وَبِالْجُمْلَةِ لَا يشْتَرط فِي المرتجع إِلَّا كَونه مِمَّن يَصح نِكَاحه فِي الْجُمْلَة وَلَا يشْتَرط فِيهِ انْتِفَاء موانعه من إِحْرَام وَمرض وَنَحْوهمَا، وَلذَا قَالَ (خَ) : يرتجع من ينْكح وَإِن بكإحرام وَمرض وَعدم إِذن سيد الخ. وَلَا يرد عَلَيْهِ الصَّبِي الْمُمَيز لِأَنَّهُ وَإِن كَانَ يَصح نِكَاحه فِي الْجُمْلَة ويتوقف على إجَازَة وليه لَكِن لَا يتَصَوَّر مِنْهُ الطَّلَاق الرَّجْعِيّ أصلا، إِذْ شَرط الرَّجْعِيّ أَن يتقدمه وَطْء مُعْتَبر وَوَطْء الصَّبِي كلاوطء، وَأَيْضًا لَا يُطلق على الصَّبِي إِلَّا بعوض كَمَا مر، وَذَلِكَ كُله يُوجب كَونه بَائِنا وَلَا يرد الْمَجْنُون أَيْضا لِأَنَّهُ إِن طلق فِي حَال جُنُونه فَلَا يَصح طَلَاقه وَلَا يلْزم كَمَا لَا يَصح نِكَاحه أَيْضا فِي تِلْكَ الْحَالة، وَإِن طلق فِي حَال إِفَاقَته ثمَّ طَرَأَ جُنُونه فلوليه أَن يرتجع لَهُ حَيْثُ كَانَ لَا ترجى إِفَاقَته فِي الْعدة وَلَفظ من صَادِق عَلَيْهِ لِأَن الْوَلِيّ لَهُ أَن يجْبرهُ على ابْتِدَاء النِّكَاح كَمَا قَالَ (خَ) وجبر وَصِيّ وحاكم مَجْنُونا احْتَاجَ الخ. فَكيف بالجبر على الرّجْعَة وَإِن كَانَت ترجى إِفَاقَته فِي الْعدة فَلَا يرتجع إِلَّا إِذا أَفَاق. وَبِالْجُمْلَةِ فالمجنون بالإصالة لَا يَصح طَلَاقه كَمَا لَا يَصح نِكَاحه وَإِن طلق عَلَيْهِ وليه بعوض فالطلاق حِينَئِذٍ بَائِن لَا رَجْعِيّ، فَهَذَا الْمَجْنُون خَارج بقول (خَ) من ينْكح، وَأما إِن كَانَ طَرَأَ جُنُونه بعد الطَّلَاق فَهُوَ دَاخل فِي قَوْله: من ينْكح لِأَنَّهُ إِن لم ترج إِفَاقَته فلوليه أَن يرتجع لَهُ ووليه مِمَّن لَهُ إنكاحه، وَإِن رجيت إِفَاقَته فَلَا يرتجع إِلَّا فِي حالتها وَهُوَ مِمَّن فِيهِ أَهْلِيَّة النِّكَاح أَيْضا فِي تِلْكَ الْحَالة وَبِهَذَا كُله تعلم سُقُوط اعْتِرَاض شرَّاح (خَ) عَلَيْهِ وَمَا لَهُم فِي ذَلِك من الْخبط، وَتعلم أَن معنى قَوْله: من ينْكح أَي من فِيهِ أَهْلِيَّة صِحَة النِّكَاح، وَهُوَ الْعقل خَاصَّة لَا الْبلُوغ كَمَا لِابْنِ عبد السَّلَام خلافًا لما فِي ضيح وَالله أعلم. ثمَّ إِن الارتجاع لَا يَصح إِلَّا بالْقَوْل الصَّرِيح وَلَو هزلا وَبقول مُحْتَمل مَعَ نِيَّة لَا بِفعل دونهَا كَوَطْء كَمَا فِي (خَ) وَقد مر ذَلِك عِنْد قَول النَّاظِم: وَيملك الرّجْعَة فِي الرَّجْعِيّ الخ. وَتقدم أَنه لَا افتقار فِيهِ للصداق وَلَو قَبضته ردته كَمَا نَص عَلَيْهِ فِي المعيار، وَنَصّ عَلَيْهِ أَيْضا شرَّاح (خَ) عِنْد قَوْله فِي الرّجْعَة وَلَا صدَاق، وَأما عكسها وَهُوَ من ملك زَوجته أمرهَا إِن لم يقدم من سَفَره عِنْد رَأس السّنة فَإِن انْقَضتْ السّنة وَلم يحضر فَقَالَ لَهَا وَالِد الزَّوْج: اتركي صداقك وتزوجي من شِئْت فَفعلت فَقَالَ فِي المعيار أَيْضا: إِن كَانَت عَالِمَة بِأَن لَهَا فِرَاقه بِغَيْر شَيْء لَزِمَهَا مَا فعلته من ترك الصَدَاق وَإِن ظنت أَنَّهَا لَا تملك الْفِرَاق بِهَذَا التَّمْلِيك وَمثلهَا يجهل ذَلِك حَلَفت وَلها الرُّجُوع، وَلَو مَضَت السّنة وَلم تقض بِشَيْء حَتَّى طَال ذَلِك لم يلْزم الزَّوْج مَا فعله الْأَب من الْفِرَاق إِلَّا أَن يرضى اه بِاخْتِصَار. تَنْبِيه: ذكر فِي المعيار قبل نَوَازِل الرَّضَاع عَن سَيِّدي عِيسَى بن علال فِي الْوَطْء بَين الفخذين فِي عدَّة الطَّلَاق الرَّجْعِيّ غَيرنَا، وَبِه الرّجْعَة ثمَّ تزَوجهَا قبل تَمام الِاسْتِبْرَاء وَبعد انْقِضَاء الْعدة هَل يفرق بَينهمَا أم لَا؟ فَقَالَ: التَّفْرِيق بَينهمَا يَنْبَنِي على الِاخْتِلَاف فِي هَذَا الْوَطْء هَل يلْحق بِهِ الْوَلَد أم لَا؟ فعلى القَوْل بلحوق الْوَلَد يفْسخ النِّكَاح لِأَنَّهُ ناكح فِي الِاسْتِبْرَاء، وعَلى القَوْل بِعَدَمِ لُحُوقه لَا يفْسخ ويترجح هَذَا الثَّانِي بقول من قَالَ إِن وَطْء الرَّجْعِيَّة رَجْعَة وَإِن لم ينْو بِهِ الرّجْعَة اه. وَالْخلاف الْمشَار إِلَيْهِ فِي لُحُوق الْوَلَد نَقله عِيَاض فِي آخر الِاسْتِبْرَاء من التَّنْبِيهَات،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute