للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ورده ابْن عبد الْبر بِالْإِجْمَاع إِلَّا أَن يطول زمن مَا بَين علمه بجرحته وَبَين الشَّهَادَة بتعديله فَيعْمل على التَّعْدِيل قَالَه أصبغ وَابْن عَبدُوس عَن ابْن الْقَاسِم، وَأما الْعَكْس وَهُوَ أَن يعلم الْعَدَالَة ويجرحه آخَرُونَ، فَالْحق أَنه لَا يعْمل فِيهِ على علمه لِأَن غَيره علم مَا لم يُعلمهُ إِلَّا أَن يتَحَقَّق نفي السَّبَب الَّذِي جرحوه بِهِ كَمَا لَو جرحوه بِشرب الْخمر وَقت كَذَا وَهُوَ يعلم أَنه أكره عَلَيْهِ (خَ) بِخِلَاف الْجرْح وَهُوَ الْمُقدم، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يشْهد بِمَا علمه مِنْهُم عِنْد غَيره كَمَا فِي التَّبْصِرَة وَكَذَا يسْتَند للشهرة بالجرحة وَالْعَدَالَة، فقد شهد ابْن أبي حَازِم عِنْد قَاضِي الْمَدِينَة فَقَالَ: أما الِاسْم فاسم عدل، وَلَكِن من يعرف أَنَّك ابْن أبي حَازِم. ابْن عَرَفَة: شهد البرقي فَقِيه المهدية فِي مسيره لِلْحَجِّ عِنْد قَاضِي الاسكندرية، فَلَمَّا قَرَأَ اسْمه قَالَ: أَنْت البرقي فَقِيه المهدية؟ قَالَ: نعم فكلف الْمَشْهُود لَهُ الْبَيِّنَة على أَنه هُوَ وَحكم بِشَهَادَتِهِ دون طلب تعديله، ثمَّ مَحل كَلَام النَّاظِم مَا لم يقر الْخصم بعدالة الشَّاهِد، وإلاّ فَيحكم عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِ وَلَو علم جرحته أَو شهِدت الْبَيِّنَة بهَا خلافًا لأصبغ وَسَوَاء أقرّ بهَا قبل الْأَدَاء أَو بعده لِأَن إِقْرَاره بِالْعَدَالَةِ كَالْإِقْرَارِ بِالْحَقِّ، فَفِي الْبُرْزُليّ: إِن بَعضهم كَانَ إِذا شهد عِنْده من لَا يرتضيه يتلطف فِي رد شَهَادَته وَالْعَمَل بِإِقْرَار الْمَطْلُوب فَيَقُول: مَا تَقول فِي شَهَادَة فلَان. فَيَقُول؟ هُوَ عِنْدِي صَادِق أَو شَهَادَته صَحِيحَة اه. (خَ) أَو إِقْرَار خصم بِالْعَدَالَةِ وَظَاهر التَّعْلِيل أَنه يحكم عَلَيْهِ، وَلَو رَجَعَ عَن إِقْرَاره وَكَانَ الشَّاهِد وَاحِدًا من غير يَمِين الطَّالِب، مَعَ أَن ابْن عَرَفَة بحث فِي هَذِه الْمَسْأَلَة بِمَا يعلم بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْن عبد السَّلَام: يَنْبَغِي أَن يتَأَوَّل على مَا إِذا أقرّ بعدالته بعد أَدَاء الشَّهَادَة لَا قبلهَا لأَنهم قَالُوا: إِذا قَالَ أحد الْخَصْمَيْنِ كل مَا شهد بِهِ على فلَان حق فَشهد عَلَيْهِ أَنه لَا يلْزمه لِأَنَّهُ يَقُول: ظَنَنْت أَنه لَا يشْهد إِلَّا بِحَق. ضيح: وَفرق بَينهمَا بِأَنَّهُ إِذا أقرّ بعدالته أَي بِأَمْر مُتَقَدم يُعلمهُ مِنْهُ بِخِلَاف من الْتزم مَا يشْهد بِهِ لِأَنَّهُ يَقُول: ظَنَنْت أَنه لَا يشْهد إِلَّا بِحَق اه. فَتَأمل هَذَا الْفرق فَإِن كَانَ مَعْنَاهُ أَن الْإِقْرَار بِالْعَدَالَةِ كَانَ بعد علمه بِمَا شهد بِهِ عَلَيْهِ كَانَ ذَلِك قبل الْأَدَاء عِنْد القَاضِي أَو بعده كَمَا يدل عَلَيْهِ التَّعْلِيل من أَنه كَالْإِقْرَارِ بِالْحَقِّ فَهُوَ مَا يَقُوله ابْن عبد السَّلَام لِأَنَّهُ مُرَاده بِالْأَدَاءِ، وَإِن كَانَ المُرَاد أَنه أقرّ بهَا قبل أَن يعلم بِشَهَادَتِهِ فَلَا يخفى أَنه لَا فرق بَينه وَبَين قَوْله: كل مَا شهد بِهِ فلَان حق إِذْ لَا يَقُول ذَلِك حَتَّى يكون فلَان عدلا عِنْده، وَقد قَالُوا: إِنَّه لَا يكون بِمُجَرَّدِهِ إِقْرَارا، وَلَكِن ينظر إِن كَانَ فلَان عدلا لَزِمته شَهَادَته مَعَ يَمِين الطَّالِب، وإلَاّ فَلَا هَذَا مُحَصل قَول (خَ) فِي الْإِقْرَار كَأَن حلف فِي غير الدَّعْوَى أَو شهد فلَان الخ، أَي فَلَا شَيْء عَلَيْهِ، وَلَو حلف أَو شهد لِأَنَّهُ يَقُول: ظَنَنْت أَن لَا يحلف على الْبَاطِل وَأَن لَا يشْهد بِهِ. ابْن سهل: هَذَا إِذا أنكر ذَلِك حِين شهد عَلَيْهِ أما إِذا سكت حِين الشَّهَادَة ثمَّ رَجَعَ لم يكن لَهُ ذَلِك، وَهَذَا الأَصْل فِي كل من الْتزم مَا لَا يلْزمه بِحكم اه. ثمَّ يبْقى النّظر هَل يعْذر فِيهِ للْمَشْهُود عَلَيْهِ إِن كَانَ عدلا أَو لَا لِأَنَّهُ قد سلم شَهَادَته؟

<<  <  ج: ص:  >  >>