للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَنْبِيهَانِ. الأول: تَشْبِيه الموثقين الطَّلَاق المملك بِالطَّلَاق الَّذِي لَا رَجْعَة فِيهِ يَقْتَضِي أَن الَّذِي لَا رَجْعَة فِيهِ مُتَّفق عَلَيْهِ إِذْ لَا يحْتَج بمختلف فِيهِ، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل الْخلاف جَار فِي الْجَمِيع، فَفِي كتاب التَّخْيِير وَالتَّمْلِيك من أبي الْحسن مَا نَصه اللَّخْمِيّ: اخْتلف فِيمَن قَالَ أَنْت طَالِق طَلَاق الصُّلْح أَو طَلْقَة بَائِنَة أَو طَلْقَة لَا رَجْعَة فِيهَا فَقيل: هِيَ ثَلَاث، وَقيل: هِيَ رَجْعِيَّة، وَقيل: هِيَ بَائِنَة لِأَن الرّجْعَة من حَقه فَإِذا أسقط حَقه فِيهَا لزمَه وَهُوَ أبين اه بِاخْتِصَار. وَقَالَ أَبُو الْحسن فِي كتاب الْخلْع مَا نَصه من اخْتِلَاف الروَاة هُنَا: يَعْنِي فِيمَن صَالح وَأعْطى أَو طلق وَأعْطى أَخذ أَبُو مُحَمَّد صَالح أَن مَا يَفْعَله أهل بلدنا فِي قَوْلهم أَنْت طَالِق طَلْقَة مملكة أَنَّهَا تكون بَائِنَة، وَقد كَانَ ابْن الْعَرَبِيّ يَقُول: لَا تكون بَائِنَة. وَاحْتَجُّوا عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظ صَالح وَأعْطى خَالع وَأعْطى وَغير ذَلِك فَقَالَ: إِنَّمَا أوجبت هَذِه الْأَلْفَاظ الْبَيْنُونَة لأجل اللَّفْظ وَقَوْلهمْ: أَنْت طَالِق طَلْقَة مملكة مثل قَوْله فِي كتاب التَّخْيِير أَنْت طَالِق طَلْقَة يَنْوِي لَا رَجْعَة لي عَلَيْك فَإِنَّهُ قَالَ هُنَاكَ لَهُ الرّجْعَة اه. وَعبارَة الْمُدَوَّنَة فِي كتاب التَّخْيِير هِيَ قَوْلهَا مَا نَصه: وَإِن قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق تَطْلِيقَة يَنْوِي لَا رَجْعَة عَلَيْك فَلهُ الرّجْعَة، وَقَوله: لَا رَجْعَة لي عَلَيْك وَنِيَّته بَاطِل إِلَّا أَن يَنْوِي بقوله: لَا رَجْعَة لي عَلَيْك الْبَتَات اه. اللَّخْمِيّ: يُرِيد هُوَ بَاطِل سَوَاء قَالَ ذَلِك قولا أَو نَوَاه فقد تبين بِهَذَا أَن طَلَاق الصُّلْح وَالْخلْع وَالتَّمْلِيك والبينونة وَالَّذِي لَا رَجْعَة فِيهِ، وَمن صَالح وَأعْطى فِيهِ الْخلاف الْمَذْكُور، وَالَّذِي بِهِ الْقَضَاء مَا درج عَلَيْهِ النَّاظِم وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيّ فِي لَا رَجْعَة لي عَلَيْك وَإِن كَانَ مَذْهَب الْمُدَوَّنَة فِي الطَّلقَة البائنة الثَّلَاث ومذهبها فِي طَلَاق الخلعي وَنَحْوه الْبَيْنُونَة فَقَط. وَفِي لَا رَجْعَة لي عَلَيْك كَونهَا رَجْعِيَّة وتبعها (خَ) على ذَلِك كُله فَلَا يشكل عَلَيْك، فَإِن النَّاظِم حكى مَا بِهِ الْعَمَل فِي ذَلِك وَإِن خَالف الْمُدَوَّنَة و (خَ) يتبع الْمُدَوَّنَة فَقَالَ: وَبَانَتْ وَلَو بِلَا عوض وَقَالَ بعده: لَا أَن شَرط نفي الرّجْعَة فَهِيَ رَجْعَة. وَقَالَ أَيْضا: أَو وَاحِدَة بَائِنَة أَي فَهِيَ ثَلَاث عِنْده. قَالَ أَبُو الْحسن: الْفرق على مذهبها بَين طَلَاق الْخلْع بِغَيْر عوض هِيَ وَاحِدَة بَائِنَة وَبَين قَوْلهَا فِي الْوَاحِدَة البائنة أَنَّهَا الثَّلَاث أَنه فِي الأول شبهها بِطَلَاق الْخلْع وَفِي الثَّانِيَة قَالَ بَائِنَة فَلَيْسَتْ بخلعية وَلَا شبهها بِطَلَاق الْخلْع. الثَّانِي: قَالَ أَبُو الْحسن عِنْد قَوْلهَا الْمُتَقَدّم عَن كتاب التَّخْيِير مَا نَصه: قَالَ ابْن عبد الحكم: إِذا قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق وَلَا رَجْعَة لي عَلَيْك فَلهُ الرّجْعَة وَإِن قَالَ لَا رَجْعَة لي عَلَيْك كَانَت الْبَتَّةَ. قَالَ ابْن الْكَاتِب: مَسْأَلَة ابْن عبد الحكم لَيست كَمَسْأَلَة الْمُدَوَّنَة لِأَن مَسْأَلَة الْمُدَوَّنَة قد بَين أَنه طَلقهَا طَلْقَة وَاحِدَة وَمَسْأَلَة ابْن عبد الحكم لم يذكر طَلْقَة، وَإِنَّمَا قَالَ: لَا رَجْعَة لي عَلَيْك فَهِيَ الْبَتَات. اللَّخْمِيّ: وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق طَلَاقا لَا رَجْعَة لي عَلَيْك فِيهِ لَكَانَ ثَلَاثًا قولا وَاحِدًا لِأَن طَالِق يعبر بِهِ عَن الْوَاحِد وَالثَّلَاث، فَإِذا قَالَ طَلَاقا لَا رَجْعَة فِيهِ كَانَ صفة للطَّلَاق أَنه ثَلَاث اه. قلت: وَهُوَ ظَاهر إِذا نَوَاه أَو لم ينْو شَيْئا وَانْظُر إِذا نوى الْوَاحِد الَّتِي لَا رَجْعَة فِيهَا أَعنِي البائنة، وَالظَّاهِر أَن لَهُ نِيَّته لِأَن اللَّفْظ لَيْسَ صَرِيحًا فِي الثَّلَاث وَلَا كِنَايَة ظَاهره فِيهِ وَالله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>