مُضَاف إِلَيْهِ وَالْمعْنَى أَن فرقة المتلاعنين هِيَ فسخ بِلَا طَلَاق كَمَا مرّ، لَكِن مَعَ حكم القَاضِي فَلَا تقع حَتَّى يحكم بهَا وَمَا ذكر من توقفها على حكم الْحَاكِم وَإِن قَالَه ابْن الْقَاسِم ضَعِيف، وَالْمذهب مَا تقدم من أَن النِّكَاح يفْسخ بَينهمَا بِغَيْر طَلَاق بِمُجَرَّد تَمام اللّعان كَمَا أَفَادَهُ أَولا. فَلَو اسْتغنى عَن هَذَا بِمَا مر لكفاه، وَلَعَلَّه أَرَادَ أَن يُشِير إِلَى أَن فِي الْمَسْأَلَة قَوْلَيْنِ وَأَن القَوْل بتوقفها على الحكم وَإِن لم يكن مَشْهُورا لَا يَنْبَغِي إهمال ذكره كل الإهمال لكَونه قوي الْحجَّة لما ورد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للمتلاعنين: (قوما فقد فرقت بَيْنكُمَا وَوَجَبَت النَّار لأحدكما) فلولا أَن الْفَسْخ يحْتَاج إِلَى حكم مَا قَالَ فقد فرقت بَيْنكُمَا، وَيحْتَمل وَهُوَ الظَّاهِر أَن قَوْله: وبحكم القَاضِي رَاجع لأصل اللّعان أَي لَا يُوجب التَّأْبِيد وَالْفَسْخ إِلَّا إِذا كَانَ بِحكم قَاض كَمَا مر فِي حد ابْن عَرَفَة. ومُكْذِبٌ لِنَفْسِهِ بَعْدُ التَحِقْ وَلَدُهُ وَحُدَّ والتَّحْرِيمُ حَقْ (ومكذب) من أكذب الرباعي مُبْتَدأ سوغه كَونه صفة وَتعلق (لنَفسِهِ بعد) بِهِ أَي وملاعن مكذب لنَفسِهِ بعد التعانهما (الْتحق وَلَده) فعل وفاعل خبر الْمُبْتَدَأ والعائد مَحْذُوف أَي بِهِ (وحد) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول ونائبه ضمير المكذب، وَالْجُمْلَة معطوفة على الْخَبَر والمعطوف على الْخَبَر خبر (وَالتَّحْرِيم) مُبْتَدأ (حق) فعل مَاض بِمَعْنى وَجب خَبره وَالْجُمْلَة معطوفة على الَّتِي قبلهَا أَيْضا. ورَاجِعٌ قَبْلَ التَّمامِ مِنْهُمَا يُحَدُّ والنِّكاحُ لَنْ يَنْفَصما (وراجع) مُبْتَدأ سوغه مَا تقدم (قبل التَّمام مِنْهُمَا) يتعلقان بِهِ وَجُمْلَة (يحد) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول خبر (وَالنِّكَاح) مُبْتَدأ (لن ينفصما) خَبره وألفه للإطلاق، وأصل الفصم الْقطع بِلَا إبانة، وَأما القصم بِالْقَافِ فَهُوَ الْقطع مَعَ الْإِبَانَة وَهُوَ هُنَا كِنَايَة عَن عدم فسخ النِّكَاح. وَحَاصِل الْبَيْتَيْنِ أَن الْملَاعن المكذب لنَفسِهِ بعد تَمام اللّعان بَينهمَا يلْحق بِهِ وَلَده الَّذِي نَفَاهُ بِاللّعانِ وَيحد لاعْتِرَافه بقذفها وَلها الْعَفو عَنهُ، وَأما تأبيد التَّحْرِيم الْحَاصِل بَينهمَا فَوَاجِب لَا يرْتَفع بتكذيبه لنَفسِهِ، وَمَفْهُوم بعد أَنه إِذا كذب أَحدهمَا نَفسه قبل التَّمام وَهُوَ معنى قَوْله: وراجع الخ. فَإِنَّهُ يحد حد الْقَذْف إِن رَجَعَ هُوَ أَو حد الزِّنَا إِن رجعت هِيَ وَالنِّكَاح لَا يَنْفَسِخ فَمن مَاتَ مِنْهُمَا وَلَو بِالْحَدِّ وَرثهُ الآخر. وسَاكِتٌ والحَمْلُ حَمْلٌ بَيِّنُ يُحَدُّ مُطْلَقاً وَلا يَلْتَعِنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute