الأول أَو الْفُقَهَاء وَإِن أَمرهم بتصفح أَحْكَام الْمُتَّهم جَازَ لَهُم وَنَقَضُوا مَا لَيْسَ بصواب، فَإِن اخْتلف الْفُقَهَاء فَلَا ينظر إِلَى قَول أَكْثَرهم وَلَكِن ينظر فِي وَجه أَحْكَام الِاخْتِلَاف فَمَا رَآهُ صَوَابا قضى بِهِ، وَكَذَا القَاضِي إِذا اخْتلف عَلَيْهِ المشاورون. ابْن عبد الْبر فِي كافيه: وَلَا يجوز لَهُ أَن يشاور وَهُوَ جَاهِل لَا يُمَيّز الْحق من الْبَاطِل لِأَنَّهُ إِذا أُشير عَلَيْهِ وَهُوَ جَاهِل بِحكم لم يعلم هَل حكم بِحَق أَو بَاطِل اه. وَنَقله ابْن سَلمُون وَغَيره، وَهَذَا فِي الْعَاميّ الصّرْف كَمَا تقدم أول الْبَاب، وَإِلَى ذَلِك كُله أَشَارَ (خَ) بقوله: ونبذ حكم جَائِر أَو جَاهِل لم يشاور أَي: وَلَو وَافق كل مِنْهُمَا الْحق فِي ظَاهر الْأَمر وَلم تعلم صِحَة الْبَاطِن، فَإِن ثَبت بِالْبَيِّنَةِ صِحَة بَاطِنه فَلَا ينْقض وإلاّ تعقب وأمضى غير الْجور وَلَا يتعقب حكم الْعدْل الْعَالم قَالَ فِي المعيار عَن ابْن الْحَاج: وَالَّذِي يشاور من أهل الْعلم العابد الْخَيْر الدّين الْوَرع الْعَالم بِكِتَاب الله وَسنة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبأحكام من مضى الْعَارِف باللغة ومعاني الْكَلَام الموثوق بِدِينِهِ لَا يمِيل إِلَى هوى وَلَا طمع، وَقَالَ قبل ذَلِك: وَمَا أفتى مَالك حَتَّى استفتاه أَرْبَعُونَ محنكاً، والتحنك اللثام تَحت الحنك لِأَنَّهُ شعار الْعلمَاء فِي الْقَدِيم. مَا لَمْ يَخف بِنافِذِ الأحْكامِ فِتْنَةً أَو شَحْناً أُولِي الأرْحام (مَا لم يخف بنافذ الْأَحْكَام) . أَي بتنفيذها (فتْنَة) بَين الْخَصْمَيْنِ من قتل وَنَحْوه، فَيجب حِينَئِذٍ الْأَمر بِالصُّلْحِ وَلَو تبين الْحق لأَحَدهمَا قَالَه اللَّخْمِيّ (أَو شحنا) بِالْمدِّ وقصره ضَرُورَة أَي الْعَدَاوَة والبغضاء. (أولي الْأَرْحَام) أَو أولي الْفضل فَينْدب الْأَمر بِالصُّلْحِ فِي هذَيْن وَلَا يجب لقَوْل عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: رددوا الحكم بَين ذَوي الْأَرْحَام حَتَّى يصطلحوا فَإِن فصل الْقَضَاء يُورث الضغائن وأولو الْفضل كذي الرَّحِم، فقد ترافع إِلَى سَحْنُون رجلَانِ من أهل الْعلم فَأبى أَن يسمع مِنْهُمَا وَقَالَ لَهما: استرا على أنفسكما وَلَا تطلعاني على مَا ستره الله عَلَيْكُمَا. اللخميّ: وَالصُّلْح بَين الْأَقَارِب حق وَإِن تبين لأَحَدهمَا أَو لَهما وَعَلِيهِ اقْتصر شرَّاح الْمَتْن، ثمَّ لَا يَنْبَغِي أَن يرددهم أَكثر من مرَّتَيْنِ إِن طمع فِي الصُّلْح بَينهمَا كَمَا فِي التَّبْصِرَة وَابْن سَلمُون قَالَا: وَعَن بَعضهم أَن قَول عمر رَضِي الله عَنهُ: رددوا الحكم مَحْمُول على مَا إِذا لم يتَبَيَّن الْحق لأَحَدهمَا، وإلَاّ فَلَا يَنْبَغِي عدم إِنْفَاذه، وَقَول (ق) عَن ابْن حجر اسْتحبَّ الْجُمْهُور من غير الْمَالِكِيَّة للْحَاكِم أَن يُشِير بِالصُّلْحِ أَي بَين الْأَقَارِب والأرحام وَغَيرهمَا، وَإِن ظهرا الْحق الخ. مَعْنَاهُ وَالله أعلم بعد أَن يبين لمن وَجب لَهُ الْحق أَن الْحق لَهُ، وإلَاّ فَيمْنَع لِأَنَّهُ مُدَلّس بكتمانه ظُهُور الْحق لرَبه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute