للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْهزْل خلاف وَعدم لُزُومه أظهر لقَوْله تَعَالَى: لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم} (الْبَقَرَة: ٢٢٥) فَكَمَا لَا كَفَّارَة فِيهِ كَذَلِك لَا نِكَاح اه. قلت: تَأمل هَذَا الِاحْتِجَاج بِالْآيَةِ الْمَذْكُورَة فَإِنَّهُ لَا يجْرِي على مَا فسر بِهِ (خَ) : وَغَيره الْيَمين اللَّغْو حَيْثُ قَالَ: وَلَا لَغْو على مَا يَعْتَقِدهُ فَظهر نَفْيه، وَأَيْضًا فَإِن اللَّغْو خَاص بِالْيَمِينِ بِاللَّه تَعَالَى، وَمَا ذكره ابْن الْحَاج ذكر الْقَرَافِيّ مثله عَن الشَّافِعِي، وَذكر أَن اللَّغْو عندنَا خَاص بِاللَّه تَعَالَى، ثمَّ قَالَ ابْن الْحَاج: وَالْبيع مثل النِّكَاح. قَالَ الْبُرْزُليّ: إِنَّمَا هُوَ مثله فِي جَرَيَان الْقَوْلَيْنِ لَا فِي مَذْهَب الْمُدَوَّنَة لِأَن الْهزْل فِي البيع يحلف مَعَه وَلَا يلْزم على مَذْهَب الْمُدَوَّنَة اه. وَانْظُر الْفرق بَينهمَا أَي بَين البيع وَالنِّكَاح فِيمَا كتبناه على قَول (خَ) فِي النِّكَاح، وَلزِمَ وَإِن لم يرض الخ. وَانْظُر مَا قَالَه الشُّرَّاح هُنَاكَ أَيْضا، وَانْظُر أَيْضا من بَاعَ زَوجته أَو زَوجهَا وَادّعى الْهزْل فِي ابْن عَرَفَة هُنَا، وَذكر (خَ) فِي الْخلْع أَن بيعهَا وتزويجها يكون طَلَاقا بَائِنا. تَنْبِيه: قَالَ فِي الذَّخِيرَة مَا نَصه: لمُطلق اللَّفْظ ثَلَاث حالات تَارَة يَسْتَعْمِلهُ فِي مَوْضُوعه الَّذِي وضع لَهُ فَيلْزمهُ مُقْتَضَاهُ فِي الْفتيا وَفِي الْقَضَاء وَتارَة فِي غير مَوْضُوعه فَلَا يلْزمه فِي الْفتيا وَيلْزمهُ فِي الْقَضَاء إِلَّا أَن تصدقه قرينَة. وَقد تقدم الْكَلَام على قَوْله: يَا طَالِق. وَقَالَ: أردْت من وثاق أَي فَيصدق فِي الْفتيا وَلَا يصدق فِي الْقَضَاء قَالَ: وَتارَة يُطلقهُ ويقتطعه عَن مُسَمَّاهُ وَلَا يصرفهُ إِلَى غير مُسَمَّاهُ، بل يُطلقهُ عَبَثا من غير إِرَادَة معنى الْبَتَّةَ بل مَقْرُونا بنية الْقطع عَن الْمُسَمّى، فَهَذَا هُوَ الهازل سَوَاء دلّت عَلَيْهِ الْقَرِينَة أم لَا. وَلَا يَكْفِي فِي الْهزْل أَنه أطلقهُ من غير نِيَّة لِأَن الصَّرِيح لَا يفْتَقر إِلَى النِّيَّة فَهَذَا تحريره فاضبطه اه. ومالِكٌ لَيْسَ لَهُ بِمُلْزِمِ لِمُكْرَهٍ فِي الفِعْلِ أَوْ فِي القَسَمِ (وَمَالك) مُبْتَدأ (لَيْسَ) اسْمهَا ضمير يعود على الْمُبْتَدَأ (لَهُ) يتَعَلَّق بِخَبَر لَيْسَ الْمَجْرُور بِالْبَاء الزَّائِدَة الَّذِي هُوَ (بملزم) بِكَسْر الزَّاي وَالضَّمِير الْمَجْرُور عَائِد على الطَّلَاق وَهُوَ فِي مَحل نصب على المفعولية بملزم ولضعف الْعَامِل تعدى إِلَيْهِ بِاللَّامِ، وَالْجُمْلَة خبر الْمُبْتَدَأ (لمكره) بِفَتْح الرَّاء يتَعَلَّق بملزم (فِي الْفِعْل) يتَعَلَّق بمكره و (فِي) بِمَعْنى (على) (أَو فِي الْقسم) مَعْطُوف عَلَيْهِ، وَالْمعْنَى أَن الإِمَام مَالِكًا رَحمَه الله لَيْسَ ملزماً الطَّلَاق للمكره على فعل الطَّلَاق أَو إِيقَاعه أَو على الْإِقْرَار بِهِ أَو على الْقسم بِهِ أَو على فعل مَا يَحْنَث بِهِ لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا فِي مُسلم: (حمل عَن أمتِي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ) . وَقَالَ فِيهِ أَيْضا حَسْبَمَا فِي الْقَرَافِيّ: (لَا طَلَاق فِي إغلاق) . والإغلاق عِنْد مَالك الْإِكْرَاه لِأَن الإغلاق هُوَ الإطباق من أغلقت الْبَاب فَكَأَن الْمُكْره قهر على

<<  <  ج: ص:  >  >>