للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأول وَيرجع عَلَيْهَا بِالثَّانِي اه. ثمَّ الرّجْعَة تصح بِأحد أَمريْن بالْقَوْل كَلَفْظِ: رَاجَعتك أَو أمسكتك أَو نَحْوهمَا وَلَو بِدُونِ نِيَّة على الْمَشْهُور أَو بِالْفِعْلِ كَالْوَطْءِ والقبلة والمباشرة وَنَحْو ذَلِك بِشَرْط قصد الارتجاع بذلك (خَ) يرتجع من ينْكح بقول مَعَ نِيَّة كرجعت وَأَمْسَكت أَو نِيَّة على الْأَظْهر لَا بقول مُحْتَمل بِلَا نِيَّة وَلَا بِفعل دونهَا كَوَطْء وَلَا صدَاق، وَإِن اسْتمرّ وَانْقَضَت لحقها طَلَاقه على الْأَصَح اه. فَقَوله: وَإِن اسْتمرّ أَي اسْتمرّ على وَطئهَا بِدُونِ قصد الارتجاع بِهِ حَتَّى انْقَضتْ عدتهَا وَطَلقهَا طَلَاقا آخر فَإِنَّهُ يلْحقهُ طَلاقهَا على الْأَصَح مُرَاعَاة لقَوْل ابْن وهب وَاللَّيْث وَأبي حنيفَة بِصِحَّة رجعته بِالْوَطْءِ بِدُونِ نِيَّة لِأَن الحكم للظَّاهِر فَلَا يصدق أَنه لم يرد بِهِ الرّجْعَة، وَإِذا قُلْنَا يلْحقهُ الطَّلَاق وَاسْتمرّ على ذَلِك حَتَّى كمل ثَلَاثًا فَلَا تحل لَهُ إِلَّا بعد زوج فَإِن اسْتمرّ على وَطئهَا بعد الثَّلَاث من غير عقد أَو بِعقد قبل زوج فيتعدد عَلَيْهِ الصَدَاق بِتَعَدُّد الْوَطْء حَيْثُ لم تعلم هِيَ بِالْحُرْمَةِ أَو علمت وأكرهها، وَإِلَّا فَهِيَ زَانِيَة كَمَا يفِيدهُ قَول (خَ) فِي الطَّلَاق كواطىء بعد حنثه وَلم يعلم. وَقَوله فِي الصَدَاق كَالزِّنَا بهَا أَي بِغَيْر العالمة أَو بالمكرهة، وَأما حَده ولحوق الْوَلَد بِهِ من الْوَطْء للْوَاقِع بعد الثَّلَاث فقد تقدم تَفْصِيله فِي أول فصل فَاسد النِّكَاح. تَنْبِيهَات. الأول: يتَفَرَّع على الصَّحِيح من عدم اعْتِبَار وَطئه بِدُونِ نِيَّة أَن لَهُ مراجعتها بالْقَوْل فِيمَا بَقِي من الْعدة، لَكِن لَا يَطَؤُهَا إِلَّا بعد الِاسْتِبْرَاء من المَاء الْفَاسِد بِثَلَاث حيض كَمَا أَنه لَا يُرَاجِعهَا بعد الْعدة إِلَّا بِعقد أَيْضا، وَكَذَلِكَ على مُقَابِله من أَنه لَا يلْحقهَا طَلَاقه لِأَنَّهَا بَانَتْ بِانْقِضَاء عدَّة الطَّلَاق الأول، وَهُوَ قَول ابْن أبي زيد فَلَا يُرَاجِعهَا إِلَّا بعد الِاسْتِبْرَاء الْمَذْكُور، فَإِن رَاجعهَا وَبنى بهَا قبل الِاسْتِبْرَاء على الْأَصَح وَمُقَابِله فَفِي حرمتهَا عَلَيْهِ لِلْأَبَد قَولَانِ. مشهورهما كَمَا فِي القلشاني وَغَيره عدم التَّأْبِيد بِنَاء على أَن الْعلَّة اخْتِلَاط الْأَنْسَاب وَهِي منتفية هَهُنَا، لِأَن المَاء مَاؤُهُ بِخِلَاف المستبرأة من زنا وَغَيره، فالأرجح التَّأْبِيد قَالَ فِي المعيار: وَمحل الْخلاف بَين الْأَصَح وَابْن أبي زيد إِذا جَاءَ مستفتياً فَابْن أبي زيد لَا يلْزمه إِلَّا الطَّلَاق الأول وَأَبُو عمرَان يلْزمه مَا بعده أَيْضا وَلَو الثَّلَاث قَالَ: وَإِمَّا إِن قَامَت الْبَيِّنَة بِالثلَاثِ فَلَا سَبِيل لَهُ إِلَيْهَا حَتَّى تنْكح زوجا غَيره فِي المَال وَمن حمل الْخلاف بَينهمَا على الْإِطْلَاق فقد أَخطَأ اه. قلت: تَأمل قَوْله: فقد أَخطَأ لِأَن الْبَيِّنَة إِنَّمَا يحْتَاج إِلَيْهَا عِنْد الْإِنْكَار، وَهُوَ إِذا أنكر الثَّلَاث وأسرته الْبَيِّنَة دلّ ذَلِك على كذبه حَتَّى فِي قَوْله: وطئتها بِدُونِ نِيَّة الرّجْعَة. هَذَا مَعْنَاهُ فِيمَا يظْهر، وَأما إِن كَانَ مقرا بِمَا شهِدت بِهِ الْبَيِّنَة وَلم يبْق مسترسلاً عَلَيْهَا بعد الثَّلَاث فَلَا يظْهر فرق بَين المستفتي وَغَيره فِي كَون كل مِنْهُمَا من مَحل الْخلاف، وَفِي بعض فَتَاوَى ابْن مَرْزُوق مَا نَصه: وَمَسْأَلَة الشَّيْخَيْنِ فِي المسترسل قوي عِنْدِي إِشْكَال تصورها لِأَنَّهَا من التَّدَاخُل، فَمَتَى تَنْقَضِي الْعدة وَمَا رَأَيْت من كشف عَنْهَا الغطاء، وَإِن زَعمه ابْن الْحَاج لَكِن لم يتَبَيَّن لي وَقَالَ أَيْضا فِي بعض فَتَاوِيهِ: وَهَذِه الْمَسْأَلَة يَعْنِي مَسْأَلَة الاسترسال قد كثر السُّؤَال عَنْهَا وفاعل ذَلِك يحتال على تَحْلِيل الْمُطلقَة ثَلَاثًا، والمؤكد بِهِ عَلَيْكُم فِي مثل هَذَا أَن تسدوا بَابا يَقع بِهِ إِحْدَاث بِدعَة. نسْأَل الله السَّلامَة والعافية. الثَّانِي: من هَذَا الْمَعْنى من عَادَته كَثْرَة الْحلف بِالطَّلَاق وَلما قَامَت الْمَرْأَة بِالطَّلَاق قَالَ: لم أقصد بِهِ طَلَاق الزَّوْجَة، وَإِنَّمَا ذَلِك لفظ أجراه الله على لساني من غير قصد للطَّلَاق فَلَا يَنْوِي

<<  <  ج: ص:  >  >>