للباء (لَيْسَ) فعل مَاض نَاقص واسْمه ضمير الْمَرَض (من الْمَحْذُور) يتَعَلَّق بِمَحْذُوف خبر، وَيحْتَمل أَن تكون من زَائِدَة لَا تتَعَلَّق بِشَيْء وَهُوَ أولى، وَالْمعْنَى أَن طَلَاق الْمَرِيض مَرضا مخوفا وتمليكه وتخييره وخلعه لَازم لَهُ كَالصَّحِيحِ، وَإِنَّمَا يفترقان فِي الْإِرْث فَفِي الْخلْع والتخيير لَا تَرثه لِأَن الْفِرَاق جَاءَ من قبلهَا وَفِي الطَّلَاق تَرثه إِن مَاتَ من مَرضه قبل ظُهُور صِحَّته كَانَ الطَّلَاق بَائِنا أَو رَجْعِيًا قبل الدُّخُول أَو بعده، وَلَو صَادف آخر الثَّلَاث كَمَا هُوَ ظَاهر النّظم، وَظَاهره أَيْضا وَلَو كَانَت يَمِينه فِي الصِّحَّة وَحنث بهَا فِي الْمَرَض كَانَ الْحِنْث بِسَبَبِهَا كحلفه وَهُوَ صَحِيح بِطَلَاقِهَا إِن دخلت الدَّار، فَدخلت وَهُوَ مَرِيض أَو بِسَبَبِهِ كحلفه ليقضين فلَانا حَقه فِي يَوْم كَذَا فَحنث وَهُوَ مَرِيض، وَظَاهره أَيْضا وَلَو طَال مَرضه حَتَّى خرجت من عدتهَا وَتَزَوَّجت أَزْوَاجًا وَهُوَ كَذَلِك فِي الْجَمِيع، ثمَّ إِن مَا ذكره النَّاظِم من عدم إرثها فِي الْخلْع والتخيير هُوَ تَخْرِيج اللَّخْمِيّ فِي الْخلْع. وَرِوَايَة زِيَاد فِي التَّمْلِيك والتخيير وَذَلِكَ ضَعِيف لِأَن القَوْل الْمخْرج لَا يعْمل بِهِ فِي قَضَاء وَلَا فَتْوَى، وَإِنَّمَا يذكر تفقهاً وتفنناً فَقَط قَالَه (ح) . وَلِأَن رِوَايَة زِيَاد مُخَالفَة لمَذْهَب الْمُدَوَّنَة، وَلذَا درج (خَ) وَغَيره على وجوب الْإِرْث لَهَا فَقَالَ: وَنفذ خلع الْمَرِيض وورثته أَي: وَلَو من المَال الَّذِي خالعته بِهِ كمملكة ومخيرة فِيهِ وَمولى مِنْهَا وملاعنة أَو أحنثته فِيهِ أَو أسلمت أَو عتقت أَو تزوجت غَيره وورثت أَزْوَاجًا وَإِن فِي عصمَة، وَإِنَّمَا يَنْقَطِع بِصِحَّة بَيِّنَة الخ. وَفهم من قَوْله: وَمَتى من الْمَرَض مَاتَ الخ. أَنَّهَا إِذا مَاتَت هِيَ لَا يَرِثهَا وَهُوَ كَذَلِك إِن كَانَ طَلاقهَا بَائِنا، وَأما الرَّجْعِيّ فيرثها إِن مَاتَت قبل انْقِضَاء عدتهَا واحترزت بِقَوْلِي مخوفا من غير الْمخوف كسعال وإقعاد ورمد ووجع ضرس وجذام وفلج يقبل مَعَ ذَلِك وَيُدبر ويتصرف لنَفسِهِ فَإِنَّهَا لَا تَرثه لِأَنَّهُ فِي حكم الصَّحِيح كَمَا أَشَارَ لَهُ بقوله: أَو مرض لَيْسَ من الْمَحْذُور الخ. فَقَوله: وَمن مَرِيض أَي مَرضا مخوفا وَهُوَ مَا حكم الْأَطِبَّاء بِكَثْرَة الْمَوْت بِهِ كالسل والقولنج والحمى القوية، وَمن فِي حكم ذَلِك كحاضر صف الْقِتَال والمحبوس لقتل أَو قطع يخَاف مِنْهُ الْمَوْت، وَكَذَا حَامِل سِتَّة فَهِيَ كَالْمَرِيضِ على الْمَشْهُور قَالَه ابْن بشير وَقيل: كَالصَّحِيحِ لِأَن الْغَالِب السَّلامَة ومحلها مَا لم تكن فِي حَالَة الطلق وإلَاّ فيحجر عَلَيْهَا قَالَه فِي الذَّخِيرَة. وَاخْتلف فِي الطَّاعُون قبل نُزُوله بالمطلق وَنَحْوه فَقَالَ ابْن لب: الْأَظْهر أَنه مَا دَامَ على حَال الصِّحَّة قبل نزُول الْمَرَض بِهِ فَهُوَ على حكم الأصحاء قَالَ: وَلَا يبعد أَن يخرج فِيهِ الْخلاف من الْخلاف الَّذِي فِي رَاكب الْبَحْر على حَال هوله إِذا حصل فِي اللجة اه. وَقَالَ ابْن رحال فِي بَاب الْحجر: إِن الملجج فِي الْبَحْر يحْجر عَلَيْهِ كَالْمَرِيضِ قَائِلا وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute