وَأَيْضًا فَإِن الظَّاهِر من فَتْوَى الْمَازرِيّ المنقولة فِي الْبُرْزُليّ وَغَيره أَنهم إِنَّمَا أناطوا ذَلِك بالحكم لما فِي مُدَّة التَّعْمِير من الْخلاف وَهُوَ لَا يرْتَفع عِنْد الأقدمين إِلَّا بالحكم، وَأما على مَا عِنْد الْمُتَأَخِّرين من أَنه يتَعَيَّن الحكم بالمشهور أَو الرَّاجِح أَو مَا بِهِ الْعَمَل فَلَا يتَوَقَّف إِرْثه وَلَا اعْتِدَاد زَوجته على الحكم بتمويته، بل إِذا قسموا يَوْم بُلُوغه مُدَّة التَّعْمِير الَّذِي هُوَ السبعون على مَا هُوَ الْمَشْهُور فِيهِ فقسمهم مَاض فَلَا يحرم من مَاتَ بعده وَقبل الحكم لِأَن الْخلاف حِينَئِذٍ مَرْفُوع بِوُجُوب اتِّبَاع الْمَشْهُور، وَالْقَاعِدَة أَن من فعل فعلا لَو رفع إِلَى القَاضِي لم يفعل غَيره فَفعله مَاض كَمَا تقدّمت الْإِشَارَة إِلَيْهِ فِي غير مَا مَوضِع فَتَأَمّله وَالله أعلم. ثمَّ أَشَارَ إِلَى مَفْهُوم قَوْله فِي غير حَرْب فَقَالَ: وَإِن يَكُنْ فِي الحَرْبِ فالمشْهُورُ فِي مالِه والزَّوْجَةِ التَّعمِيرُ (وَإِن يكن) فقد بِأَرْض الْكفْر (فِي) وَقت (الْحَرْب) والقتال مَعَهم (فَالْمَشْهُور) من قَوْلَيْنِ كَمَا لِابْنِ رشد فِي الْبَيَان (فِي مَاله وَالزَّوْجَة التَّعْمِير) لِأَن الأَصْل هُوَ الْحَيَاة فَيحمل أمره على الأَصْل فَلَا يقسم مَاله وَلَا تتَزَوَّج زَوجته إِلَّا بعده وَبعد الحكم بِمَوْتِهِ على مَا مر تَفْصِيله فِي المفقودين فِي غير الْحَرْب والأسير الْمُتَقَدِّمين، ثمَّ أَشَارَ إِلَى أَن أمد التَّعْمِير فِيهِ خلاف فَقَالَ: وَفِيهِ أَقْوَالٌ لَهُمْ مُعَيَّنَهْ أصَحُّهَا الْقَوْلُ بِسَبْعِينَ سَنَهْ (وَفِيه) أَي أمد التَّعْمِير فِي جَمِيع مَا مر (أَقْوَال لَهُم مُعينَة) فَقَالَ ابْن الْقَاسِم وَأَشْهَب وَمَالك مرّة سَبْعُونَ سنة وَهُوَ أَصَحهَا كَمَا قَالَ: (أَصَحهَا القَوْل بسبعين سنة) وَبِه صدر (خَ) حَيْثُ قَالَ: وَهُوَ أَي التَّعْمِير سَبْعُونَ وَاخْتَارَ الشَّيْخَانِ ثَمَانِينَ وَقَالَ مَالك وَابْن الْقَاسِم مرّة ثَمَانُون وَاخْتَارَهُ الشَّيْخَانِ وَابْن مُحرز كَمَا مر عَن (خَ) قَالَ ابْن سَلمُون: وَبِه الْقَضَاء وَالْعَمَل. وَقَالَ ابْن الْمَاجشون، وَمَالك: مرّة: تسعون، وَعند أَشهب وَابْن الْمَاجشون أَيْضا: مائَة، وللداودي عَن مُحَمَّد بن عبد الحكم: مائَة وَعِشْرُونَ، وعَلى الأول إِذا فقد وَهُوَ ابْن سبعين زيد لَهُ عشرَة أَعْوَام، وَكَذَا إِن فقد وَهُوَ ابْن ثَمَانِينَ، وَإِن فقد وَهُوَ ابْن خمس وَتِسْعين زيد لَهُ خمس سِنِين، وَإِن فقد وَهُوَ ابْن مائَة اجْتهد القَاضِي فِيمَا يُزَاد لَهُ، وَقيل يُزَاد لَهُ عشر، وَقيل الْعَام والعامان وَإِن فقد وَهُوَ ابْن مائَة وَعشْرين تلوم لَهُ الْعَام وَنَحْوه قَالَه ابْن عَرَفَة. ثمَّ أَشَارَ إِلَى القَوْل الثَّانِي وَهُوَ مُقَابل الْمَشْهُور الْمَذْكُور فَقَالَ: وَقَدْ أَتَى قَوْلٌ بِضَرْبِ عَامِ مِنْ حِينَ يَأْسٍ مِنْهُ لَا القِيَامِ (وَقد أَتَى قَول) فِي الْمَفْقُود فِي الْقِتَال الَّذِي بَين الْمُسلمين وَالْكفَّار (بِضَرْب عَام) بعد الْبَحْث
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute