، وَاللّعان فِي الْفَرْض الْمَذْكُور إِنَّمَا هُوَ لدفع حد الْقَذْف لَا لنفي الْوَلَد إِذْ لَا يُمكن من اللّعان فِيهِ مَعَ تقدم مَا يعْتَمد عَلَيْهِ وَالله أعلم. وَقَوله: وحيضة بَيِّنَة الْأَجْزَاء الخ. هَذَا إِحْدَى المستثنيات الثَّلَاث من قَوْلهم اسْتِبْرَاء الْحرَّة بِثَلَاث حيض كعدتها إِلَّا فِي اللّعان كَمَا هُنَا وَفِي الزِّنَا فَإِنَّهَا لَا ترْجم حَتَّى تستبرأ بِحَيْضَة وَاحِدَة، وَفِي الرِّدَّة فَإِن الْمُرْتَدَّة المتزوجة أَو ذَات السَّيِّد لَا تقتل بعد الاستتابة حَتَّى تستبرأ بِحَيْضَة وَاحِدَة أَيْضا، وَفِي ذَلِك يَقُول الأَجْهُورِيّ رَحمَه الله:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute