الطَّلَاق أَعم من أَن يكون عِنْد الطَّلَاق أَو بعده، وَهَذَا أولى من جعل (فِي) بِمَعْنى (على) أَو (بعد) وَإِلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ أَشَارَ (خَ) لقَوْله: وَجَاز عَفْو أبي الْبكر عَن نصف الصَدَاق قبل الدُّخُول وَبعد الطَّلَاق. ابْن الْقَاسِم: وَقَبله لمصْلحَة وَهل وفَاق؟ تَأْوِيلَانِ. وَقَوْلِي فِي نِكَاح التَّسْمِيَة احْتِرَاز من نِكَاح التَّفْوِيض فَإِنَّهُ يجوز ذَاك للْأَب قبله وَبعده وللوصي قبله كَمَا أَفَادَهُ (خَ) بقوله: وَالرِّضَا بِدُونِهِ للمرشدة وَللْأَب وَلَو بعد الدُّخُول وللوصي قبله لَا الْمُهْملَة الخ. وَظَاهر قَوْله: التّرْك من الصَدَاق كَانَ نظرا أم لَا. وَلَيْسَ كَذَلِك كَمَا رَأَيْته. وَقَوْلِي: الَّتِي لم ترشد احْتِرَازًا من المرشدة فَإِنَّهَا الَّتِي تنظر لنَفسهَا، وَمَفْهُوم الْبكر أَن الثّيّب لَيْسَ لَهُ ذَلِك فِيهَا وَهُوَ كَذَلِك حَيْثُ لم يكن لَهُ جبرها على النِّكَاح، وأشعر قَوْله الْبكر أَيْضا أَنه إِن دخل بهَا لم يكن لَهُ ترك شَيْء من صَدَاقهَا وَهُوَ كَذَلِك كَمَا فِي الْجلاب والقرافي نَقله طفي وأشعر قَوْله التّرْك أَن ذَلِك بعد العقد كَمَا قَررنَا، فيفهم مِنْهُ أَنه يجوز لَهُ أَن يُزَوّجهَا ابْتِدَاء بِأَقَلّ من صدَاق مثلهَا على وَجه النّظر بالأحرى وَهُوَ كَذَلِك كَمَا فِي الْمُدَوَّنَة عَن مَالك، وَانْظُر مَا تقدم فِي بَاب الصُّلْح عِنْد قَوْله: وَالْبكْر وَحدهَا تخص هَهُنَا الخ. وَبِالْجُمْلَةِ فالتأويلان فِي كَلَام (خَ) مَحلهمَا كَمَا هُوَ ظَاهره إِذا تحققت الْمصلحَة، وَهُوَ ظَاهر الْمُدَوَّنَة وَظَاهر ابْن الْحَاجِب أَيْضا. قَالَ ابْن عبد السَّلَام: وَهُوَ الصَّحِيح لَا مَا قَالَ ابْن بشير: من أَن الْخلاف إِنَّمَا هُوَ إِذا جهلت الْمصلحَة أما إِذا تحققت فيتفق مَالك وَابْن الْقَاسِم على الْجَوَاز، وَإِن تحقق عدم وجودهَا فيتفقان أَيْضا على عدم الْجَوَاز، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ عِنْد الْجَهْل فَظَاهر قَول مَالك بِعَدَمِ الْجَوَاز لِأَن الأَصْل فِي إِسْقَاط الْأَب عدم الْمصلحَة. وَظَاهر ابْن الْقَاسِم جَوَازه لِأَن أَفعَال الْأَب مَحْمُولَة على الْمصلحَة فَإِن ذَلِك لَا يعول عَلَيْهِ، بل مَعَ الْجَهْل يتفقان على منع الْإِسْقَاط كَمَا يفِيدهُ قَوْلهم بعد الطَّلَاق لِأَنَّهُ يُفِيد بمفهومه أَنه لَا يجوز قبله كَانَ لمصْلحَة أم لَا. استثنوا مِنْهُ صُورَة الْمصلحَة. فَإِن ابْن الْقَاسِم أجازها والمصلحة إِذا أطلقت إِنَّمَا تَنْصَرِف للمحققة وَغير المحققة لَا تسمى مصلحَة لعدم وجودهَا، وَحِينَئِذٍ فالناظم اعْتمد فِي الشّطْر الأول التَّأْوِيل بالوفاق فيستفاد مِنْهُ أَنه الرَّاجِح، وَأما الشّطْر الثَّانِي فَلَا خلاف فِيهِ. تَنْبِيهَات. الأول: بِأَدْنَى تَأمل يعلم منع مَا يَفْعَله كثير من النَّاس الْيَوْم من تَزْوِيج أبكار بناتهم أَو الثيبات من محاجرهم بِأَقَلّ من صدَاق الْمثل لِأَنَّهُ فِي الْمُدَوَّنَة إِنَّمَا أجَاز تَزْوِيج الْأَب بِأَقَلّ من صدَاق الْمثل إِن كَانَ نظرا، فَإِن لم يكن نظرا فَيمْنَع، وَالنَّاس الْيَوْم يهْدُونَ للْأَب الْهَدَايَا ويعطونه العطايا ليزوجهم بنته بِأَقَلّ من صدَاق الْمثل من غير نظر لَهَا وَلَا مصلحَة، وَذَلِكَ مُنكر. فَيجب على القَاضِي التفطن إِلَيْهِ وحسم مادته فَإِن لم يطلع عَلَيْهِ فللزوجة أَن ترجع على زَوجهَا بِتمَام صدَاق مثلهَا بعد الدُّخُول وَيُخَير الزَّوْج فِي إِتْمَامه قبله أَو يُفَارق، وَلَا شَيْء عَلَيْهِ. وَهَذَا إِن لم تشْتَرط تِلْكَ الْهَدَايَا وَإِلَّا فَهِيَ من الصَدَاق فترجع بهَا الزَّوْجَة على الْأَب كَمَا مر، وَتسَمى تِلْكَ الْهَدَايَا المشترطة عِنْد الْعَامَّة بالمأكلة والحبا. الثَّانِي: قَالَ الْبُرْزُليّ فِي الكراس الثَّانِي من النِّكَاح: إِذا قَالَ الزَّوْج للْأَب أَقلنِي فِي ابْنَتك فأقاله فَهِيَ مُطلقَة وَلَا يتبع الزَّوْج بِصَدَاق إِن لم يكن دَفعه ورده الْأَب إِن قَبضه، وَهَذَا قبل الْبناء. ابْن الْحَاج: وَلَو كَانَ بعد الْبناء فَهِيَ إِقَالَة فِي الْعِصْمَة وَيلْزمهُ الثَّلَاث. الْبُرْزُليّ: تقدم أَن ظَاهر الْمُدَوَّنَة لُزُوم الثَّلَاث مُطلقًا قبل الْبناء وَبعده من قَوْلهَا: وَهبتك ورددتك لأهْلك، وَتقدم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute