(وآبر) بِمَعْنى مَأْبُور كدافق بِمَعْنى مدفوق وَهُوَ صفة لمَحْذُوف أَي: وثمر آبر (من زرع أَو من شجر) وَسَيَأْتِي للناظم أَن التَّأْبِير فِي الزَّرْع هُوَ ظُهُوره للعيان، وَفِي ثمار الشّجر عقدهَا وَثُبُوت مَا يثبت مِنْهَا فَمن بَاعَ أَرضًا فِيهَا زرع أَو شَجرا فِيهَا ثَمَر وَلم يتَعَرَّض للثمار وَلَا للزَّرْع فَمَا كَانَ من ذَلِك مؤبراً فَذَلِك كُله (لبائع إِلَّا بِشَرْط المُشْتَرِي) إِدْخَاله فِي البيع لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: (من بَاعَ نخلا قد أبرت فثمرها للْبَائِع إِلَّا أَن يَشْتَرِطه الْمُبْتَاع) اه. وأبرت فِي الحَدِيث الْكَرِيم بِضَم الْهمزَة وَتَشْديد الْمُوَحدَة، وَلأبي ذَر: أبرت بِضَم الْهمزَة وَتَخْفِيف الْمُوَحدَة وَهُوَ الْأَكْثَر قَالَه الْقُسْطَلَانِيّ، وَإِنَّمَا جَازَ للْمُشْتَرِي اشْتِرَاطه مَعَ أَنه لَا يَصح بَيْعه لعدم بَدو صَلَاحه لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تبع للْأَصْل وَلَيْسَ بمقصود فِي نَفسه، وَلِهَذَا لَا بُد أَن يشْتَرط جَمِيع الثَّمر أَو الزَّرْع، فَإِن اشْترط بعض مَا أبر وَترك غَيره فسد البيع كَمَا قَالَ: وَلَا يَسُوغُ بِاشْتِرَاطِ بَعْضِهِ وَإنْ جَرَى فَلا غِنَى عَنْ نَقْضِهِ (وَلَا يسوغ) البيع (بِاشْتِرَاط بعضه وَإِن جرى) أَي: وَقع اشْتِرَاط البيع (فَلَا غنى عَن نقضه) وَفسخ ذَلِك البيع من أَصله لِأَنَّهُ بِاشْتِرَاط بعضه قصد لبيع الثَّمَرَة قبل بَدو صَلَاحهَا، وَكَذَا لَا يجوز اشْتِرَاطهَا إِذا اشْترى الأَصْل بِطَعَام أَو شراب أبرت أم لَا، إِلَّا أَن يشْتَرط الجذ مَكَانَهُ. تَنْبِيه: إِذا أبرّ الْبَعْض دون الْبَعْض فَإِن كَانَ المأبور قدر الثُّلُث فدون كَانَ تَابعا للْأَكْثَر وَيكون الْجَمِيع للْمُبْتَاع، وَإِن كَانَ المأبور الْأَكْثَر كَانَ للْبَائِع إِلَّا بِشَرْط الْمُبْتَاع، وَإِن تَسَاويا نظرت فَإِن كَانَ المأبور على حِدة كَانَ للْبَائِع وَمَا لم يؤبر كَانَ للْمُبْتَاع، وَإِن كَانَ مختلطاً فَقيل للْبَائِع وَقيل للْمُبْتَاع ثَالِثهَا للعتبية والموازية أَن البيع لَا يجوز إِلَّا أَن يرضى البَائِع أَن يسلم الْجَمِيع للْمُبْتَاع. قَالَ ابْن الْعَطَّار: أَو يرضى الْمُبْتَاع أَن يتْرك ذَلِك للْبَائِع فَيصح بِهِ البيع. المتيطي: وَبِهَذَا الْقَضَاء اه. وَغَيْرُ مَا أُبِّرَ لِلْمُبْتَاعِ بِنَفْسِ عَقْدِهِ بِلَا نِزَاعِ (وَغير مَا أبر) من زرع أَو ثَمَر فَهُوَ (للْمُبْتَاع بِنَفس عقده) على الأَصْل من غير احْتِيَاج إِلَى شَرطه (بِلَا نزاع) بَين الْفُقَهَاء أخذا بِمَفْهُوم الحَدِيث الْمُتَقَدّم لِأَنَّهُ لما قَالَ فِيهِ: تكون للْبَائِع دلّ ذَلِك على أَنَّهَا تكون للْمُبْتَاع إِذا لم تؤبر، وَاشْتِرَاط الْمُبْتَاع لَهُ زِيَادَة تَأْكِيد كَمَا هُوَ ظَاهر. قَالَ ابْن فتحون: وَإِذا كَانَ فِي الشّجر ثَمَرَة لم تؤبر أَو زرع لم يظْهر فَلَا يجوز للْبَائِع اسْتثِْنَاء ذَلِك كالجنين فِي بطن أمه وَهُوَ للْمُشْتَرِي بِمُقْتَضى العقد، وَلَا يجوز للْمُبْتَاع اشْتِرَاطه لِئَلَّا تقع لَهُ حِصَّة من الثّمن، وَقد يُمكن أَن لَا يثبت فَيكون من الْغرَر اه. وَنَحْوه فِي الْمُتَيْطِيَّة قَالَ ابْن عتاب: وَفِي نَوَازِل سَحْنُون أَنه جَازَ اشْتِرَاطه فِي العقد، وَلم يذكر ابْن رشد غَيره اه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute